السبت 27/يوليو/2024

طائرات الموت.. تختطف حياة الشقيقين بركة

طائرات الموت.. تختطف حياة الشقيقين بركة

منذ أربعة أيام توزع الطائرات “الإسرائيلية” الموت فوق رؤوس المدنيين في بلدات قطاع غزة المحاصر وخيماته، حاصدةً أكثر من 83 ضحية و487 جريحا.

لم ينتبه أحد إلى أن صوت الانفجار الذي هزّ حي المشاعلة جنوب غرب دير البلح -ليلة الثلاثاء- اختتم اللحظات الأخيرة من حياة الشقيقين منذر ومنار عبدالكريم بركة (19 و21 عاماً).

وكانت طائرة بدون طيار أطلقت صاروخاً على الشقيقين بركة خلال عودتهما من العمل في مزرعة دواجن يملكها والدهما قرب شاطئ دير البلح؛ ما أدى إلى استشهاد أحدهما وإصابة آخر بجراح بليغة استشهد على إثرها قبل وصوله مستشفى شهداء الأقصى.

وحده والد الشقيقين السيد عبد الكريم بركة من ساورته الشكوك عن غيبة ولديه التي طالت بعد ساعة من افتراقهما في العمل حتى ثبّت شكوكَه اتصالٌ من أسرته يؤكد له عدم وصولهم البيت.

مزرعة الموت
في كل مرة يقصف فيه الاحتلال مواقع المقاومة جنوب غرب دير البلح تتناثر شظايا الصواريخ قرب المزرعة وأحيانا قرب جدرانها لكن ما جرى مع عمال المزرعة هو جريمة اغتيال مع سبق الإصرار والترصد.

يقول محمد بركة -ابن عم الشهيدين-: إن عمه يعمل في مزرعة للدواجن قرب شاطئ دير البلح يتناوب على العمل فيها مع نجليه منذر ومنار منذ عدة سنوات.

بعد ساعة من مغادرة الطيران الحربي الذي شنّ غارات ليلة الثلاثاء على مواقع المقاومة القريبة من المزرعة، دعا الأب ولديه للمغادرة على أن يلحق بهما بعد ساعة.

ويضيف محمد: “خلت الأجواء من الطائرات فخرج الشقيقان في رحلة العودة وعلى بعد 200 متر من المزرعة ظهرت طائرة بدون طيار، وأطلقت صاروخاً عليهما خلال اجتيازهما الطريق الزراعي، فقتلتهما دون ذنب يذكر”.

سمع الأب صوت الانفجار لكنه لم يتوقع أن يكون من نصيب نجليه، فزار بعد مغادرته المزرعة عدداً من أصدقائه قبل أن يتصل به أهله يسألون عن تأخرهم في العمل.

ويشير محمد أن الأب أسرع لسلوك طريقه المعتادة مع ولديه إلى المزرعة فوجد أحدهما مضرجاً في دمه على الأرض والثاني مصابًا بجراح حرجة بعد أن أصابتهما الشظايا في أنحاء جسديهما جميعا.

وفقد عبد الكريم بركة في الغارة الإسرائيلية نجليه اللذين أنجبهما بعد 15 عاماً من الزواج، ولم يبق من أسرته سوى نجله محمد وزوجته.

ويقول أبو خالد بركة، أحد أقارب الشهداء: إن القصف وقع في منطقة زراعية خالية من الحركة، ولا يستخدمها سوى المارّة والمزارعون، مستهجناً ما جرى مع أقاربه دون سبب يذكر.

ويتابع لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “هذه أسرة فقيرة كان الأب مغتربًا، ثم عاد لقطاع غزة، وبدأ يرتزق من عمله في مزارع الدواجن، وهو مرة يربح ومرتين يخسر، وحالتهم المادية صعبة”.

وكانت شظايا الصاروخ تركت جروحاً غائرة في جسد الشقيقين خاصة الجزء السفلي، ما أدى لنزيف حاد فارقا على إثره الحياة وحيدين على بعد 200 متر من مزرعة الدواجن.

اغتيال صامت
الأطفال في غزة ينامون بنصف الجفون منذ يومين؛ فأصوات الانفجارات الناجمة من قصف المدفعية والطائرات الحربية لم تدع مجالاً للراحة أو السبات.

اختلط على سكان المنطقة الغربية من دير البلح أصوات انفجارات متتابعة دون أن ينتبهوا أن أحدها كان بعيداً عن المناطق المستهدفة وجرى تحت جنح الظلام بحق شابين بريئين.

ويؤكد محمد بركة أن الشهيدين مكثا قرابة ساعة دون أن يراهما أحد، وأن قصفهما أمر عجيب من جيش يملك أسلحة وتقنية متطورة وجّه من خلالها صاروخًا لمدنيين يسيران على طريق زراعي.

وقال شاهد عيان لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام“: إن عربة الدفاع المدني كانت قرب مكان القصف، لكنها تفاجأت بوجود شهداء، فجرى استدعاء عربة الإسعاف على عجل؛ لتقلهما إلى مستشفى شهداء الأقصى.

ويأسف أبو خالد بركة -أحد أقارب الضحايا- لمصير شابين في مقتبل العمر يمضيان معظم الليل والنهار في مزرعة الدواجن لكسب ما يعينهما على أعباء الحياة بعد أن تكبدوا خسائر متتالية في شهور سابقة بسبب حصار غزة.

وشيع مئات المواطنين جثماني الشقيقين بركة إلى مقبرة مدينة دير البلح -ظهر الأربعاء-، لكن حالة من الدهشة تخيم على أقارب الشهيدين وأصدقائهم بعد أن فقدا شابّين بصاروخ طائرة إسرائيلية لا تخطئ الهدف، ولكنها تتقن قتل الفلسطيني أينما كان وكيفما حلّ.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات