الجمعة 26/أبريل/2024

مخيم دير بلوط.. خيام تروي حكاية وطن

مخيم دير بلوط.. خيام تروي حكاية وطن

في مخيم دير بلوط، شمال سوريا، وعلى ضفاف النسيان، حيث رمت أمواج التهجير أجسادا أنهكها الخذلان، بعد أن حطم الموج مراكب أحلامهم!

هنا ومنذ ذلك الحين يحاول الفلسطينيون لملمة ذكرياتهم وتراثهم وكيانهم، وبقايا وطن سكن في وجدانهم واستقر في قلوبهم؛ فلم تفلح سياسات الاقتلاع والتهجير من سلخه عن حامليه فكرا وقضية، حلما وهوية!

في المخيم تقول لك الخيمة الفلسطينية: ها أنا ذا. فقد تجاوز ساكنوها كل عصور النسيان، التي لطالما كانت غولدا مائير تمني النفس بها، الرسوم والعبارات التي سردها الفلسطينيون على خيامهم سبقت كل تلك العصور، إنها تصاوير عصور ما قبل النسيان!

خريطة وعلم
على واجهة خيمته يختزل اللاجئ الفلسطيني “محمود” قصص الزيتون والزعتر ويسرد مراحل النضال واللجوء بخريطة وعلم وبضع عبارات.

ويقول “محمود”: “في هذه الخيام سكن أجدادنا وآباؤنا، وها نحن اليوم نتوارث هذا الرمز الذي أصبح مرادفا لكلمة فلسطيني”.

وأضاف في تصريح لـ”قدس برس”: “هكذا هم الفلسطينيون في الشتات كلما استقر بهم الحال في بلد على أنهم في وطنهم حتى تنقلب الأمور فيجبر الفلسطيني على الرجوع إلى الخيمة، حتى صارت هي الوطن!”.

وأردف: “الخيمة أصبحت رمزا من رموز الشعب الفلسطيني، لا لأنها قدره؛ فقدرنا الذي نؤمن فيه هو أرض فلسطين وأنهارها وروابيها، أملاكنا وبيوتنا ما زالت هناك، وسنتسرجعها عاجلا أم آجلا”.

ربما أراد “محمود” أن يقول إن الفلسطيني هو الوحيد الذي يشكل كيانه جسدا وروحا حدود فلسطين فحملها أينما رمت به رياح الشتات واختزل فلسطين في خيمة!

ينساب الحاج “أبو محمود” بلطف إلى حديث مراسل “قدس برس” مع محمود.. “كيفك يابا” بهذه العبارة مع ابتسامة يغشاها ما يغشاها من الألق والرضا.

ذاكرة صفد
ويفيد مراسل “قدس برس”: “هكذا رحب بنا الحاج أبو محمود بلكنته الصفدية، ترى في تجاعيد وجهه سردية لكل المدن والبلدات الفلسطينية التي ترعرع في حكاياتها بين يدي والده، يداه ترتجفان كمن يهز بجذع الذاكرة فتساقط أبجدية فلسطينية يتلقفها أبناؤه وأحفاده من بعده!”.

يمسك الحاج “أبو محمود” عودًا ويشير إلى موقع صفد على الخريطة المرسومة على الخيمة، ويقول: “هذي بلدنا؛ كان والدي رحمه الله يقص علينا كل شيء عن صفد وعن فلسطين وعن العرس والتنور والمعازيم والكبّارية وغيره، وولدي محمود اليوم يحفظ كل هذه القصص”.

وعند سؤال الحاج “أبو محمود” عن شهر أيار والحملة الدولية للحفاظ على الهوية الفلسطينية، فما كان منه إلى أن تبسم ضاحكا كمن ينثر رسوخا مُعَتَّقا كبرياء وشموخا؛ وقال: “هوية إيش يابا؛ نَفَسْنا هوية ووجودنا هوية وخيمنا هوية، وكل رسومات أولادنا عالحيطان والخيم هوية”.

ويتابع مراسل قدس برس: “أُسقط في يدي ووقفت مشدوها وأنا أستمع إلى كهل ينتفض شبابا عند الحديث عن فلسطين.. لم تمنعه أُمّيته من أن يكون معلما وملهما يغرف من فقهه الناس ترانيم خالدة عن الأرض والهوية.. ويرشف في ثنايا الذاكرة ما ينعش الحلم الفلسطيني بعودة أكيدة للأرض الفلسطينية كلما حاول المتآمرون وأد ذلك الحلم”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات