عاجل

الأحد 16/يونيو/2024

سعدي الغرابلي.. 27 عامًا من المعاناة بسجون إسرائيل

سعدي الغرابلي.. 27 عامًا من المعاناة بسجون إسرائيل

بعد سنواتٍ سبع وعشرين ثقيلة مؤلمة، وقاهرة، الأسير المسن سعدي الغرابلي (75 عامًا) يواجه مصيرا مجهولا في سجون “إسرائيل”، بعد إهمال صحي ممنهج مورس بحقه.

وحتى ساعات مساء الاثنين، تضاربت الأنباء عن مصير الغرابلي، ففي حين أكدت هيئة شؤون الأسرى والمحررين نبأ وفاته، نقلت عائلته عن أسرى تأكيدهم أنه لا يزال على قيد الحياة ولكن في حالة خطيرة.

تضارب مربك

وقال سهيل، نجل الأسير في تصريحٍ خاصٍّ لـ”المركز الفلسطيني للإعلام”: “الأمور بالنسبة لنا متضاربة، فبعد أن تبلغنا نبأ استشهاد والدي، وباشرنا في إقامة سرادق لتقبل التعازي، وصلتنا معلومات من داخل السحون أنه لا يزال على قيد الحياة”.

وأكد أن هذا التضارب يربك الجميع ويزيد أوجاعهم، نافيا أن تكون العائلة تلقت معلومات من الصليب الأحمر عن مصيره.

وأشار إلى أن المعلومات اخلتفت مرتين، حيث جاء خبر الاستشهاد في البداية، ثم جرى نفيه، ولكن بعد ذلك حدث تأكيد جيد من هيئة شؤون الأسرى، وفي ساعات المساء جاءتنا معلومات جديدة أن والدي على قيد الحياة، وبالتالي جرى إلغاء سرادق العزاء.

وطالب جميع الجهات بالتدخل للكشف عن مصير والده وضمان الإفراج عنه وتأمين علاج مناسب له.

وذكرت مصادر محلية أن الغرابلي في حالة موت سريري وهو مربوط على أجهزة التنفس، وأبلغ الاحتلال عزمه رفع الأجهزة عنه، وبالتالي متوقع الإعلان الرسمي عن استشهاده في أي لحظة.

واتهمت جمعية واعد سلطات الاحتلال بتعمد إحداث هذه البلبلة من خلال المعلومات المغلوطة والمصححة التي قدمتها للأسرى حول حالة الأسير.

الأسرى الشهداء
وحال استشهاد الأسير الغرابلي يرتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة منذ عام 1967 إلى 223، إضافة إلى مئات الأسرى، الذين استشهدوا بعد تحررهم متأثرين بأمراض ورثوها من السجون، في حين بلغ عدد الأسرى الذين قتلهم الاحتلال نتيجة سياسة الإهمال الطبي المتعمد 68 شهيدا.

وكان الغرابلي يعاني وضعًا صحيًّا خطيرًا من مرض السرطان الذي نال من جسده الهزيل ما نال.

ويتهم الاحتلال الغرابلي بالضلوع في قتل أحد جنوده بمدينة (تل أبيب) يوم السابع من نوفمبر عام (1994)، وطارده حتى أمسك به، وعذبه، وحكمه بالسجن مدى الحياة.

والغرابلي من قدامى أسرى قطاع غزة، وأصله من منطقة الشجاعية، وهو متزوج وأبٌ لـ10 أبناء استشهد أحدهم وهو أحمد الغرابلي عام 2002 في اشتباك مع جنود الاحتلال، وكان يبلغ من العمر 20 عاماً.

عانى من حالة حرجة
المركز الفلسطيني للإعلام” نشر في آذار/ مارس الماضي، تقريرًا يرصد حالة الأسير الصعبة، حيث وصلت العائلة المكلومة مناشدة عاجلة من سجن “إيشل” بضرورة إنقاذ حياته بعد أن أصبح مرضه بسرطان البروستاتا يشكّل خطراً على حياته.

وكانت أسرة الغرابلي الممنوعة من زيارة الأسير سعدي، والتي تسكن حي الشجاعية بمدينة غزة، وجهت نداء استغاثة لجميع المؤسسات الرسمية والحقوقية من أجل إنقاذ حياته بعدما وصلت حالته لمرحلة حرجة.

بدأت رحلة الغرابلي في سجون الاحتلال بعد اعتقاله عام 1994 وحكم مدى الحياة، وتعرّض للعزل الانفرادي من عام (1994-2006) بدأ بعدها يعاني من أمراض مزمنة.

يقول عصام الغرابلي -نجل الأسير-: إن أبناءه العشرة وزوجته ممنوعون من زيارته منذ عام 1999، وإن آخر محاولة لزيارته كانت عام 2003 انتهت بالفشل بعد أن منع الاحتلال شقيقه من اجتياز معبر بيت حانون.

ويعاني الأسير الغرابلي من مرض السكر والضغط وضعف السمع والإبصار، لكن سرطان البروستاتا تسلل في السنوات الأخيرة لجسده وأنهك صحته تمامًا.

ويضيف: “وصلتنا مناشدة من داخل السجن أن والدي لم يعد يقوى على الحديث، وقال الأسرى إنه يعاني من حصر البول، ويحاول ساعات عدة كل يوم دون جدوى، وطالبونا بالتحرك العاجل؛ لأنه يصرخ طوال الليل من الألم”.

وكانت مصلحة السجون الإسرائيلية رفضت نقل الأسير الغرابلي لتلقي العلاج في عيادة سجن الرملة، وتعمّدت تركه دون علاج من السرطان؛ ما أدى لانتكاسة كبيرة في الأسابيع الماضية.

ويقول نجله وسام: “سجن والدي قبل 26 عامًا، ولم يكن يعاني من أي مرض، لكن العزل الطويل تسبب له بأمراض مزمنة والسرطان نهش جسده وحياته”.

الأب والجد
في منزل الأسير الغرابلي 3 أحفاد أسماهم أبناؤه (سعدي) على اسم أب كانوا يترقبون حريته بعد أن طالت غيبته من عام (1994) وعزله الاحتلال في زنزانة انفرادية أكثر من 15 عاماً.

أكثر من يتابع قصته هو ابنه هاني الذي زاره آخر مرة عام 1999، وهو يطالب المؤسسات الإنسانية بالتدخل العاجل لعلاج مرضه من ضعف النظر والسمع، وضغط الدم، وكسر الحوض.

ويقول في تقرير سابقٍ لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “أتوجه أولاً إلى الله ثم إلى المقاومة أن يعملوا على تحرير أبي في أي صفقة قادمة لأنه كبير في السن ومريض جداً”.

وحين وقعت حادثة اعتقال سعدي الغرابلي كان ابنه عصام يدرس الطب البشري في أوكرانيا، وعندما تخرّج طبيبا حاول زيارته فلم يفلح في رؤيته سوى عام 1999، وبعدها حرمت عائلته من زيارته.

يضيف عصام لـ”المركز“: “أمضي والدي 80% من سجنه في العزل الانفرادي، ولكنه مؤخراً يعاني بشدة من مشكلة سكر غير منتظم، ولديه كسر حوض لم يعالجه الاحتلال منه، عدا عن مشاكل في البصر وعدم المساح له بامتلاك نظّارة طبيّة، وحاولنا إدخال أطباء على نفقتنا فرفض الاحتلال”.

ويتابع: “حتى الآن يتعامل معنا كأطفال لأنه تركنا صغارًا وبحاجة لنصائح وحرمنا من زيارته عام 2001 وقد حاول أخي الكبير زيارته مؤخراً لكنهم أعادوه على معبر بيت حانون ولعل آخر زيارة كانت لعمي محمود عام 2001 وبعد ذلك انقطعنا عنه كلياً”.

فراغ دائم
تمر المناسبات الاجتماعية بالتوالي دون أن يشعر أبناء وأحفاد سعدي الغرابلي بوجوده فهم يذكرون اسمه، ويتمنون عودته في الأفراح والأعياد وحين يزور الأشقاء التسعة شقيقتهم الوحيدة.

ويقول عصام: “أعمامي لم يقصروا معنا، واحتضنونا، ووالدتي حملت العبء الكبير، وأحفاده دائماً يسألون عنه ويقولون: أين جدي الأسير؟”.

يستطرد عصام بالحديث سائلاً طفله عمر: أين جدك؟ فيجيب الطفل وفي يده مسدس بلاستيكي: “سأقاوم جنود الاحتلال وأطلع سيدي سعدي من السجن”.

ويقول عبد الله قنديل، الناطق باسم جمعية واعد: إن الأسير الغرابلي من الأسرى الكبار في السن الذين يعانون من أمراض مزمنة ومحروم من الزيارة من سنوات طويلة، والاحتلال يتجاهل مناشدات أهله بضرورة علاجه.

ويتابع: “هو أحد ضحايا الإهمال الطبي المرتقبين، وهناك انتهاكات خطيرة على صعيده الشخصي، وسجلت أسرته مناشدات لمؤسسات دولية مراراً، لكن الاحتلال عزله سنوات طويلة، وتعمّد عدم علاجه”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات