الأحد 05/مايو/2024

الصيادون الزعزوع.. الرصاص المصري يئد حلم الأشقاء الثلاثة

الصيادون الزعزوع.. الرصاص المصري يئد حلم الأشقاء الثلاثة

“هدول اثنين! الثالث وين؟ قولولي ياسر وين؟”.. عبارةٌ على لسان الأم المكلومة أم نضال الزعزوع والدة الأشقاء الثلاثة، هزّ صداها مواقع التواصل الاجتماعي.

وتبادل سكان قطاع غزة مقطعًا مصورًا لوالدة الصيادين الزعزوع، وهي تبكي بحرقة شديدة، متسائلة عن مصير ابنها الثالث الذي أصيب بعد استشهاد شقيقيه قرب المياه المصرية جنوب قطاع غزة.

وكان الشقيقان محمود وحسن الزعزوع، استشهدا بعد أن تعرّض قاربهما الصغير لإطلاق نار كثيف من البحرية المصرية فجر الجمعة الماضي، في حين لا يزال شقيقهم الثالث ياسر مصابٌ لدى السلطات المصرية.

وأثبتت مصادر طبية فلسطينية بعد معاينة جثامين الشهداء، إصابة الصياد الشاب محمود الزعزوع (21 عاما) بعيار ناري اخترق فخذه وخرج من كتفه، بينما أصيب شقيقه حسن الزعزوع (26 عامًا) بعيار ناري اخترق رأسه، وتحدثت مصادر محلية عن إصابة طفيفة لشقيقهما الثالث ياسر.

ويخيم الحزن على قطاع غزة بعد حادثة استشهاد الصيادين الذين ووري جثمانهما الثرى قرب منزلهما في دير البلح.



قارب مدين

لسنواتٍ، عمل الأشقاء الثلاثة معاونين بالأجرة في مراكب الصيادين على شاطئ مدينة دير البلح، وعندما فكرا بشراء قاربهما الخاصّ جمّعا واستدانا كثيرًا من المال لإكمال ثمن القارب.

ويقول الصياد عبد الله الحوش، الذي باع القارب للأشقاء الزعزوع قبل أيام، إن زملاءه في المهنة تجشّموا مشقة كبيرة حتى دبّرا مبلغاً من المال سددا معظمه قبل أن يمارسا الصيد 3 مرات على الأكثر في مياه قطاع غزة.

ويضيف الحوش لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “ثمن القارب يناهز 20 ألف شيكل، وبقي عليهم مبلغ لم أتقاضاه على أمل تسديده بعد فترة، هؤلاء جيراني وزملاء مهنة بسطاء، ويعيلون والدهم المريض بالسرطان، وقد سامحتهم ببقية المبلغ”.

وتدور جلبة قرب منزل الصيادين الزعزوع مع وصول الجثامين من مستشفى دار الشفاء بقطاع غزة؛ حيث بدأ الصيادون والأقارب في التجمع لإلقاء نظرة الوداع على الشقيقين الزعزوع.

ويقول نضال شقيق الشهيدين لمراسلنا: “نقلنا الجثامين صباح اليوم من مستشفى الشفاء، إخوتي أحدهم يمارس الصيد من 6 سنوات، وآخر من 5 سنوات، والثالث لم يركب البحر سوى من شهرين، أفراد عائلتي الآن وأنا أكلمك مصابون بالصدمة وحالات إغماء، فماذا ذنب أشقائي ليقتلوا؟!”.

وظهرت والدة الصيادين الثلاثة في تسجيل مؤثر بعد تلقيها نبأ استشهاد اثنين من أبنائها وهي تقول: “اثنين راحوا عشان لقمة العيش بقي واحد عايش.. جيبولي خبر عن ياسر مشان الله.. محمود راح، وحسن عريس كان يجهّز بشقته.. بدي أعرف وين ياسر؟ خليه يطفي ناري..”.



ملاحقة مستمرة

ويعاني قطاع الصيد في غزة من حصار بحري أغلق فيه الاحتلال الصيد معظم شهور السنة، ويطلق فيه النار على قوارب الصيادين من مسافة تقل عن 5 ميل بحري مخالفاً بذلك اتفاقية “أوسلو” التي تسمح بالصيد في مسافة 20 ميلا.

واستنكر نزار عياش نقيب الصيادين بغزة في حديث مع “المركز الفلسطيني للإعلام” ما جرى للصيادين الأشقاء الثلاثة.

وتابع: “لا أتصور أن يصل الأمر قرب المياه المصرية لدرجة القتل المباشر، تكررت الإصابات بنيران البحرية المصرية، وفقدنا 5 ضحايا سابقاً قتلوا قرب المياه المصرية دون مبرر حقيقي، الصيادون بسطاء وفقراء ويعيلون أباً مريضاً وأسرة كبيرة، وقاربهم صغير قدرته 25 حصانًا”.

حلم بسيط لم يكتمل
وكان الصياد محمد تنيرة آخر من شاهد الأشقاء الثلاثة وهم يبحرون ليلة الخميس انطلاقاً من ميناء الصيادين في دير البلح، فرحين بقاربهم الجديد الذي لم يصافح المياه سوى عدة مرات.

ويقول تنيرة لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “زملائي منذ سنوات، وكانوا عمال صيد يحلمون بشراء قارب، واستدانوا مبلغا كبيرا، وبقي عليهم ديون على أمل تسديدها من الموسم الحالي، لكنهم قتلوا دون ذنب لهم”.

ويترقب تنيرة وصول أبناء خاله الاثنين “أحمد وطارق قنن” اللذين تعرضا للاعتقال خلال رحلة صيد جنوب قطاع غزة، ومكثا 6 أشهر لدى السلطات المصرية التي أعلنت عن إطلاق سراحهما، وإعادتهما لغزة عندما يفتح معبر رفح.

ومن موقعه الإداري، تابع أبو أحمد بصلة، نائب نقيب الصيادين اللحظات الأخيرة من الإجراءات الإدارية لتسجيل قارب عائلة الزعزوع قبل الانطلاق للعمل ليلة الخميس الماضي.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “لم يكملوا ثمن قاربهم، ولم تنتقل ملكيته بعد لهم كما هو مقيد لدينا في النقابة، قبل الحادثة بساعات سجلوا أسماءهم للعمل في الشرطة البحرية كما هو المعتاد من خلال الإجراءات الإدارية، وذهبوا في رحلتهم الأخيرة”.

وأفاد شهود عيان من زملاء الصيادين الزعزوع الذين أبحروا بالقرب منهم، بأن قاربهم تعرّض لإطلاق نار كثيف ومركز أدى لإصابتهم بجراح بالغة أدت لاستشهادهم وتضرر قارب الصيد.

ويبقى بحر قطاع غزة شاهداً على أحد وجوه المعاناة اليومية التي يواجه فيها الصياد الفلسطيني الحصار والملاحقة، ويلقى مصيره إما شهيداً أو جريحاً أو معتقلاً على يد العدو والجار.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات