الأحد 16/يونيو/2024

مؤسسات المجتمع المدني.. بين جرائم الاحتلال وانتهاكات السلطة

مؤسسات المجتمع المدني.. بين جرائم الاحتلال وانتهاكات السلطة

من جديد تقف الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية في مواجهة احتكار السلطة الفلسطينية للقرارات بقوانين، والتي تأتي هذه المرة من خلال مرسوم رئاسي صدر -الثلاثاء- بشأن مؤسسات المجتمع المدني.

هذا القرار أثار سخطاً كبيراً في صفوف مؤسسات المجتمع المدني وعلى المستوى الفصائلي؛ لكونه يتعارض مع القانون الأساسي والاتفاقيات الدولية، ويتعارض مع مجريات الحوار الوطني وضرورة التوافق على جميع القضايا مكرساً سياسة التفرد والإقصاء.

وحسب مراقبين؛ فإن التعديل يهدم ما تبقى من نظام سياسي فلسطيني يتعلق بقانون الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية ذات التاريخ العريق في فلسطين، في ظل هجمة شرسة تتعرض لها المؤسسات الأهلية من “إسرائيل”.

المرسوم الذي أصدره رئيس السلطة محمود عباس وفق “قرار بقانون”، حمل الرقم (7) لعام 2021، بشأن الجمعيات الأهلية، تضمّن ثمانية بنود، أكثرها خطورةً: المادة الثانية، التي تنص على تعديل المادة رقم (13) من القانون الأصلي، وتشترط المادة المعدّلة، ضرورة تقديم الجمعيات، خطة عملها السنوية للوزارة المختصة، ووصفًا لأنشطتها وموازنتها.

وفي هذا السياق، أعرب عمار دويك -مدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان- عن رفضه للقرار، مشيراً أن القرار بقانون يمثل مساساً خطيراً ومباشراً بالحق في تشكيل النقابات والجمعيات والاتحادات والروابط الذي كفله القانون الأساسي في المادة (26) منه.

وأوضح دويك، في تصريح خاص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“، أن القرار يناقض المرسوم الرئاسي الصادر بتاريخ 20/2/2021 بشأن تعزيز الحريات العامة، ويضر جوهريًّا ببيئة الحقوق والحريات قبيل العملية الانتخابية.

وقال دويك: إنه من المؤسف أن هذا القرار بقانون يأتي في الوقت الذي تواجه فيه مؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية حملة تحريض منظمة من دولة الاحتلال ومحاولة وصمهم بـ”الإرهاب” لتجفيف منابع تمويلها، خاصة على ضوء ما تقوم به المؤسسات الفلسطينية من دور في فضح جرائم الاحتلال ودعم صمود الفلسطينيين على أرضهم.

وأكد أن القرار بقانون المعدل وضع قيوداً جديدة غير مبررة وغير ضرورية على ممارسة الجمعيات والمنظمات الأهلية لأنشطتها باستقلالية وحرية، وجعل منها مجرد دوائر تتبع وزارات الاختصاص في السلطة التنفيذية.

وذكر أنه يمثل تناقضا واضحا لطبيعة عمل الجمعيات ومبررات وجودها في الحيز العام، باعتبارها جهات رقابية على أداء المؤسسات الرسمية وشريكة في التنمية وفي صناعة السياسات والقرارات الوطنية، ومن المفترض أن تمارس أدوارها ومسؤولياتها باستقلالية وحرية كاملة.

وقال: إن القانون الجديد ألزم الجمعيات والهيئات بأن تكون خطة عملها السنوية منسجمة مع خطة وزارة الاختصاص، بعيداً عن رؤية ورسالة وأهداف تلك الجمعيات.

وأضاف: “كما اشترط أن يتضمن التقرير المالي الذي تقدمه الجمعيات إلى وزارة الاختصاص، بيانات تفصيلية ومؤشرات حول الأثر الناتج عن مشاريع ونشاطات السنة المالية، الأمر الذي يجعل من وزارة الاختصاص جهة الحكم على نتائج وأنشطة الجمعيات وأثرها دون معايير أو أسس واضحة”.

