الأحد 05/مايو/2024

فساد نتنياهو يغرق في غوّاصات ألمانيا

فساد نتنياهو يغرق في غوّاصات ألمانيا

يزداد وجه بنيامين نتنياهو، رئيس حكومة الاحتلال، احمراراً مع كشف تفاصيل جديدة في ملف صفقة الغوّاصات الألمانية المتهم فيه بتلقي رشوة في عملية شرائها.

وكشفت وسائل إعلام “إسرائيلية” تفاصيل جديدة عن الصفقة المشبوهة بين “إسرائيل” وحوض بناء السفن الألماني “تيسنكروب”، مرجحةً أن تسبب حرجاً آخر لنتنياهو، الذي قدم أمس طلباً بإلغاء لائحة الاتهام ضده في القضية، قبيل سيناريو بحل الكنيست ما يمهد لانتخابات إسرائيلية جديدة.

وكان “نتنياهو” قرر شراء غواصة سادسة، إضافة لخمس غواصات بحوزة سلاح البحرية الإسرائيلي، ولاحقا قرر شراء ثلاث غواصات من شركة “تيسنكروب”، من خلال إقصاء وزير الأمن ورئيس أركان الحرب الإسرائيلي عن اتخاذ هذه القرارات، وإخفائها عنهما.

ويواجه “نتنياهو” تهماً في ثلاثة ملفات فساد تعرف بـ”الملف 1000″ عن اتهامات بتلقي هدايا ومزايا من رجال أعمال مقابل تسهيلات، والملف 2000″ مع صحيفة “يديعوت أحرونوت”، للحصول على تغطية إيجابية، مقابل إضعاف صحيفة “إسرائيل اليوم” المنافسة.

أما “الملف 4000″ فيتضمن اتهامات لـ”نتنياهو” بإعطاء مزايا وتسهيلات مالية للمساهم المسيطر في شركة الاتصالات “بيزك”، “شاؤول ألوفيتش”، مقابل الحصول على تغطية إيجابية في موقع “والا”، وهو موقع إعلامي مملوك لـ”ألوفيتش”.

ولا تزال المظاهرات الإسرائيلية ضد “نتنياهو” مستمرة انتقاداً لسوء إدارته في ملف “كورونا”، لكنّ مراقبين للشأن الإسرائيلي والعسكري يؤكدون أن ملف الغواصات سينال من سمعة من يصفه أنصاره بـ”الملك” دون أن يطيح به وهو يفتح الأبواب الموصدة أمام “إسرائيل”.

فساد متراكم
ورغم تراكم ملفات الفساد المتعلقة بشخص “نتنياهو” إلا أنه أثبت قدرة على الصمود متمسكاً بكرسي رئاسة الحكومة أمام منافسيه الذين خاضوا 3 جولات انتخابية ضده وربما يقبلون على جولة رابعة تحت عنوان “أزمة الميزانية”.

وبحسب تقديرات نشرتها الصحف الإسرائيلية؛ يُتوقع أن تستغرق محاكمة “نتنياهو” ما بين عامين أو ثلاثة، وقد ناور عدة مرات معتمداً على رصيده في اليمين واليمين المتطرّف مستفيداً من الدعم المطلق له في إدارة “ترمب”، ونجاح ملف التطبيع مع أنظمة عربية.

وكان “بن زئيف” سفير إسرائيل السابق في ألمانيا صرّح قائلاً: “على مدار فترة طويلة، نقلت التقارير حول التقدم في شراء هذه الغواصة السادسة، ووفقا لتعليمات نتنياهو، إلى أفريئيل بار يوسف فقط، وليس إلى الجهات المسؤولة عني في وزارة الخارجية، وبضمنها الوزير. وأبلغني بهذه التعليمات السيد نتنياهو أثناء زيارته لألمانيا في تاريخ 27 آب 2009”.

وتدلل إفادة السفير أن “نتنياهو” أراد إبقاء الأمر لتصرفه بالتعاون مع “بار يوسف”، ما يشير إلى وجود تجاوز وشبهة فساد قد تكون وصلت لعملية سمسرة بينهما على حساب الصفقة.

ويؤكد د.محمود العجرمي، المحلل السياسي، أن المعلومات تشير لوجود عملية فساد وسمسرة بين “نتنياهو” وأحد المقربين منه الذي يملك أسهماً في عملية شراء الغواصات بمبالغ كبيرة.

تآكل الكيان
ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “حساسية الموقف أن الغواصات للقطاع العام أي الحكومة التي يترأسها، وهذا يمس بالأمن القومي للدولة العبرية، ويعدّ مؤشرًا على بداية تآكل الدولة”.

وشهدت “إسرائيل” في السنوات الماضية سلسلة محاكمات وقضايا لقادة سياسيين إسرائيليين بتهم الفساد والتحرّش وملفات أخرى أبرزهم “إيهود ألمرت” رئيس الحكومة السابق و”موشيه كتساف” رئيس الدولة.

ويعد نائب رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق، “أفريئيل بار يوسف” أحد المتهمين الرئيسين في القضية، وتنسب له شبهة طلب رشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، وقد قدمت الحركة من أجل جودة الحكم في “إسرائيل” التماسا للمحكمة العليا تطالب بإعادة التحقيق في القضية لتشمل “نتنياهو”.

ويقول اللواء يوسف شرقاوي، المحلل العسكري: إن “نتنياهو” أخفى معلومات في تلك الصفقة عن المستوى الأمني الذي يتحكم هو بقيادته مخفياً تفاصيل الصفقة والمبالغ الحقيقية التي عقدت مع ألمانيا.

ويتابع لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “إسرائيل تعتمد على ألمانيا في غواصاتها، وسلاح الاحتلال البحري قوي، وتجرى مضاعفة قوته لأنه طرف مركزي في صراعها العسكري”.

تراكم تهم الفساد والمخالفات لرئيس حكومة إسرائيلية في هذا التوقيت من عمر الاحتلال السياسي هو إساءة أخلاقية صريحة للزعامة الإسرائيلية، وبدء للعد التنازلي من إمكانيتها على الوجود مستقبلاً.

منافس “نتنياهو”

القوة التي يحظى بها “نتنياهو” في رئاسة الحكومة لا تنبع من قدرته السياسية الفريدة بل من غياب منافسين حقيقيين أقوياء بعد رحيل قادة الاحتلال الكبار والتاريخيين.

ويربط د.العجرمي بين حوادث متكررة لملفات فساد وممارسات عنصرية ومخالفات للقانون وقعت في الماضي وفي العصر الحديث في كل من الولايات المتحدة الأمريكية وربيبتها “إسرائيل”.

الولايات المتحدة الأمريكية التي تصف نفسها بأم الديمقراطية والحريات ومشروع الغرب في الشرق الأوسط “إسرائيل” تقاطعتا في ممارسة التمييز العنصري والاستيطان مع سكان فلسطين وشعوب أمريكا الأصلية.

ويصف المحلل العجرمي “نتنياهو” أنه أقوى الضعفاء الآن في إسرائيل، وأن “رابين” رئيس الوزراء السابق كان آخر الكبار في زمن طوى صفحة المؤسسين للكيان أمثال “جولدمائير -ديان- شامير- بن غوريون”.

المنطقة الرمادية التي تعيشها قيادة “إسرائيل” لا تظهر سوى “نتنياهو” كزعيم قادر على القيادة، ومأزق القيادة الآن له علاقة بعمر “نتنياهو” في السلطة ليس إلا.

ويتجوّل “نتنياهو” في الحلبة السياسية الإسرائيلية دون خصم حقيقي؛ فليس له منافس حقيقي يوازيه -حسب رؤية العجرمي-، وقد فشل “غانتس” و”ليبرمان” في إسقاطه من الحكم في جولات انتخابية متكررة مؤخراً.

ومن المتوقع أن تتكرر تجربة الانتخابات؛ إذ تعتزم المعارضة الإسرائيلية، (متمثلة في كتلة يش عتيد- تيلم) تقديم مشروع قانون لحل الكنيست، غدًا الأربعاء، بحسب ما ورد في وسائل الإعلام العبرية.

وذكرت القناة الـ13 العبرية، صباح الثلاثاء، أن حزبي “كحول لفان” والعمل، سيصوتان لمصلحة قانون حل الكنيست، الذي ستقدمه المعارضة غدا.

وقالت القناة: إن زعيم حزب “كحول لفان”، بيني غانتس، سيعلن اليوم بمؤتمر صحفي، عن تأييده لقانون حل الكنيست، الذي ستدقمه كتلة يش عتيد.

هاجس العظمة
ويرى اللواء يوسف شرقاوي -المحلل العسكري- أن هاجس العظمة والبطولة يسكن العقلية الإسرائيلية، وأن “نتنياهو” الزعيم الوحيد الذي يمارس دور المخلّص مرتبط بأساطير وروايات دينية تنعكس دوماً على رؤيتهم السياسية.

ولم تكن “إسرائيل” تغض الطرف عندما سمحت لألمانيا ببيع غواصتين في القضية ذاتها لمصر إلا بعد أن ضمنت عامل تفوقها العسكري عليها في الغواصات.

قصة “داود” الذي هزم “جالوت” لن تتكرر في حقبة “نتنياهو”، حسب رؤية المحلل شرقاوي، مع قائد مثقل بتهم الفساد لكن العقلية الإسرائيلية حريصة دوماً على تعزيز رواية قد تنجح إذا أثارت شجون الماضي، لكنها قد تفشل في قاعة المحكمة أمام القانون.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات