الإثنين 06/مايو/2024

الأحزاب الإسرائيلية.. تفرقها الأفكار ويوحدها ملف إيران النووي

الأحزاب الإسرائيلية.. تفرقها الأفكار ويوحدها ملف إيران النووي

حالة وحدة كاملة تجمع الأحزاب السياسية الإسرائيلية عند الحديث عن ملف إيران النووي كخطر خارجي يهدد أمنها ووجودها رغم امتلاكها أسلحة متطورة، وبنائها تحالفات سياسية وعسكرية في الإقليم.

تطرح الأحزاب الإسرائيلية المقبلة على انتخابات رابعة نووي إيران كمادة دعائية لكسب أصوات الناخبين في ظل فشل “نتنياهو” المتهم بالفساد بتوظيف الملف طوال عقدين في ترجمته لخطوة واقعية لن تتم إلا بدعم أمريكي كامل.

هذا هو وقت الدبلوماسية الأمريكية والأوروبية التي تنشط منذ أسابيع مع قدوم “بايدن” لإدارة البيت الأبيض مع إيران، فهل فقد “نتنياهو” الأوفر حظاً بين الأحزاب أهم مادة دعائية لم تترجم لخطوة عملية طوال عقدين من الزمن.

وتشير آخر استطلاعات الرأي أن “نتنياهو” قد يعجز عن تشكيل الحكومة، وأن الأحزاب ماضية نحو انتخابات جديدة، لكن منافسيه من اليسار ويسار الوسط وحتى المنشق على الليكود “ساعر” فرصهم في نجاح كبير ليست كافية.

وحدة وذرائع

منذ نشأة “إسرائيل” وهي قائمة على الصراعات والحروب التي لم تهدأ، وحتى إن استقر الميدان تبحث لها عن خصم يغطي فرقتها العرقية والسياسية في مجتمع متنوع قائم على التناقضات التي لا تزول إلا بتوجيه رقبته نحو خطر خارجي أو وجودي.

بدأت “إسرائيل” مشروعها النووي عام 1952م، ووصلت لمرحلة متطورة فيه في العقود الثلاثة الماضية، وهي ترفض مع أمريكا التي تحرص على تسييدها عسكرياً وسياسياً في الإقليم أن يمتلك غيرها سلاحا نوويا يبطل تفوقها المطلق.

يؤكد محمود العجرمي المحلل السياسي، أن عجز “نتنياهو” عن تشكيل حكومة في نظام سياسي تسوده الخلافات يدلل على مأزق “إسرائيل” الوجودي، لذا تحاول أحزابها تعظيم خطر إيران لتوحيد جبهتها الداخلية.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “إسرائيل تتجه قريباً لتشبه دولة فاشلة تسودها الصراعات في مجتمع تسوده تشكيلة فسيفسائية من الثقافات واللغات والمصالح قد تمضي نحو فروق في المواطنة”.

تستخدم كافة الأحزاب الإسرائيلية ملف إيران النووي ساحة للتنافس بينها في خطاب سياسي ودعائي يشتد مؤخراً، وهي ورقة واضحة بمعالم وأغراض انتخابية وليس من زاوية الثقل الاستراتيجي.

ويتابع: “هناك شخصيات من داخل الليكود نفسه، ترى في قصف إيران خطوة عبثية ومغامرة بوجود إسرائيل التي ستفتح ساحة حرب تمتلك فيها إيران أسلحة وجبهات من عدة دول، بإمكانها تهديد مصالح وأهداف استراتيجية داخل إسرائيل”.

ويتصدّر دور إيران الإقليمي مشروع التطبيع بين “إسرائيل” مع أنظمة عربية في الخليج تزيد فيه من بناء تحالفات مجاورة لإيران التي تمتلك أذرع وجبهات بقدرات قتالية تهدد “إسرائيل” على حدودها، ومن بعد مئات الكيلومترات أيضاً.

يقول تيسير محيسن المحلل السياسي، إن الأحزاب الإسرائيلية المتنافسة من مصلحتها إبقاء ملف إيران النووي مطروحاً كمادة انتخابية ومادة تلقى تفاعلات، تدفع أمريكا لاتخاذ موقف عملي، وكذلك أنظمة عربية عديدة.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “سواء نتنياهو، الذي حكم أطول مدة كرئيس حكومة، أو أي ائتلاف قادم يوظف الملف الإيراني لتشكيل موقف عربي على أنه يشكل تهديداً استراتيجيًّا جلب لإسرائيل بنجاح دولا كبيرة تتقاطع رؤيتها مع إسرائيل وتحول بعضها كحليف”.

أمريكا و”إسرائيل”

تجاري الإدارات الأمريكية المتعاقبة الأحزاب الإسرائيلية كافة التي تصدرت قيادة “إسرائيل” منذ عقود بشأن النووي الإيراني، لكن “البنتاغون” حذر “ترامب” قبل شهور حين أوشك على قصف إيران من اشتعال حرب كبيرة إن مضى باتجاه ضربة تفضلها “إسرائيل”.

وقالت الإدارة الأميركية الجديدة مؤخراً، إنها تريد الرجوع إلى الاتفاق النووي المبرم عام 2015 إذا عاد الإيرانيون للوفاء بالتزاماتهم، وهو موقف الإدارة الجديدة بعد انسحاب “ترامب” من اتفاق فرض عقوبات على طهران، لكن الدبلوماسية الأمريكية والأوروبية تمضي بتراكمية نحو الحل الهادئ قبل حسم الخلافات حول تفاصيل فرعية في تجديد الاتفاق.

وقالت واشنطن أيضا إنها تريد التشاور مع حلفائها في الشرق الأوسط بشأن مثل هذه التحركات بينما قال السفير “جلعاد إردان”: “لن نتمكن من المشاركة في مثل هذه العملية إذا عادت الإدارة الجديدة إلى ذلك الاتفاق”.

يرى المحلل العجرمي أن قصف إيران سيخل بالتوازن الاستراتيجي في الإقليم، وهو محل رفض قوى عظمي وقوى دولية على رأسها “روسيا-الصين-الهند” وأطراف أوروبية.

المغامرة الإسرائيلية التي تجمع عليها أحزاب “إسرائيل” حين تقصف إيران قد تعرضها لتلقي صواريخ تهدد أهداف استراتيجية مثل قصف مفاعلها في “ديمونا” الذي يضم (250-300) رأس نووي وهنا قد يحضر مشهد انفجار “تشرنوبل” في الاتحاد السوفيتي عام 1986م.

وقد تتعرض أهداف إسرائيلية تشكل نقاط ضعف إسرائيلية لصواريخ إيرانية مثل مخازن البيتروكيماويات التي قد تدمر 10كم مربع، ومستودعات الأمونيا الإسرائيلية التي تدمر 5 كم مربع، ومصفاة خليج حيفا في دولة لا تملك إلا مطارين ومحطتين مركزيتين للكهرباء.

ويشير المحلل محيسن أن التقاطعات الحزبية الإسرائيلية لا تشهد تبايناً كبيراً على صعيد “اليمين-اليسار-يسار الوسط” في موقفها الجمعي من ملف إيران النووي فكلها تطرحه كتهديد وقاسم مشترك في مستقبلها الاستراتيجي.

وسيظل ملف إيران النووي مادة لكل الأحزاب السياسية الإسرائيلية في خطابها السياسي ودعايتها الانتخابية التي تتهم معظمها “نتنياهو” بالفشل في ترجمة رؤيته من ملف إيران طول سنوات حكمه التاريخية التي استمال فيها الأمريكان دون الوصول لفعل عسكري، وتسلل فيها لبناء تحالفات مع أنظمة مجاورة لإيران.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات