الخميس 25/أبريل/2024

الشهيد القائد جمعة الطحلة سيرة حافلة بالتصنيع والإعداد

بعد مسيرة زاخرة بالإنجازات والعطاء والجهاد، حيث كان برفقة عدد من إخوانه المجاهدين في موقع عملياتي يساهمون في إدارة معركة الشرف والكرامة، معركة “سيف القدس” استهدفهم الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.

يوم الأربعاء تاريخ 30 رمضان 1442 الموافق 12/5/2021 استشهد القائد جمعة عبد الله الطحلة على أرض فلسطين المباركة بعد سنوات طويلة قضاها في التصنيع والجهاد والإعداد.

إنه شهيد رمضان، شهيد ليلة القدر، شهيد القسام، شهيد غزة.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من خير معاش الناس لهم، رجل ممسك بعنان فرسه في سبيل الله، يطير على متنه، كلما سمع هيعة أو فزعة طار عليه يبتغي القتل والموت مظانه”.

وقد طلب صاحبنا الشهادة في عدة مواضع، ولم يسمع عن معركة من معارك المسلمين في زمانه، إلا وطار إليها، ترعرع في أسرة محافظة ومجاهدة أصولها من الرملة في فلسطين، هاجرت منها بضغط العصابات الصهيونية إلى الأردن، التي ترعرع فيها وتربى في مدرسة الإخوان المسلمين، على يد الأستاذ الشهيد يوسف العظم شاعر الأقصى، وفي مدرسة الصبر لدى الدكتور محمد أبو فارس رحمه الله، ولدى رمز الجهاد الدكتور عبد الله عزام رحمه الله، وقد عشعش حب فلسطين في قلبه، وكان يحدث نفسه كي يشارك إخوانه في الجنوب اللبناني معاركهم ضد العدو الصهيوني، حينما تجرأ بالدخول إلى بيروت عام 1982، وشارك في العمل الجهادي ضد الاجتياح الإسرائيلي للبنان، وامتلك هناك مهارة قتال العدو الصهيوني والمواجهة، فاحترف حمل السلاح بكل ثقة وإقدام، ثم لبى نداء الجهاد في أفغانستان، وكان مثالا في التضحية والصمود، وامتلك هناك مهارة تصنيع الأسلحة الخفيفة وأعتدتها، ثم عاد إلى الأردن بعد أن انتصر الجهاد هناك، ليبحث عن فسحة الجهاد مرة ثانية وطال انتظار هذا الدور، فانتقل إلى العمل في أبو ظبي وعمل في تخصصه الهندسي، وقام بإنشاء شركة مقاولات ينتقل من ورشة إلى أخرى، ويتابع أخبار العالم الإسلامي منتظرا مكانه الصحيح فيه وباحثا عن ميدان للجهاد في فلسطين يلبي فيه أمر الحق سبحانه وتعالى، ولكي يثخن في أعداء الله ويساهم في تحرير بلاده التي أحبها وعشق ترابها.

في بداية 2000 قامت كتائب القسام في سوريا بإنشاء قسم التصنيع العسكري لدائرة الإعمار، وقد كان للجبهة الشعبية- القيادة العامة الفضل في توفير بعض مستلزمات وورش العمل، والتي كان مركزها في منطقة حوش الفارة في الغوطة الشرقية من دمشق، وبدأت أعمال البحث والتطوير العلمي لتحسين سلاح كتائب القسام والمقاومة ولتقديم الإسناد اللازم لتطوير الفعل العسكري لكل من الضفة وغزة.

وفي عام 2006 برزت هنالك حاجة لدى كتائب القسام في سوريا لشخص قيادي يدير أعمال قسم التصنيع والتطوير العسكري، الذي توسع عمله وكبر حيث عمل في تطوير وتصميم الصواريخ وفي تصميم وتصنيع الطائرات بدون طيار وفي الدوائر الإلكترونية والبرمجيات الخاصة ووسائل التواصل والاتصال، فتقصّوا عمن يستلم هذه المهمة التي ينجبل فيها حب التضحية والشجاعه والإقبال والعلم، فأشار إليه الدكتور إياد السفاريني -رحمه الله-، وهو أحد مؤسسي قسم التصنيع العسكري لكتائب القسام في سوريا، حيث خبره فترة من الزمن، ولكن لم يكن يعرف سبيلا للوصول إليه، فقامت الكتائب بالبحث عمن يقوم بهذه المهمة التي أنيط بها لشيخه ومعلمه الحج (م.) -حفظه الله- الذي قام بالاتصال عليه في الإمارات طالبا منه الحضور إلى سوريا لتلبية نداء الواجب، حيث كان مقر قيادة حركة حماس إذّاك، وكان هذا في يوم اثنين فحضر بعد يومين -الأربعاء- ولم يتوانَ في التلبية، ولم يتلعثم في الرد ليستلم مهامه الجهادية.

فترك شركته ومقاولاته، وترك الإمارات وسافر ليستقر في سوريا، ويعمل في قسم التصنيع لحركة حماس عام 2007، والذي أصبح مديرا له بعد ستة أشهر، وكان متلهفا للعمل ومتفانيا فيه يريد أن يعوض تلك السنوات التي قضاها في الحياة المدنية، باحثا فيها عما يلبى طموحه للمشاركة الجهادية في تحرير بلده فلسطين، وانتسب لقوات دائرة الإعمار في قسم التصنيع العسكري، بل أصبح من أبرز قياداتها على الرغم من انتقاله للعمل في ميدان غزة، إلا أن ارتباطه الإداري مع حماس الخارج استمر حتى استشهاده حاله حال إخوة آخرين سافروا لميدان القتال في غزة تلبية لنداء الواجب.

وقد أبدع في أكبر عملية انتقال لأعمال قسم التصنيع العسكري إلى التخصصات العلمية ذات الأثر الفعلي في ميدان الحرب في فلسطين، كان يرسل لإخوانه المجاهدين ما كان يتوصل إليه هو ومن معه من نتائج أبحاث علمية تفيد عمل كتائب القسام بالميدان، في ظل الحصار وقلة الدعم، فقد نقل التصنيع بعمله من نظرية التجربة والخطأ إلى نظرية البحث والتطوير العلمي، والذي وفر بذلك على الحركة كثيرا من الجهود والأموال والأوقات، كما ظهرت إبداعاته -رحمه الله- في أعمال التصنيع العسكرية والبحث العلمي خصوصا في العناوين التالية:-

1-تصميم وتصنيع الصواريخ.
2-تصميم وتصنيع الطائرات.
3-تصنيع العتاد وقوالب العمل فيه.
4-الدوائر الإلكترونية.
5- إنشاء البرمجيات الكمبيوترية والتعديل عليها.

فقد كان موسوعة علمية تتحرك على الأرض، إضافة إلى جرأته التي لا يعرف فيها ذرة الخوف متوكلا على ربه في حله وترحاله.

ثم سعى وبكل طاقته لكي يساهم عمليا مع كتائب القسام، ولم يكن يملك تصريحًا أو هوية مواطنة في غزة، فبحث عن طرق للوصول إلى هناك، وتمكن من ذلك، ولكن بعد معاناة في طريق سفره لغزة العزة استمرت عامين كاملين!! حيث اعتقل لدى الأمن الوطني المصري مدة سنتين هو وإخوة آخرون، وتعرض لتعذيب شديد وبعدة أشكال!! منها التعذيب بالكهرباء التي كان حينما يمرر على جسده سلك الكهرباء كان يشعر بغليان دماغه.

ولكنه صمد في المعتقل وقرر أن ينتقم، ولكن عبر تحقيق الأذى في العدو الصهيوني فهو أساس ما جرى معه، وفعلا خرج من معتقل أبو زعبل عام 2011، وأخيراً وصل إلى غزة العزة، حيث استقبله إخوانه من قيادة كتائب القسام استقبالا كريما، فاندمج معهم في أعمال التطوير العلمي لسلاح المقاومة، وبقي على تواصله مع إخوانه في الخارج الذين شكلوا قاعدة إسناد ودعم لعمله، فأجرى الله على يديه أعمالاً طيبة نلمس جزءا من أثرها في ميدان القتال ضد العدو الصهيوني.

انتقل القائد جمعة الطحلة إلى الرفيق الأعلى في معركة “سيف القدس” معركة الدفاع عن القدس والأقصى وحي الشيخ جراح.. بعدها زرع هو وإخوانه من أبناء فلسطين، أبناء حماس والقسام في الداخل والخارج، تجربة عسكرية ضخمة، وشيدوا قلاعاً علمية وبشرية للمقاومة، تسير على مشروع التحرير والعودة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات