الإثنين 03/يونيو/2024

لسان حال نتنياهو: أنا الدولة والدولة أنا

د. عدنان أبو عامر

يحمل إجراء جولة انتخابية إسرائيلية رابعة خلال عامين دون إقرار ميزانية كثيرًا من الإشارات بشأن تقويض الثقة بالنظام السياسي، وإضعاف السلطتين التشريعية والقضائية، والإضرار بوسائل الإعلام، وفي هذه الحالة لا يترك بنيامين نتنياهو وراءه للإسرائيليين سوى الطوفان والأرض المحروقة والفوضى.

يراقب الإسرائيليون سلوك الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب وهو يحاول أن يترك خليفته جو بايدن محترقًا، حين صعد الموقف ضد إيران، وأصر على منح كل أمريكي 2000 دولار من الخزانة الفارغة، ما سيترك وراءه أمريكا ممزقة ومنقسمة، ورغم تفشي الوباء يتجه ترامب إلى فلوريدا لموسم العطلات، ويمرح مع أصدقائه بلعبة الغولف، وحتى هذه اللحظة لم يعترف رسميًّا بخسارته، ولم يتصل لتهنئة بايدن.

لعل سبب استحضار السياسة الكارثية لترامب وجود العديد من أوجه الشبه بينه وبين نتنياهو، فالاثنان لديهما حوار مشترك، وبعض القواسم المشتركة، وهذا يفسر تفاهمهما الكبير خلال السنوات الأربع من ولاية الرئيس، لكن السؤال الذي يراود الإسرائيليين هو: هل نتنياهو سيتصرف في الوقت المناسب مثل صديقه الأمريكي؟، أي هل سيأتيهم بالطوفان، خاصة مع توافر علامات تدل على ذلك؟

في هذه العجالة يمكن رصد جملة من القواسم المشتركة في تدهور الظروف الداخلية بين (إسرائيل) وأمريكا، أهمها عدم وجود ميزانية مستقرة، والهجوم على وسائل الإعلام، والتحريض على الكراهية، وصرف النيران عن صناع القرار، وما يبذله الاثنان، ترامب ونتنياهو، من جهود لإضعاف أسس النظام السياسي، وعدم فصل السلطات، وخفض الثقة في الحكومة، والإجراءات الرسمية، وطعن الحكومة المتعطشة للسلطة في الجهازين التشريعي والقضائي.

في الأشهر المقبلة ستنجر (إسرائيل) لحملة انتخابية رابعة خلال عامين، وهو إنجاز لم يسجله رئيس وزراء إسرائيلي لنفسه من قبل، ما يطرح السؤال عن المسؤول عن الوصول لهذا الوضع الكارثي، لأن مرور سنتين من التحضيرات الانتخابية يحط من قدر (إسرائيل) على مستوى العالم، ويدفعها لاتخاذ قرارات مؤذية، وتعيينات متسرعة، تتجاوز صلاحيات المدعي العام، ما يعني دخولها ساحة الأرض المحروقة.

ولعله ليس من قبيل المصادفة أن نتنياهو ومبعوثيه يبذلون قصارى جهدهم لإضعاف السياسة العامة في (إسرائيل)، وحصر التعيينات الوزارية في الناس الثقات الخاصين بهم، ما يعني أن الإسرائيليين اجتازوا الحاجز الذي يفصل بين الدولة والفوضى، والنتيجة الماثلة أمام نواظرهم هي تفكك السلطة التنفيذية، ومعها تفكك المسؤولية العامة للدولة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات