عاجل

الأحد 06/أكتوبر/2024

لا رأي لمن لا يستشار

علي بادي

انخرط المغرب الرسمي في مسلسل التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب ، الذي ترعاه بكل وسائل الترغيب والترهيب الإدارة الأمريكية المتصهينة، تحت قيادة وإشراف الرئيس ترمب، في حين تم تغييب رأي الشعب المغربي ولم تتم استشارته في قرار مصيري مثل هذا ، لا هو و لا قواه الحية السياسية والحقوقية والنقابية والشبابية.

بل إن الأحزاب المشكلة للحكومة لم تستشر ولم يتخذ برأيها في هذا الموضوع الحساس، الذي يعني المغاربة قاطبة، لكونه يتعلق بمقدساتهم وأوقافهم التاريخية، التي لا يحق لأحد مهما كان وضعه أو منصبه أن يقرر فيها بوحده. وهي التي ، أي أحزاب الحكومة، كانت تقيم حملاتها الانتخابية على دعوى عريضة موجهة للمغاربة عنوانها : اجعل قرارك بيدك واختر من ينوب عنك في تسيير شؤون البلد.

الخطير في الأمر أن قرار التطبيع هذا لم يجد له واضعوه وأصحابه من مبرر أو مسوغ سوى ربطه بقضية الصحراء في خطوة فجة لا اعتبار لها سياسيا ولا قانونيا ولا على الأرض.

ذلك أن قرارات البيت الأبيض بالاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء، أو فتح قنصلية بمدينة الداخلة ليست ذي وزن ولا أثر في الواقع، ليس فقط للمعارضة الدولية التي


الخطير في الأمر أن قرار التطبيع هذا لم يجد له واضعوه وأصحابه من مبرر أومسوغ سوى ربطه بقضية الصحراء في خطوة فجة لا اعتبار لها سياسيا ولا قانونياولا على الأرض

جابهتها من طرف الكثير من الأطراف الدولية وفي مقدمتها الأمم المتحدة التي أسرعت إلى التأكيد على أن القرار الأمريكي لا يغير من الوضع القانوني لوضع الصحراء الغربية . ليس فقط لهذا الإعتبار الدولي ،وإنما كذلك لأن السياسة الخارجية الأمريكية متقلبة مع المصالح ولا يثبت لها قرار، وتتبدل مع كل موسم انتخابي وما يستتبعه من تغيير في زعامة البيت الأبيض أو توزيع نسب مقاعد الكونغرس.

المهم أن قرار التطبيع أصبح واقعا لدى متخذيه من ساسة المغرب الرسمي، الذن يحثون الخطى لتنزيل مقتضياته ومضامينه قسرا في واقع الناس . اما المغرب الشعبي الذي تمثله الغالبية المغلوبة على أمرها من المغاربة فلا رأي لها ولا مشورة ، على عكس الإستشارات والاستفتاءات الإستعراضية التي شهدها المغرب في أحداث ومواقف أقل شأنا من التطبيع مع الكيان الغاصب.

في 31 غشت 1984 دعي المغاربة إلى استفتاء شعبي على اتفاقية الاتحاد العربي الافريقي الموقعة بين الملك الحسن الثاني ومعمر القذافي بمدينة وجدة المغربية في 13 غشت 1984.

قرار الاستفتاء جاء من خلال ظهير ملكي وقعه الحسن الثاني لاستطلاع رأي الشعب المغربي، وإن كان شكليا ، حول إعادة ربط العلاقات بين المغرب وليبيا وهما دولتين عربيتين مسلمتين شقيقتين ، يجمع شعبيهما الكثير من الروابط التاريخية والدينية واللغوية .

أليس حري بالمخزن ودهاقنته ، أن يستفتى المغاربة في قرار التطبيع مع الصهاينة، الذي يهم سيادة المغرب داخليا وخارجيا، ويتعلق بأحد أقدس البقاع لدى المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها حتى وإن كان ذلك صوريا لا أثر له في الواقع ؟

أليس من الغباء أن يدوس حكام البلد على مشاعر آلاف بل عشرات الآلاف من ذويالجنود المغاربة الذين استشهدوا في القنيطرة السورية دفاعا عن الأراضيالعربية في حرب 1973 والذين قتلهم الصهاينة ، ولا يراعون حرمة لذلك ؟ 

بل أليس من الغباء أن يدوس حكام البلد على مشاعر آلاف بل عشرات الآلاف من ذوي الجنود المغاربة الذين استشهدوا في القنيطرة السورية دفاعا عن الأراضي العربية في حرب 1973 والذين قتلهم الصهاينة ، ولا يراعون حرمة لذلك ؟

أم أن الشعب لا يجب أن يكون له رأي في مثل هذه القضايا، بل من المفروض عليه أن يلزم الصمت والطاعة، وألا ينبس ببنت شفة، حتى لا يعكر جو “الإجماع الوطني “.

إن حجم التجييش الذي عرفته العاصمة الرباط يوم الاثنين 10 دجنبر ، لمجرد منع وقفة احتجاجية سلمية رافضة لقرار التطبيع مع الصهاينة، والتي دعت إليها العديد من الفعاليات المدنية المغربية، والتي تمثل معظم مكونات الطيف السياسي والحقوقية المغربية، المعروفة والمشهود لها بسلميتها وانضباطها، يكذب شعارات السيادة والسلطة للشعب، ويفضح زيف الديمقراطية والمشاركة في اتخاذ القرار ، التي طالما ملأت أجواء ومدن وأزقة المغرب صداعا عند كل جلبة انتخابية.

إن إرادة الشعوب لا تقهر، ومهما حاول الحاكمون تهميش الشعب والاستفراد بالقرارات المصيرية للبلد، فإن ذلك لن يزيد سوى من توسيع وتقوية موجة الغضب العامة من طريقة تدبير شؤون المغرب والقائمين عليها، كما سيؤدي إلى فقدان الثقة في العملية الانتخابية ومخرجاتها، وهي التي باتت على الأبواب.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات