عاجل

الثلاثاء 07/مايو/2024

إسرائيل بدون امريكا ؟!

ناصر ناصر

تحاول اسرائيل دوما تجاوز عقدة نقصها وشعورها الدائم بحاجتها لرعاية ومظلة أمريكية سياسية واستراتيجية كما جاء في عقيدة أمنِّها القومي ، وذلك من خلال تكتيكات معينة من أهمها إعلانها الاستعداد والجهوزية للمواجهة والحرب ، بل والقدرة على خوض معركة لوحدها على عدة جبهات ، كما ظهر في مناوراتها الأخيرة في الشمال والتي انتهت أمس الخميس والمسماة “السهم القاتل” ، حيث الجبهة المركزية هي مواجهة احتمالات قيام حزب الله بالسيطرة أجزاء من فلسطين مع اندلاع مواجهات في غزة واطلاق صواريخ من العراق ، وفي مقابل هذا شكل اتفاق امريكي اسرائيلي جديد لتعويض الأخيرة عن نية واشنطن المضي قدما في بيع 50 طائرة من طراز أف 35 للإمارات مؤشرا آخر على مدى حاجة اسرائيل لأمريكا وخاصة في أوقات الحروب .

شملت التفاهمات بين وزير الجيش الاسرائيلي غانتس ووزير الدفاع الامريكي مارك أسبر في اسرائيل 29-10 التزاماً أمريكياً بتزويد الجيش الاسرائيلي بالذخيرة أثناء الحرب وتزويد طائراتها بالوقود كذلك ، فكيف يمكن لاسرائيل دون الدعم العسكري المباشر ،وكيف يمكن لقادتها السياسيين والعسكريين أن يزعموا أنهم مستعدون للحرب في جبهة أو من باب أولى في ثلاث جبهات ؟ أم أنهم يعتمدون على غيرهم كأمريكا للقتال عنهم ؟

لا يعني هذا الاستهانة بقدرات الجيش الاسرائيلي ، فهو من أقوى جيوش المنطقة ولكنه مبني على الحروب الخاطفة والسريعة ، أما طويلة المدى فهي أمر آخر وبحاجة لتدخل امريكي واضح ، وهي نقطة ضعف كبيرة في الأمن القومي الاسرائيلي .

من المناسب الاشارة أيضا الى أن تفاهمات اسبر وغانتس تضمنت أيضا موافقة امريكية على تزويد دولة الاحتلال بسرب جديد من طائرات أف 35 وسرب آخر من النموذج الأكثر تطوراً من طائرات اف 15 ، وقنابل ذكية تخترق التحصينات العالية إضافة الى تكنولوجيا حديثة متطورة ، الأمر الذي سيحوّل بيع امريكا طائرات اف 35 للامارات أمرا محتملا ولا يؤثر بالمطلق على التوازن العسكري مع اسرائيل ولكنه يحقق لترامب مطالبه بتشغيل شركات السلاح وتوفير مئات آلاف فرص العمل ، كما أنه يسمح بإغراء بعض الدول بالتطبيع مع اسرائيل مقابل ثمار السلام ” على شكل طائرات أو إلغاء ديون أو ما شابه .

أو بمعنى آخر : اسرائيل تقبض وأمريكا تدفع وتضغط وتهدد إن لزم .

ومن جهة أخرى فان اتفاقات التطبيع بين اسرائيل والامارات واسرائيل والسودان قد تمت بدعم ورعاية أمريكية ، فهي قاطرة هذه العملية ، حتى بدا الأمر كأنه اتفاق امريكي سوداني ، أو امريكي اماراتي بالدرجة الأولى ومع اسرائيل بالدرجة الثانية ، ولا يقلل هذا بالطبع من عمق الجريمة الاستراتيجية والسياسية والأخلاقية التي ارتكبتها أنظمة التطبيع ، ولكن القول هنا يستهدف وضع الأمور في نصابها وإعادة اسرائيل- المستوطنة لحجمها الطبيعي ونتنياهو لمقامه المحدود ، وبمعنى آخر فإن مشكلة العرب والمسلمين هي امريكا بالدرجة الأولى وعليهم التعامل معها بالوسائل المتاحة والمناسبة وهي مهمة معقّدة وطويلة المدى ، أما اسرائيل فيمكن للفلسطينيين موحدّين مواجهتها .

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات