الأحد 12/مايو/2024

الشوبكي: 2020 كشفت اللثام عن 3 وجوه حقيقية لسياسات جوهرية

الشوبكي: 2020 كشفت اللثام عن 3 وجوه حقيقية لسياسات جوهرية

أكّد أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل بلال الشوبكي، أنّه بالرغم من الأحداث السياسية والصحية الجسام لعام 2020 إلا أنّه كشف اللثام عن وجوه حقيقية للكثير من السياسات الجوهرية التي حاولت على مدار عقود أن تقدم صورة مغايرة للصورة الحقيقية التي تعكس جوهرها.

وأشار الشوبكي في حوارٍ مطول مع “المركز الفلسطيني للإعلام” أنّ عام 2020 سيكون مقدمة لسنوات لاحقة تصبح فيها الأمور أكثر وضوحاً بين المناصر الحقيقي للقضايا العادلة ومن يقف ضدها.

ولخّص أستاذ العلوم السياسية اللثامات الثلاثة؛ الأول على الصعيد العربي الذي كشف عن عدد من وجوه بعض الأنظمة العربية التي وصلت إلى حد التنسيق والتطبيع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي مع الاحتلال الصهيوني.

أما اللثام الثاني فقد كُشف -وفق الشوبكي- عن السياسات الموحدة للإدارة الأمريكية، والتي أثبتت أن الفروقات الحقيقية هي فروقات في آلية إيصال الرسالة والمفردات المستخدمة، ولكن جوهر السلوك الأمريكي منحاز للكيان الصهيوني ولمصالحه.

وعلى صعيد ملف المصالحة الفلسطينية كان اللثام الثالث؛ حيث كشف عن استخدامها كجزء من المناورة السياسية على الصعيدين الإقليمي والدولي، وأن المصالحة الفلسطينية ستبقى مرهونة لمتغيرات عديدة.

وفيما يلي النص الكامل الحوار:

– مبدئياً كيف تابعت الأحداث السياسية عامّة في 2020؟

بالرغم مما ساد من تشاؤم والنظر على عام 2020 أنها سنة مليئة بالأحداث الجسام على الصعيد السياسي والصحي، إلا أنّ فيها جانبا إيجابيا وكونها سنة أماطت اللثام عن وجوه الكثير من الجهات التي حاولت على مدار عقود أن تقدم صورة مغايرة لنفسها عن الصورة الحقيقية التي تعكس جوهرها.

وهي سنة مقدمة لسنوات لاحقة تصبح فيها الأمور أكثر وضوحاً بين المناصر للحقوق والقضايا العادلة، وبين من يقف ضدها وخلف الكثير من السياسات العدائية.

حين نتحدث عن السياق السياسي في عام 2020 نتحدث عن كشف ثلاثة لثامات؛ أولها على الصعيد العربي، ففي عام 2020 لم يعد هناك مبرر لقبول تأويلات كثيرة لسياسات الأنظمة الرسمية العربية، وما نحن أمامه أن عام 2020 كاشف لوجوه هذه الأنظمة بما لا يدع مجالًا للشك أمام الكثير من الجهات التي كانت تتخير الألفاظ في التعامل مع كثير من القضايا.

اللثام الثاني والمتعلق بالسياسة الأمريكية؛ ففي عام 2020 تزايد الحديث عن خطورة الإدارة الأمريكية نتاجاً لسياسات دونالد ترمب الراعية للمصالح الصهيونية، وقد بات الحديث فيها أمرًا فيه تكرار للمستمع أو للمشاهد، أيضاً سنة 2020 كانت كاشفة لمسألة كان يرددها الناس أنه لا يوجد فروقات حقيقية بين ديمقراطي وجمهوري في الإدارات الأمريكية والفروقات بينهما أنها فروقات في آلية إيصال الرسالة والمفردات المستخدمة، ولكن جوهر السلوك الأمريكي منحاز للكيان الصهيوني ولمصالحه.

اللثام الثالث الذي أماطته 2020 عن العلاقات الداخلية الفلسطينية؛ فلم يعد هناك أي إمكانية للدفاع عن الادعاء القائل أن القرار الفلسطيني الرسمي مستقل، إذ لم يكن كذلك، يعني أن المصالحة الفلسطينية ستبقى مرهونة لمتغيرات على الصعيد الإقليمي والدولي، وهذه السنة كشفت عن استخدام المصالحة كجزء من المناورة السياسية مع أطراف إقليمية ودولية، وهو أمر بات مكشوفا، وهذا مؤسف.

– كيف أثّر التطبيع العربي على القضية الفلسطينية خلال عام 2020؟

لابد من القول إن التطبيع لم يعد مدللًا على حجم العلاقات الماثلة بين الاحتلال والإمارات على خصوصًا. الجديد في 2020 ليس في ميلاد علاقة بين الطرفين فهي قائمة منذ سنوات طويلة، ولكن صيغة العلاقة وطبيعتها التي كانت مستترة لسنوات طويلة وكشفت الآن في عام 2020، ولكن ما نقوله ليس هذا هو جوهر الخطر فهناك دول عربية طبّعت، ولكن خطورة ما أقدمت عليه الإمارات من الانتقال من مجرد توقيع اتفاقية إلى الانتقال لمرحلة أخرى كنا نسميها تحالفًا، ولكن الأمر تجاوز ذلك إلى حد تبني الرواية الصهيونية للكثير من القضايا.

الأمر الخطير الآخر وهو إصرار الإمارات العربية المتحدة على الانتقال من الملفات السياسية إلى ملفات اجتماعية ثقافية اقتصادية، والخطورة تكمن في كسر الحاجز النفسي بين الشعوب العربية، وعندما نتحدث عن الشعوب لا نتحدث عن شعب الإمارات فقط، بل عن النفوذ الإعلامي والاقتصاد في المحيط العربي، وإن كانت هذه الرسالة محاولة لكسر هذا الحاجز النفسي بين المواطن العربي والاحتلال الصهيوني، بالرغم من أن الرسالة ليست مقبولة أنه لا يوجد لدينا ضمانات بالإصرار على هذه الرسالة وخصوصا في إطار غياب جهد فلسطيني حقيقي لمواجهة هذه الرسالة، وشهدنا أن القيادة (السلطة) أعادت السفراء للإمارات والبحرين في خطوة استسلامية للتوجهات الإماراتية والبحرينية في عام 2020.

خطورة الخطوة الإماراتية في سياق عملية التطبيع مع الاحتلال لا تكمن في فقط نظام سياسي كشف علاقته مع الاحتلال، ولكن في نظام يصر على خدمة الاحتلال في أرضه من خلال تقديم الرواية الصهيونية، والاستثمار الاقتصادي في بنية الاحتلال، وقد شهدنا أخبارًا حول استثمارات في مجال الإعمار وشراء أندية رياضية عرف عنها عداء للعرب عموماً. الخطوة الإماراتية تستهدف الشعوب ولا يوجد رواية مناوئة لها تقدم أطروحة للمجتمعات العربية كفيلة بتماسك المجتمع العربي في مواجهة الرواية الصهيونية.

– وضع الاستيطان الإسرائيلي خلال العام؟ وكانت ذروته في 2020؟

أي شخص يعيش في الضفة الغربية يرى تمدد الاستيطان في المناطق كافة واستمرار الحضور الاستيطاني في كل مرافق الحياة بين سكان الضفة المحتلة، وباعتقادي المسألة هنا ليست فقط في الوجود الاستيطاني، ولكنه استيطان محمي ببؤر عسكرية تنتشر على مداخل كل القرى والمدن والمخيمات يقطع أوصال الضفة.

الاستيطان هو الرسالة الواضحة أن إمكانية إقامة دولة فلسطينية على أساس التسوية السياسية القائمة على حل الدولتين هو مجرد أضغاث أحلام؛ نظراً لما يجرى الآن على أرض الواقع، ومسألة الاستيطان ليست فقط في زيادة عدد البنايات السكنية التي يتم تدشينها يوماً بعد يوم، وإنما توسيع الأراضي التي تسيطر عليها المستوطنات وتقزيم الحيز المكاني الذي يسيطر الفلسطينيون، وبالتالي هو عملية إعادة توزيع ديموغرافي للسكان في أنحاء الضفة الغربية بحيث يتم حصر الفلسطينيين في أضيق بقعة جغرافية مقابل توسيع وتمديد الوجود الاستيطاني في أوسع بقعة جغرافية إلى الحد الذي تصبح فيه القرى والمدن عبارة عن سجون على بواباتها ومداخلها جيبات وثكنات عسكرية، وبالتالي الاستيطان مسألة ليس فقط في السيطرة على الأرض وإنما في تمزيق الوجود الفلسطيني من الناحية الإنسانية في السيطرة على المقدرات الاقتصادية وربط المواطن الفلسطيني من حيث مصدر دخله بالإرادة الصهيونية.

كل هذا يدفع باتجاه أنّ الإصرار على تسوية سياسية في سياق استمرار الاستيطان هو مجرد حالة من حالات التكيف مع سياسات الأمر الواقع التي تفرضها سلطات الإسرائيلي.

– وضع القدس وأثر جائحة كورونا على التهويد؟

سلطات الاحتلال استغلت الجائحة لمزيد من فرض السيطرة على جميع المناطق بما فيها القدس، تحت دعوى الإجراءات الصحية؛ فقد شهدنا تراجعاً فلسطينياً ملحوظاً وإن كان يفسر ذلك ضمن جزء من حالة تقييد الحركة لحركة الفلسطينيين ترافق مع ذلك استمرار السياسات الصهيونية في فرض المزيد من السيطرة، وتطبيق خططها بتوسيع الوجود الصهيوني فيها، وتقييد إمكانية صمود أبناء بيت المقدس.

هذا الأمر ليس بجديد وغير مرتبط بجائحة كورونا، ولكن “إسرائيل” أجادت استغلال الجائحة لتسريع عمليات التهويد في جميع المناطق وليس المسجد الأقصى وقبة الصخرة فحسب ولكن أحياء كثيرة، ومناطق تابعة لها كلها تعرضت لعمليات تهويد لفرض الوجود الصهيوني فيها، ومنع الوجود الفلسطيني منها وتمهيد لفرض السيطرة الصهيونية عليها تمامًا.

– كيف تابعت ملف المصالحة في هذا العام؟ وهل نشهد تراجعًا لملف المصالحة في عام 2021؟

تابعنا هذا الملف بحذر من اللقاءات التي عقدت خلال الآونة الأخيرة، وحقيقة كنت متوجساً من إمكانية تنفيذ المصالحة وهي ليست مسألة شعورية بل انطلاقا من قراءات سياسية لخطوات المصالحة، المشكلة الجوهرية تقدم لنا الخلافات على أنها خلافات في كيفية إدارة مؤسسات السلطة، ويظن المواطن أن إجراء الانتخابات قد تفضي إلى إمكانية توقيع اتفاقية المصالحة وتنفيذها.

ولكن الخلاف الحقيقي هو خلاف على صيغة العلاقة مع الاحتلال وعلى المشروع السياسي برمته، والتوجس كان أنّ المصالحة طرحت في وقت ضيق الخيارات لدى الطرفين، وهذا التوافق الأخير كان عبارة عن هروب من الأمر الواقع، وبالرغم من أن حركة فتح كانت في ضيق بحكم ملفات التطبيع وتهاوي مشروع التسوية السياسية لظروف موضوعية، والكثير من الأنظمة العربية أدارت ظهرها للقيادة الفلسطينية (السلطة)، أصبحت قيادة السلطة في موقع العاجز، ولم يكن في هذا الأمر إلا مناورة سياسية.

تخوفنا بأن هذا التوجس توجه مدفوع إذا كان مرتبطًا بالمتغيرات فهذا معناه أن التوجه نحو المصالحة إذا ما حدثت مفاجآت جديدة -وكنا نحذر من أن أي تغييرات في أي من هذه العوامل الثلاثة- قد تؤدي إلى تراجع القيادة الفلسطينية (السلطة) عن المصالحة.

وحدث ما حذرنا منه؛ إذ إنّ عودة التنسيق الأمني هو إعلان تقويض صريح لخطوات المصالحة الفلسطينية، وحصل ما كنا نخشاه من ربط ملف المصالحة بمتغيرات على الصعيد الإقليمي والدولي، وستشهد المصالحة الفلسطينية انتكاسة للأسف.

– كيف تابعت تقلبات السلطة في العديد من الملفات وما هي الآثار المستقبلية لعام 2021 وخاصة في ملف التنسيق الأمني والمقاصة؟

لا يوجد تقلبات؛ وإنما يوجد إدارة بالأزمة، إذ إن السلطة في مأزق عدم وجود أفق للتسوية السياسية ومأزق اقتصادي وعلى صعيد العلاقات الخارجية وتديرها عن طريق أزمات، هذه الأزمات غير مرتبطة بعام 2020، وبين كل مدّة وأخرى تشهد الضفة ومعها غزة بحكم الضرورة مرتبطة بما يجرى بالضفة نشهد قضايا غير مرتبطة بالملفات الجوهرية الفلسطينية.

تارة يتم الحديث عن ضمان اجتماعي، انقطاع الرواتب، حل البرلمان، دعوة لانتخابات محلية، أو تشريعية، وهي ملفات تشغل الشارع الفلسطيني دون أن تفضي إلى شيء، ولا يجوز أن نسميها تقلبات بل هي خطوات إرادية، وهي عبارة عن عملية إدارة بالأزمات لكسب المزيد من الوقت إلى حين تبدل الظروف لمصلحة السلطة، وكان هناك أمنيات من القيادة (السلطة) أن تأتي نتائج انتخابات الإدارة الأمريكية وهذا الأمل يتشكل لديها مما قد يعني حالة من الاسترخاء السياسي لديها.

– ماذا عن حال الضفة الغربية والوضع الميداني الحالي؟

التعويل على إمكانية تبدل الظروف الميدانية لمصلحة خلق حالة جديدة في الضفة أمر حالم. الشارع الفلسطيني لا يمكن أن يتحرك دون إطار جماعي ومنظم، وإن تحدثنا عن الأراضي الفلسطيني نتحدث عن حركات جماهيرية؛ فتح وحماس.

عملياً في الضفة الغربية فتح هي التي تسيطر على مقاليد الحكم إذا ما كانت التوجهات السياسية لتحريك الشارع فلن يتحرك الشارع، أما عن حماس فهي مقوضة من الناحية التنظيمية في الضفة وهي محاربة تمامًا، وقدرة الشارع على التحرك حتى ولو سلميًّا لا يمكن أن تتم دون رضا حركة فتح، ولا يمكن أن نرى هناك آفاقًا ما لم تتبدل على مستوى أكبر من الضفة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

شهيد ومصاب برصاص الاحتلال في مخيم بلاطة

شهيد ومصاب برصاص الاحتلال في مخيم بلاطة

نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد شاب وأصيب طفل، صباح الأحد، برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال اقتحامها مخيم بلاطة شرق نابلس. وأفادت مصادر...

إصابة 3 مستوطنين بقصف المقاومة عسقلان

إصابة 3 مستوطنين بقصف المقاومة عسقلان

غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أصيب ثلاثة مستوطنين بجروح - فجر الأحد- جراء سقوط صاروخ أطلقته المقاومة الفلسطينية على عسقلان المحتلة. وقالت هيئة البث...