الأحزاب الإسرائيلية.. تفرقها الأفكار ويوحدها ملف إيران النووي
حالة وحدة كاملة تجمع الأحزاب السياسية الإسرائيلية عند الحديث عن ملف إيران النووي كخطر خارجي يهدد أمنها ووجودها رغم امتلاكها أسلحة متطورة، وبنائها تحالفات سياسية وعسكرية في الإقليم.
تطرح الأحزاب الإسرائيلية المقبلة على انتخابات رابعة نووي إيران كمادة دعائية لكسب أصوات الناخبين في ظل فشل “نتنياهو” المتهم بالفساد بتوظيف الملف طوال عقدين في ترجمته لخطوة واقعية لن تتم إلا بدعم أمريكي كامل.
هذا هو وقت الدبلوماسية الأمريكية والأوروبية التي تنشط منذ أسابيع مع قدوم “بايدن” لإدارة البيت الأبيض مع إيران، فهل فقد “نتنياهو” الأوفر حظاً بين الأحزاب أهم مادة دعائية لم تترجم لخطوة عملية طوال عقدين من الزمن.
وتشير آخر استطلاعات الرأي أن “نتنياهو” قد يعجز عن تشكيل الحكومة، وأن الأحزاب ماضية نحو انتخابات جديدة، لكن منافسيه من اليسار ويسار الوسط وحتى المنشق على الليكود “ساعر” فرصهم في نجاح كبير ليست كافية.
وحدة وذرائع
منذ نشأة “إسرائيل” وهي قائمة على الصراعات والحروب التي لم تهدأ، وحتى إن استقر الميدان تبحث لها عن خصم يغطي فرقتها العرقية والسياسية في مجتمع متنوع قائم على التناقضات التي لا تزول إلا بتوجيه رقبته نحو خطر خارجي أو وجودي.
بدأت “إسرائيل” مشروعها النووي عام 1952م، ووصلت لمرحلة متطورة فيه في العقود الثلاثة الماضية، وهي ترفض مع أمريكا التي تحرص على تسييدها عسكرياً وسياسياً في الإقليم أن يمتلك غيرها سلاحا نوويا يبطل تفوقها المطلق.
يؤكد محمود العجرمي المحلل السياسي، أن عجز “نتنياهو” عن تشكيل حكومة في نظام سياسي تسوده الخلافات يدلل على مأزق “إسرائيل” الوجودي، لذا تحاول أحزابها تعظيم خطر إيران لتوحيد جبهتها الداخلية.
ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “إسرائيل تتجه قريباً لتشبه دولة فاشلة تسودها الصراعات في مجتمع تسوده تشكيلة فسيفسائية من الثقافات واللغات والمصالح قد تمضي نحو فروق في المواطنة”.
تستخدم كافة الأحزاب الإسرائيلية ملف إيران النووي ساحة للتنافس بينها في خطاب سياسي ودعائي يشتد مؤخراً، وهي ورقة واضحة بمعالم وأغراض انتخابية وليس من زاوية الثقل الاستراتيجي.
ويتابع: “هناك شخصيات من داخل الليكود نفسه، ترى في قصف إيران خطوة عبثية ومغامرة بوجود إسرائيل التي ستفتح ساحة حرب تمتلك فيها إيران أسلحة وجبهات من عدة دول، بإمكانها تهديد مصالح وأهداف استراتيجية داخل إسرائيل”.
ويتصدّر دور إيران الإقليمي مشروع التطبيع بين “إسرائيل” مع أنظمة عربية في الخليج تزيد فيه من بناء تحالفات مجاورة لإيران التي تمتلك أذرع وجبهات بقدرات قتالية تهدد “إسرائيل” على حدودها، ومن بعد مئات الكيلومترات أيضاً.
يقول تيسير محيسن المحلل السياسي، إن الأحزاب الإسرائيلية المتنافسة من مصلحتها إبقاء ملف إيران النووي مطروحاً كمادة انتخابية ومادة تلقى تفاعلات، تدفع أمريكا لاتخاذ موقف عملي، وكذلك أنظمة عربية عديدة.
ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “سواء نتنياهو، الذي حكم أطول مدة كرئيس حكومة، أو أي ائتلاف قادم يوظف الملف الإيراني لتشكيل موقف عربي على أنه يشكل تهديداً استراتيجيًّا جلب لإسرائيل بنجاح دولا كبيرة تتقاطع رؤيتها مع إسرائيل وتحول بعضها كحليف”.
أمريكا و”إسرائيل”
تجاري الإدارات الأمريكية المتعاقبة الأحزاب الإسرائيلية كافة التي تصدرت قيادة “إسرائيل” منذ عقود بشأن النووي الإيراني، لكن “البنتاغون” حذر “ترامب” قبل شهور حين أوشك على قصف إيران من اشتعال حرب كبيرة إن مضى باتجاه ضربة تفضلها “إسرائيل”.
وقالت الإدارة الأميركية الجديدة مؤخراً، إنها تريد الرجوع إلى الاتفاق النووي المبرم عام 2015 إذا عاد الإيرانيون للوفاء بالتزاماتهم، وهو موقف الإدارة الجديدة بعد انسحاب “ترامب” من اتفاق فرض عقوبات على طهران، لكن الدبلوماسية الأمريكية والأوروبية تمضي بتراكمية نحو الحل الهادئ قبل حسم الخلافات حول تفاصيل فرعية في تجديد الاتفاق.
وقالت واشنطن أيضا إنها تريد التشاور مع حلفائها في الشرق الأوسط بشأن مثل هذه التحركات بينما قال السفير “جلعاد إردان”: “لن نتمكن من المشاركة في مثل هذه العملية إذا عادت الإدارة الجديدة إلى ذلك الاتفاق”.
يرى المحلل العجرمي أن قصف إيران سيخل بالتوازن الاستراتيجي في الإقليم، وهو محل رفض قوى عظمي وقوى دولية على رأسها “روسيا-الصين-الهند” وأطراف أوروبية.
المغامرة الإسرائيلية التي تجمع عليها أحزاب “إسرائيل” حين تقصف إيران قد تعرضها لتلقي صواريخ تهدد أهداف استراتيجية مثل قصف مفاعلها في “ديمونا” الذي يضم (250-300) رأس نووي وهنا قد يحضر مشهد انفجار “تشرنوبل” في الاتحاد السوفيتي عام 1986م.
وقد تتعرض أهداف إسرائيلية تشكل نقاط ضعف إسرائيلية لصواريخ إيرانية مثل مخازن البيتروكيماويات التي قد تدمر 10كم مربع، ومستودعات الأمونيا الإسرائيلية التي تدمر 5 كم مربع، ومصفاة خليج حيفا في دولة لا تملك إلا مطارين ومحطتين مركزيتين للكهرباء.
ويشير المحلل محيسن أن التقاطعات الحزبية الإسرائيلية لا تشهد تبايناً كبيراً على صعيد “اليمين-اليسار-يسار الوسط” في موقفها الجمعي من ملف إيران النووي فكلها تطرحه كتهديد وقاسم مشترك في مستقبلها الاستراتيجي.
وسيظل ملف إيران النووي مادة لكل الأحزاب السياسية الإسرائيلية في خطابها السياسي ودعايتها الانتخابية التي تتهم معظمها “نتنياهو” بالفشل في ترجمة رؤيته من ملف إيران طول سنوات حكمه التاريخية التي استمال فيها الأمريكان دون الوصول لفعل عسكري، وتسلل فيها لبناء تحالفات مع أنظمة مجاورة لإيران.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
المقاومة العراقية تستهدف قاعدة ومنشأة عسكريتين للاحتلال الصهيوني
بغداد - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت المقاومة الإسلامية في العراق -صباح الاثنين- استهداف قاعدة جوية ومنشأة عسكريتين للاحتلال الصهيوني بالطيران...
رفح .. قصف إسرائيلي مكثف بهدف الانتقام والتهجير
رفح - المركز الفلسطيني للإعلاممنذ عدة أشهر تتعالى التهديدات الإسرائيلية باجتياح مدينة رفح جنوب قطاع غزة التي تؤوي أكثر من مليون نازح بعدما أجبرتهم...
نتنياهو كفيلٍ في متجر خزفٍ.. وطوفان الأقصى أغرق الاحتلال وأضاء سراج العالم
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام بعد مرور أكثر من 212 يومًا على العدوان الصهيوني على غزة، يواصل رئيس مجلس الحرب بنيمين نتنياهو تعنته في إبرام صفقة...
لليوم الـ 212.. القسام يواصل قصف الاحتلال بصواريخ رجوم
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تواصل كتائب القسام لليوم الـ 212 على التوالي، التصدي للقوات الصهيونية المتوغلة في عدة محاور، والتي أسفرت حتى اللحظة...
أبو مرزوق: إذا أقدم جيش الاحتلال على دخول رفح لن يجني غير الفشل والفضيحة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أكد رئيس مكتب العلاقات الدولية بحركة حماس د. موسى أبو مرزوق في حوارٍ أجراه مساء اليوم الأحد مع قناة الأقصى، أنّ هناك...
الاحتلال يعترف بمقتل 3 جنود وإصابة 9 في عملية كرم أبو سالم
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام اعترف جيش الاحتلال الإسرائيلي رسميا، مساء اليوم الأحد، بمقتل ثلاثة من جنوده في عملية استهداف معسكر لجيش الاحتلال في...
للمرة الثانية.. الاحتلال يمنع المفوض العام للأونروا من دخول غزة
نيويورك- المركز الفلسطيني للإعلام منعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا فيليب لازاريني، من دخول...