كما أفاد أن القرار أتاح التدخل غير المبرر في الأوضاع الوظيفية والمالية للجمعيات والهيئات الأهلية، بنصه في المادة الثالثة منه على تحديد سقف أعلى لرواتب الموظفين والمصاريف التشغيلية في الجمعية أو الهيئة بما لا يزيد على (25%) من إجمالي الميزانية السنوية، دون النظر في طبيعة عمل هذه المؤسسات، الأمر الذي من شأنه في حال تطبيقه على أرض الواقع أن يؤدي إلى إغلاق العديد من الجمعيات والهيئات الأهلية وفقدان مئات الأشخاص لوظائفهم في تلك المؤسسات.

وأكد أن هذا القرار بقانون يتنكر للدور الوطني الذي تؤديه مؤسسات المجتمع المدني، ويقوض العمل الأهلي في فلسطين بصورة غير مسبوقة، كما أنه يضر بجهود المصالحة وإجراء الانتخابات.

وطالب دويك بسحب القرار بقانون رقم (07) لسنة 2021 بشأن تعديل قانون الجمعيات والهيئات الأهلية رقم (01) لسنة 2000 وتعديلاته، واعتباره كأن لم يكن.

من جهته قال أمجد الشوا -رئيس شبكة المنظمات الأهلية-: إنهم ينظرون بخطورة بالغة تجاه التعديلات على قانون الجمعيات، والتي صدرت ضمن مرسوم الرئيس والذي تم دون التشاور مع منظمات المجتمع المدني.

وأكد الشوا، في تصريح خاص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“، أن القرار يمثل انتكاسة حقيقية، ويُقوّض استقلالية العمل الأهلي، ومحاولة فرض التبعية لهذه للمؤسسات الحكومية، مشيراً إلى أنه يهدم دورها الرقابي على أداء السلطة التنفيذية والسعي للمحاسبة على انتهاكاتها.

واستهجن الشوا تحديد المصاريف التشغيلية للجمعيات والهيئات الأهلية بما لا يتجاوز 25%، مشدداً أن هذا الأمر يمثل نسف للعمل الأهلي الفلسطيني التي تقوم بدور كبير سواء على تقديم الخدمات في مجال الصحة والزراعة وحقوق الإنسان والمرأة وذوي الإعاقة.

وحول الخطوات التي ستقوم بها المنظمات الأهلية قال: “نسعى لحشد موقف وطني رافض لهذه التعديلات ومطالبة بإلغاء القرار بقانون والعمل باتجاه احترام الحق في تشكيل الجمعيات وضمان استقلاليتها”، لافتاً إلى أنهم بدأوا خطواتهم تصاعديًّا.

وأكد أن القرار بقانون يهدد عمل المنظمات الأهلية في المناطق الأكثر هشاشة مثل مناطق C وقطاع غزة والقدس، في وقتٍ نسبة التشغيل في الوزارات تتجاوز 80%.

وقال: “القرار بقانون يأتي مستغرباً بعد مرسوم الرئيس بما يتعلق بضمان الحريات العامة، وفي وقت يتم التجهيز للعمل في إطار التحضير للانتخابات وإجرائها، الأمر الذي يهدد دورنا في الانتخابات الذي يعدّ مهماً من أجل ضمان نزاهتها وشفافيتها”.

وتوالت ردود الفعل على هذا المرسوم؛ حيث أصدرت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني “حشد” بيانًا، وصفَته فيه بـ”النهج القائم على الإقصاء، وتقييد الحريات العامة”، خاصةً حرية تشكيل وعمل الجمعيات، “بالإضافة إلى كونه إعاقة لعمل مؤسسات المجتمع المدني، ودورها الحيوي في حماية حقوق الإنسان، وتحقيق المصالح المجتمعية”.

وعدّت حشد في بيانها “هذه القيود” أيضًا، توسعًا في الصلاحيات الرقابية الثقيلة للسلطة التنفيذية، إزاء عمل الجمعيات الخيرية، مُطالِبةً رئيس السلطة محمود عباس، بالكف عن إصدار القرارات بقانون، خاصةً تلك التي تفتقر إلى “الضرورة”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

صرخة إلى كل المعمورة.. شمال غزة يموت جوعًا

صرخة إلى كل المعمورة.. شمال غزة يموت جوعًا

غزة -المركز الفلسطيني للإعلامبينما يحتفل المسلمون في أصقاع المعمورة بعيد الأضحى المبارك، يئن سكان شمال قطاع غزة تحت وطأة المجاعة المستمرة، في حين...

يونيسيف: غزة تشهد حربا على الأطفال

يونيسيف: غزة تشهد حربا على الأطفال

غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قال المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) جيمس إلدر إن القتل والدمار الذي يمارسه الجيش الإسرائيلي في...