مخيم دير بلوط.. خيام تروي حكاية وطن
في مخيم دير بلوط، شمال سوريا، وعلى ضفاف النسيان، حيث رمت أمواج التهجير أجسادا أنهكها الخذلان، بعد أن حطم الموج مراكب أحلامهم!
هنا ومنذ ذلك الحين يحاول الفلسطينيون لملمة ذكرياتهم وتراثهم وكيانهم، وبقايا وطن سكن في وجدانهم واستقر في قلوبهم؛ فلم تفلح سياسات الاقتلاع والتهجير من سلخه عن حامليه فكرا وقضية، حلما وهوية!
في المخيم تقول لك الخيمة الفلسطينية: ها أنا ذا. فقد تجاوز ساكنوها كل عصور النسيان، التي لطالما كانت غولدا مائير تمني النفس بها، الرسوم والعبارات التي سردها الفلسطينيون على خيامهم سبقت كل تلك العصور، إنها تصاوير عصور ما قبل النسيان!
خريطة وعلم
على واجهة خيمته يختزل اللاجئ الفلسطيني “محمود” قصص الزيتون والزعتر ويسرد مراحل النضال واللجوء بخريطة وعلم وبضع عبارات.
ويقول “محمود”: “في هذه الخيام سكن أجدادنا وآباؤنا، وها نحن اليوم نتوارث هذا الرمز الذي أصبح مرادفا لكلمة فلسطيني”.
وأضاف في تصريح لـ”قدس برس”: “هكذا هم الفلسطينيون في الشتات كلما استقر بهم الحال في بلد على أنهم في وطنهم حتى تنقلب الأمور فيجبر الفلسطيني على الرجوع إلى الخيمة، حتى صارت هي الوطن!”.
وأردف: “الخيمة أصبحت رمزا من رموز الشعب الفلسطيني، لا لأنها قدره؛ فقدرنا الذي نؤمن فيه هو أرض فلسطين وأنهارها وروابيها، أملاكنا وبيوتنا ما زالت هناك، وسنتسرجعها عاجلا أم آجلا”.
ربما أراد “محمود” أن يقول إن الفلسطيني هو الوحيد الذي يشكل كيانه جسدا وروحا حدود فلسطين فحملها أينما رمت به رياح الشتات واختزل فلسطين في خيمة!
ينساب الحاج “أبو محمود” بلطف إلى حديث مراسل “قدس برس” مع محمود.. “كيفك يابا” بهذه العبارة مع ابتسامة يغشاها ما يغشاها من الألق والرضا.
ذاكرة صفد
ويفيد مراسل “قدس برس”: “هكذا رحب بنا الحاج أبو محمود بلكنته الصفدية، ترى في تجاعيد وجهه سردية لكل المدن والبلدات الفلسطينية التي ترعرع في حكاياتها بين يدي والده، يداه ترتجفان كمن يهز بجذع الذاكرة فتساقط أبجدية فلسطينية يتلقفها أبناؤه وأحفاده من بعده!”.
يمسك الحاج “أبو محمود” عودًا ويشير إلى موقع صفد على الخريطة المرسومة على الخيمة، ويقول: “هذي بلدنا؛ كان والدي رحمه الله يقص علينا كل شيء عن صفد وعن فلسطين وعن العرس والتنور والمعازيم والكبّارية وغيره، وولدي محمود اليوم يحفظ كل هذه القصص”.
وعند سؤال الحاج “أبو محمود” عن شهر أيار والحملة الدولية للحفاظ على الهوية الفلسطينية، فما كان منه إلى أن تبسم ضاحكا كمن ينثر رسوخا مُعَتَّقا كبرياء وشموخا؛ وقال: “هوية إيش يابا؛ نَفَسْنا هوية ووجودنا هوية وخيمنا هوية، وكل رسومات أولادنا عالحيطان والخيم هوية”.
ويتابع مراسل قدس برس: “أُسقط في يدي ووقفت مشدوها وأنا أستمع إلى كهل ينتفض شبابا عند الحديث عن فلسطين.. لم تمنعه أُمّيته من أن يكون معلما وملهما يغرف من فقهه الناس ترانيم خالدة عن الأرض والهوية.. ويرشف في ثنايا الذاكرة ما ينعش الحلم الفلسطيني بعودة أكيدة للأرض الفلسطينية كلما حاول المتآمرون وأد ذلك الحلم”.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
نادي الأسير: الإفراجات المحدودة من سجون الاحتلال يقابلها حملات اعتقال مستمرة
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام أكد نادي الأسير الفلسطيني، الخميس، إن "عمليات الإفراج المحدودة التي تمت لمجموعة من المعتقلين الإداريين خلال...
“الإحصاء الفلسطيني”: مليون و100 ألف مواطن في رفح
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أعلن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، الخميس، أن عدد المواطنين المقيمين في محافظة رفح لغاية 22...
حماس تطالب بفرق متخصصة للبحث عن المفقودين والتعرف على شهداء المقابر الجماعية
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام جددت حركة المقاومة الإسلامية حماس مطالبتها للأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية ذات العلاقة بضرورة إرسال فرق...
ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين إلى 141 بعد ارتقاء “الجمل”
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام استشهد الزميل الصحفي محمد بسّام الجمل، صباح اليوم الخميس، في قصف إسرائيلي استهدف منزله في رفح جنوب قطاع غزة. وقال...
طالبت بتحركٍ دوليٍ عاجل.. حماس تحذر من مخاطر النقص الحاد للوقود بمستشفيات غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أكدت حركة المقاومة الإسلامية حماس، اليوم الخميس، أن التحذير الذي أطلقته وزارة الصحة في غزة، بشأن النقص الحاد في...
جيش الاحتلال يعلن إصابة 11 عسكريا برصاص المقاومة في غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، إصابة 11 عسكريا في معارك قطاع غزة، خلال الساعات الـ24 الأخيرة، دون إضافة معلومات عن...
خليل الحية: لن نفرج عن الأسرى دون وقف إطلاق النار وانسحاب الاحتلال من غزة
الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام أكد نائب رئيس حركة حماس في قطاع غزة، القيادي خليل الحية، أن الإشكال الحقيقي في مفاوضات وقف العدوان العسكري على...