الأحد 16/يونيو/2024

وقف التنسيق الأمني.. تهديد بلا قدرة على التطبيق

وقف التنسيق الأمني.. تهديد بلا قدرة على التطبيق

لم تلق تصريحات رئيس السلطة محمود عباس حول وقف التنسيق الأمني مع حكومة الاحتلال ردة فعل جادة من المستويين السياسي والأمني الصهيونيين اللذين سعيا وبلهجة متناغمة للحديث عن أن كل شيء يسير على ما يرام.

ونقلت صحيفة “إسرائيل اليوم” في اليوم التالي لخطاب عباس تصريحات عن مسئولين فلسطينيين قالت إنهم كبار أن “تصريحات أبو مازن بشأن إلغاء الاتفاقيات مع إسرائيل بيانية فقط”.

ونقلت عن مسؤولون كبار في الأجهزة الأمنية الفلسطينية أن التعليمات التي صدرت لهم من مكتب الرئيس تقضي بتقليص التنسيق الأمني مع “إسرائيل” إلى الحد الأدنى، وزعمت هذه المصادر أنها هي التعليمات نفسها التي كانوا يعملون بموجبها منذ بعض الوقت، وفي واقع الأمر هي نفسها منذ أوقفت الدوريات المشتركة عام 2000.

لكن الأمر أخذ جانبا أكثر وضوحا يشير إلى استمرار التنسيق الأمني بعد خطاب عباس حين نقل الصحفي جال بيرغر -من محطة كان الصهيونية- أن السلطة الفلسطينية أبلغت “إسرائيل” رسميا أنها لن تسمح بانتشار “العنف” في الضفة في سياق “وقف” التنسيق الأمني معها.

وأشار الصحفي الصهيوني اليئور ليفي -من صحيفة يديعوت احرونوت- “أن أبا مازن اختار كلماته بحرص شديد، وترك نافذة ليست صغيرة للمناورة. حيث قال أبو مازن: إننا لم نعد ملتزمين بالاتفاقات الموقعة، والمعنى الحرفي لهذا أن الفلسطينيين يستطيعون الاستمرار بالوفاء بتعهداتهم، لكنهم أيضا يرون أنفسهم ليسوا مكبلين بها. على الأرض لا يعني أن صباح هذا اليوم سيكون مختلفا بالضرورة عن أمس بكل ما يتعلق بالتنسيق الأمني والمدني مع “إسرائيل” والتنسيق الذي لا يزال قائما بين أجهزة الأمن الفلسطينية والـ CIA، وهناك الكثيرون في السلطة الفلسطينية ممن لم يرُق لهم هذا”.

من جانبه يعد المحلل السياسي الدكتور هاني المصري أن الحديث عن التحلل من الاتفاقيات لا يعني مغادرة المربع الحالي ما لم يقترن بإجراءات ملموسة وفورية.

وأضاف لمراسلنا أن عدم وجود تلك الإجراءات الفعلية على الأرض بعد الخطاب يؤشر إلى أن قيادة السلطة لم تغادر المربع الحالي؛ ما يثير التساؤلات حول معنى وقف الاتفاقيات.

وانتقد عدم وضوح ذلك في خطاب عباس، سيما وأنه أيضا لم يقدم تصورا لما بعد ذلك، ولم يتحدث عن الوحدة الوطنية، ولا أشكال المقاومة الشعبية للمرحلة المقبلة، ولا عن إعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير.

وأشار إلى أن عدم التطرق لذلك ليس مؤشرا إيجابيا؛ فالمطلوب فهم كيف سيكون شكل السلطة الفلسطينية بعد هذه القرارات، وكيف ستدار العلاقة مع “إسرائيل”، وكيف سيتم التعامل مع بروتوكول باريس الاقتصادي، وكيف سيتم وقف التنسيق الأمني، وكيف ستستلم الحكومة أموال المقاصة من الاحتلال.

ويتوافق مع ذلك المحلل السياسي سليمان بشارات الذي يؤكد محدودية خيارات السلطة الحالية، إضافة إلى أن واقع السلطة الداخلي غير المنسجم يعرقل تحديد بوصلة واضحة للتعامل مع المرحلة المقبلة، فهناك من يريد فعلا وقف العمل بهذه الاتفاقيات وتحريك مواجهة جزئية مع الاحتلال، ولكنه ليس التيار الغالب في السلطة.

وأضاف لمراسلنا أن السلطة ما تزال حاليا غير راغبة في التحلل الفعلي من الاتفاقيات؛ لأن هذه الإرادة لو وُجدت لسبقها تمهيد وتهيئة على أرض الواقع، ولكنّ أيًّا من ذلك لم يحدث.

وشدد على أن الخيار الأمثل يبقى في استعادة الوحدة الوطنية ولو جزئيًّا وتدريجيًّا، والتركيز على معالجة الوضع الداخلي، خاصة وأن العالم منشغل بجائحة كورونا.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات