الثلاثاء 30/أبريل/2024

الانتخابات الثالثة.. هل تشكل مخرجًا حقيقيًّا للمأزق الداخلي الفلسطيني؟

الانتخابات الثالثة.. هل تشكل مخرجًا حقيقيًّا للمأزق الداخلي الفلسطيني؟

آمال عريضة يُعلِّقها الفلسطينيون على إتمام العملية الانتخابية من أجل تحقيق الوحدة الوطنية والخروج من مأزق الانقسام الذي يضرب جذوره في ثنايا الوطن.

وتتبدد هذه الآمال وسط شكوك تكتنف أهلية الاستحقاق الديمقراطي المنشود، عند إجرائه، لإنهاء الانقسام وليس تعميقه، بوصفه مخرجاً مؤقتاً للمأزق الفلسطيني الراهن وليس نهجًا إستراتيجيًّا يأتي عقب تحقيق المصالحة لا قبلها.

ومن المقرر أن تبدأ حوارات القاهرة في الثامن من شباط الجاري، وتعد هذه الجولة من الحوار الوطني بالغة الأهمية، حيث ستنعكس نتائجها على عمل لجنة الانتخابات المركزية وهو ما يلاحظه المواطن في اليوم التالي لعودة الوفود.

وأصدر رئيس السلطة محمود عباس، في 15 يناير/كانون الآخِر 2021، مرسومًا رئاسيًّا حدد فيه مواعيد إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني (برلمان منظمة التحرير) على ثلاث مراحل، لتكون المرة الأولى منذ 15 عامًا، التي تنظم فيها مثل هذه الانتخابات.

وحُدِّد 22 مايو/أيار 2021 لإجراء الانتخابات التشريعية، ويوم 31 يوليو/تموز 2021 للانتخابات الرئاسية، على أن تعد نتائج انتخابات المجلس التشريعي المرحلة الأولى في تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني، وعلى أن يتم استكمال انتخابات المجلس الوطني في 31 أغسطس/آب 2021.

جوهر الخلاف
وحول ما إذا كانت الانتخابات الثالثة تشكل مخرجاً للمأزق الداخلي الفلسطيني استبعد الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي هذا التوجه، مبيناً أنَّ جوهر الخلاف بين حركتي حماس وفتح هو على برنامج السلطة الفلسطينية وعلى وظيفتها.

وأشار عرابي، في تصريح خاص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“، أن السلطة الفلسطينية ليست محكومة لإرادات حماس وفتح ضمن سياقها الحالي لا سيما في الضفة الغربية، بحكم الوجود المباشر للاحتلال، لافتاً إلى أنَّ عامل الاحتلال مؤثر على حاكم السلطة وأدائه ووظيفته، إلى جانب المنظومة الإقليمية والدولية.

وتساءل عرابى: “كيف يمكن للانتخابات أن تحل المأزق الفلسطيني وهي لا تعالج القضايا الجوهرية والإشكاليات سواء على مستوى البرامج ووظيفة السلطة، ومواجهة الاحتلال في التدخل المباشر لأداء السلطة”.

وتابع: “علينا ألا نغفل أن انتخابات عام 2006 لم تحل أي إشكال فلسطيني، وإنما خلقت الانقسام الفلسطيني نتيجة عدم اعتراف العالم بالنتائج، وعدم تعاطيه مع الحكومة الفائزة في حينها وهي حكومة حماس، بالإضافة إلى عدم اعتراف السلطة بالقادم الجديد”.

وأضاف: “أجهزة السلطة ليست مبنية على واقع مهني، وليست محايدة لتقبل أي حاكم جديد، وهي مؤسسة قائمة وفق دور وظيفي بناءً على اتفاقيات أوسلو، فكيف ستكون الانتخابات الفلسطينية هي المخرج؟!”.

وذكر عرابي أنه كان من المفترض أن تجرى الانتخابات بعد إنهاء الانقسام والاتفاق على كل هذه الملفات.

وأوضح أن الخشية هي أن تجدد هذه الانتخابات شرعية السلطة الفلسطينية دون أن تحل أي شيء، ومن ثم تدخل الحالة الفلسطينية في شكل جديد من أشكال الانقسام، أو قد تتعرض حركة حماس لابتزاز لتقديم تنازلات في برنامجها السياسي مقابل موافقة المنظومتين الدولية والإقليمية على دمجها في النظام السياسي الفلسطيني، وفق قوله.

وقال: “نأمل أن تؤدي الانتخابات لنتائج طيبة، وأن تخفف من حدة الانقسام الفلسطيني، وأن تفتح آفاقًا جديدة للعمل داخل الضفة الغربية، وأن تعطي فرصة للفاعلين السياسيين الفلسطينيين للبحث عن مخارج وحلول لحالة الانغلاق الموجودة سواء في مشروع التسوية أو مشروع المقاومة، وأن ترفع الحصار عن قطاع غزة وتنهي الاحتقان الموجود بين الحركتين”.

واستبعد أن يكون هناك وضوح كافٍ يمكّن من القول إن الانتخابات ستتحقق كل هذه الآمال.

مخرج جزئي
من جهته اختلف الكاتب والمحلل السياسي أحمد رفيق عوض مع سابقه، وقال: إن الانتخابات قد تشكل مخرجاً للأزمة الفلسطينية الداخلية جزئيًّا وليس كليًّا.

ولفت عوض، في تصريح خاص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“، أن الانتخابات قد تكون خطوة نحو الخروج الكلي من الأزمة الداخلية الفلسطينية.

وأوضح أنّ الانتخابات ستؤدى لأن تكون المفاوضات حول المصالحة أكثر عمقاً وشمولية ودقة؛ لأن كل قوة من القوى الفلسطينية ستعرف حجمها على الأرض من خلال هذه الانتخابات، إضافة إلى أنها تجدد الشرعية للنظام السياسي الفلسطيني، الأمر الذي سيثير ثقة المجتمع الدولي بالنظام الفلسطيني.

وأشار إلى أن الانتخابات تجدد ثقة الشارع الفلسطيني بالنظام السياسي بطريقته الخاصة، وأيضاً تعمل على تحسين الصورة مع العالم وتحسين العلاقات مع المجتمع الدولي، وأيضاً تعمل على إيجاد طريقة للاشتراك بالسلطة، ما يخفف من حدة التوتر والاحتقان.

ولفت إلى أن الانتخابات تمنع الانفصال وظهور دولة في قطاع غزة، وتؤكد حضور الدولة الفلسطينية، ما يجعل مسألة الخروج من الأزمة أسهل وأكثر مرونة.

وأفاد أنّ الانتخابات ستضع الفلسطينيين في أحلاف جديدة على المستوى الإقليمي والدولي ربما تكون أكثر قوة للانطلاق للدولة الفلسطينية.

الرهان على الشفافية
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا: إنّ حل المأزق الفلسطيني من خلال الانتخابات يعتمد على طريقة التعامل معها، بحيث إنه في حال إجرائها بشفافية ونزاهة والاعتراف بنتائجها يمكن أن تشكل تطوراً مهمًّا.

وأوضح القرا، في تصريح خاص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“، أن الانتخابات حال تمت مهنيًّا فإنها تساهم في الخروج من الأزمات المتلاحقة على قاعدة إحياء منظمة التحرير كعنوان لكل الفلسطينيين وإصلاح المؤسسات الفلسطينية سواء التشريعي أو المجلس الوطني.

وشدد على ضرورة ضمان عدم تكرار نتائج انتخابات 2006، والاستفادة منها في تحسين الصورة القائمة، وتشكيل توجه جديّ جديد يؤدي للخروج من الأزمة الداخلية الفلسطينية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات