عاجل

الثلاثاء 07/مايو/2024

متى وأين كان هناك أخلاق في السياسة الأمريكية؟!

وليد الهودلي

ممكن أن نصف السياسة الأمريكية بأي وصف إلا الأخلاق، والشواهد على أنها منزوعة الأخلاق أكثر من أن تحصى، نذكر منا:

 بداية قامت الولايات المتحدة على أنقاض شعب آخر، وهم الهنود الحمر، بعد أن أبادتهم شرّ إبادة، وهي بهذا تتشابه كثيرًا مع دولة الاحتلال؛ فقد قامت هذه الدولة أيضًا على أنقاض شعب آخر بعد أن قامت بعملية تطهير عرقي واسعة نزعت شعبًا بأكمله من مدنه وقراه وأرضه التي كانت عامرة به، فطريقتا قيام الدولتين متطابقتين إلى حد كبير.

يكفي في التدليل على أنها لم تشمّ رائحة الأخلاق الإنسانية البتة أن تلقي بقنابلها النووية على مدينتي ناجازاكي وهوريشيما اليابانيتين لتبيد وتقتل ما يقارب مئتين وعشرين ألفًا من المدنيين، ولو حسبنا منذ ذلك الحين من كانوا سببًا مباشرًا في قتله لوجدنا أضعافًا مضاعفة لهذا الرقم؛ فكم قتلت في الحرب الفيتنامية وأفغانستان والعراق، وفي دعمها المباشر لدولة الاحتلال، وفي الحروب المنتشرة في كل أصقاع الأرض، إنك لا تكاد تجد حربًا إلا ولأمريكا يد فيها، إن لم تكن اليد الطولى؛ فهم تجار الحرب والدم والدمار، يغذون هذه الحروب لتشغيل مصانع الأسلحة عندهم وضمان رواجها واستمرارية إنتاجها، ويكفي النظر في افترائهم على العراق بامتلاكها أسلحة الدمار الشامل، واتخاذ ذلك ذريعة لشن الحرب عليها واحتلالها، ما أدى إلى تدمير البلد ومقتل ما يزيد على مليون عراقي، وما زالت آثار هذه الحرب مستمرة.   

دائمًا نجد السياسة الأمريكية تقف مع الظالمين والطواغيت، وتدعم سياستهم بكل ما أوتيت من قوة، والشواهد على هذا كثيرة جدًّا: عبثها في سياسة دول أمريكا اللاتينية والدول العربية وغيرها من الدول الإسلامية، مثل عهد سوهارتو في أندونيسيا، دائمًا تجدها داعمة بقوة للدكتاتوريات المتسلطة على رقاب شعوبها، لا تنظر إلى البشر والأمم إلا من زاوية مصالحها الجشعة ومطامعها المادّية التي لا حدود لها، فلا تراعي مبدأ إنسانيًّا ولا أعرافًا دولية ولا أي أخلاق عرفت عند البشر، فقط من زاوية واحدة: ماذا تكسب ماديًّا؟، سياسة ميكافيلية غايتها كافية لتسويغ كل وسائلها، مهما كانت ظالمة، ومهما استخدمت من أدوات إجرامية لا حدود لإجرامها.

والأخطر من هذا كله ما أضيف من بعد ديني عقدي يوظف أفكارًا دينية مذهبية متطرفة، والتقت مع أفكار دينية يهودية تتغذى عليها الصهيونية وتستغلها أبشع استغلال، وكان المذهب البروتستانتي بنسخته المتطرفة مرجعية لهؤلاء المتنفّذين والواصلين إلى صناعة القرار السياسي الأمريكي.

هذه المعرفة بطبيعة العقلية السياسية الأمريكية تبعدنا كل البعد عن المراهنة عليها بأي حال من الأحوال؛ فالمراهنات التي عقدت في العقدين السابقين والقائمة على أن نرجو من هذه السياسة شيئًا يسيرًا من الإنصاف خير دليل على هذا، لم نحصد إلا السراب والحسرة والألم على ما ضيّعنا من وقت وجهد، كان فيه أعداؤنا يتوغلون في حقوقنا بالمزيد من الاستيطان وفرض ما سموه حقائق جديدة على الأرض، جعلوا المصادرة بالقوة والعدوان والاحتلال حقائق، هذه هي عقلية الاحتلال التي تتماهى معها عقلية الأمريكان.   

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات