الأحد 12/مايو/2024

حي الطور.. أعلى قمم القدس مجسدًا معاناة وطن

حي الطور.. أعلى قمم القدس مجسدًا معاناة وطن

يقع حي الطور شرقي مدينة القدس المحتلة علي سفوح جبل الزيتون المطل على المسجد الأقصى المبارك، والذي يبلغ ارتفاعه 826 مترًا فوق سطح البحر، وتبلغ مساحته 8808 دونمات، ويعد أحد أقدم أحياء مدينة القدس.

يحده من الشرق المسجد الأقصى المبارك، ومن الغرب الخان الأحمر، ومن الشمال قرية العيساوية، ومن الجنوب العيزرية وأبو ديس.

وترجع تسمية الحي إلى ما قبل ميلاد سيدنا عيسى عليه السلام، وكان يسمى طور زيتا؛ لأن معظم أراضيه كانت تزرع بالزيتون، كما عرف في العهد الروماني باسم بيت فاجي “بيت التين”، ويبلغ عدد سكانه ما يقرب من 40 ألف نسمة.

وللطور أهمية تاريخية ودينية وسياحية كبيرة، إذ تنتشر فيه عديد المساجد والكنائس وأديرة الصعود لجميع الطوائف المسيحية، فوفقًا للكتب المسيحية فإن سيدنا عيسى عليه السلام صعد من جبل الزيتون إلى السماء.

ومن أبرز المعالم الموجودة فيه مسجد يقال إن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه صلى فيه يوم فتحه بيت المقدس، ومسجد سلمان الفارسي والذي يعد من أقدم المساجد منذ زمن الدولة العثمانية، ومقام رابعة العدوية والذي بني منذ ما يزيد عن 1300 سنة، كما بنى فيه الملك الأيوبي عيسى بن أحمد قلعة حصينة، ومن أهم الأديرة الموجودة فيه دير بيت فاجا وكنيسة الصعود وكنيسة المسكوبية ومقام السيدة العذراء.

كما يحتضن حي الطور مستشفى المقاصد، ومستشفى المطلع، ومستشفى الأميرة بسمة لذوي الاحتياجات الخاصة، ومستشفى الهلال الأحمر.

يعاني سكان الطور من اعتداءات سلطات الاحتلال والمستوطنين المستمرة، فقد صادرت سلطات الاحتلال ما يزيد عن 8 آلاف دونم من أراضيه منذ احتلاله عام 1967.

ودأبت قوات الاحتلال على اعتقال الأطفال ليلًا واستجوابهم لساعات في مخافر الشرطة دون مرافقة أهاليهم لهم، إضافة لهدم منازل المواطنين بدعوى عدم امتلاكهم تراخيص للبناء، كما يستولي المستوطنون على المنازل، ويطردون سكانها منها، وتصادق محاكم الاحتلال على تلك المصادرات بدعوى أنها أملاك غائبين.

وأقامت سلطات الاحتلال أكثر من بؤرة استيطانية على أراضي الحي مثل: بيت أروت، والتي تتكون من 32 وحدة سكنية، ومستوطنة أخرى تقع في منطقة الخلة، وهي عبارة عن بناية سكنية يقطنها 8 أسر من المستوطنين، ومقبرة اليهود والتي تبلغ مساحتها 230 دونمًا.

وفي حديث خاص “للمركز الفلسطيني للإعلام” أكد مدير مركز القدس للدراسات الاقتصادية والاجتماعية زياد الحموري على مدى خطورة الوضع الحالي في حي الطور، خاصة في ظل وجود أكثر من بؤرة استيطانية فيه.

لكنه شدد على أن الخطورة الأكبر تكمن فيما هو قادم من مخططات تسعى سلطات الاحتلال لتنفيذها، حيث ستتحول عديد الأراضي في الحي إلى مسارات للمستوطنين يسلكونها من أجل الوصول إلى حائط البراق، كما ستربط هذه المسارات المستوطنات ببعضها البعض، خاصة في ظل القرب الجغرافي لحي الطور من الجامعة العبرية ومستشفى هداسا وغيرها من المؤسسات الإسرائيلية، حيث تسعى سلطات الاحتلال لربط كل هذه المؤسسات ببيت أروت وكل البؤر الاستيطانية الموجودة في القدس.

كما صادرت سلطات الاحتلال ومنذ سنوات ما مساحته 734 دونمًا من أراضي حي الطور والصوانة لإقامة حديقة تلمودية ضمن مخططات تهويد القدس، وهو ما سيوقف التمدد الديمغرافي الطبيعي في الطور والعيساوية، إذ تعد هذه المنطقة الوحيدة التي يستطيع سكان الحيين التوسع العمراني فيها.

وتعد سلطات الاحتلال منطقة الحديقة استراتيجية حيث يقع فيها شارعان يتصلان بالشارع المؤدي لمستوطنة معالي أدوميم، ومن خلال إنشائها يضمن الاحتلال التواصل الجغرافي بين معالي أدوميم والمشروع الاستيطاني المسمى “E1” والذي ينص على بناء أربعة آلاف وحدة استيطانية جديدة بالإضافة لما هو قائم في معالي أدوميم وربطها بالقدس، وهو ما يعني قطع الطريق على الطور وأبو ديس والعيزرية والزعيم والعيساوية وعناتا من حقها في التوسع العمراني.

وتعليقًا على هذا المشروع قال الحموري: إن إنشاء هذه الحديقة والطرق المارة منها يأتي في سياق سعي سلطات الاحتلال لربط المستوطنات ببعضها البعض، وهو ما يعني محاصرة القدس من كل الجهات، وتحويل سكانها للعيش في جزر محاطة بالمستوطنات.

أما بخصوص اعتقال قوات الاحتلال للأطفال واستجوابهم في مخافر الشرطة دون مرافقة أهاليهم لهم، قال الحموري: إن عمليات اعتقال الأطفال موجودة في كل أحياء القدس خاصة في منطقة سلوان وشعفاط وبيت حنينا، فقد وصل العدد لآلاف الاعتقالات، دون مراعاة لأي قوانين دولية، لكن الاحتلال ينتهك هذه القوانين الدولية وحقوق الطفل.

أما فيما يخص هدم المنازل والتي كان آخرها هدم بناية قيد الإنشاء للمقدسي أحمد أبو الهوى يوم الأربعاء 11-11-2020، أكد الحموري أن عمليات هدم المنازل موجودة في كل منطقة في القدس، حتى تلك المباني التي تمتلك تراخيص بناء من السلطة، يشكل خرقًا للقوانين الدولية وللاتفاقيات الموقعة مع السلطة الفلسطينية.

من جانبه شدد الباحث الأكاديمي المختص في شؤون وعمارة القدس الدكتور جمال عمرو، على أن الطور يعد حيًّا من أحياء مدينة القدس وليس بلدة أو قرية من القرى وفقًا للمفهوم الحضري الفلسطيني، لكن الاحتلال يحاول أن يحولها لبلدة أو قرية كي تصبح ريفًا ولا يصبح هناك وجود لمدينة فلسطينية حضرية وحضارية تصلح لتكون عاصمة، عادًّا حي الطور مركز المدينة حيث يقع في منتصف المدينة المقدسة، على سفوح جبل الزيتون المطل على الأقصى من الناحية الغربية وعلى البلدة القديمة.

وبين في حديث “للمركز الفلسطيني للإعلام” أن مساحة حي الطور تتجاوز الثمانية آلاف دونم، ولا يستطيع أي أحد انتقاصها؛ لأنها ثابتة منذ أن خلق الله الأرض، على حدّ تعبيره، موضحًا أن حي الطور يشمل الصوانة وجبل المشارف الذي بنى عليه الاحتلال الجامعة العبرية ومستشفى هداسا، وتشمل رأس العمود والمقبرة اليهودية التي تبلغ مساحتها 230 دونمًا.

وتابع: أراضي الطور تمتد إلى الزعيم وإلى “E1” هذه المستوطنة القاتلة جدًّا، والتي ستؤدي إلى إغلاق البوابة الشرقية لمدينة القدس إغلاقا كاملا.

وأضاف: أن سلطات الاحتلال صادرت أراضي واسعة لأغراض إنشاء حدائق توراتية، وشق الطرق، والأنفاق، وكذلك التل فريك والذي سيبدأ في الطور؛ من الشرق غربًا، وسينتهي في الطور قادمًا من الغرب إلى الشرق. حيث ستكون محطة التل فريك في كنيسة الصعود ومسجد رابعة العدوية، كما كانت تنوي سلطات الاحتلال إنشاء كلية عسكرية بجوار مستشفى الطور، لكن محكمة الاحتلال أوقفت القرار بسبب اعتراض جماعات البيئة والجماعات التلمودية التي تريد الاستمتاع بالمنطقة.

وتتواصل معاناة سكان الطور وافتقادهم للخدمات التي يجب أن توفرها بلدية الاحتلال للحي على مستوى الطرق وخدمات الصرف الصحي وشبكات توصيل المياه والكهرباء، وعدم توفر الأرصفة والإنارة والحدائق وحاويات للقمامة وغيرها من الخدمات التي لا توفرها البلدية رغم دفع سكان الحي للضرائب التي تفرضها عليهم سلطات الاحتلال.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات