الخميس 09/مايو/2024

ماذا بعد شرعنة ترمب للاستيطان؟!

أ.د.يوسف رزقة

الاستيطان، وما أدراك ما الاستيطان؟! الاستيطان هو آلية العمل التدريجي الإسرائيلي لفرض الأمر الواقع على الأرض في القدس والضفة تمهيدًا للسيطرة الدائمة والمصادرة الكاملة. الاستيطان هو الإعلان الإسرائيلي العملي القائل: إن أرض القدس والضفة هي أرض إسرائيلية، وليست أرضًا محتلة؟!

كل دول العالم بما فيها أمريكا ترفض الاستيطان، وتعده عملًا غير شرعي، وعقبة أمام التسوية السياسية وحلّ الدولتين. دول العالم كلها ظلت ملتزمة بمبدأ عدم جواز الاستيلاء على أرض الغير بالقوة، وعدم جواز نقل السكان إلى أراضي الدولة المحتلة، وتغيير معالمها الديموغرافية. هذا الموقف الثابت اخترق يوم الاثنين الماضي من إدارة الرئيس الأمريكي ترمب، الذي أعلن تغيير موقف أمريكا من الاستيطان، واعتباره عملًا شرعيًّا؟!

كان الموقف الأمريكي موقفًا صادمًا للفلسطينيين، ولقادة الدول العربية والإسلامية وربما لدول العالم الأخرى، لأنه يشرعن الاحتلال، ويهدم القانون الدولي، ويجعل القوة مصدرًا وحيدًا للحق. لقد بات العالم بالموقف الأمريكي الجديد أكثر بربرية وهمجية، وأصبحت (إسرائيل) أكثر شراسة وتمردًا على القانون الدولي، وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.

لست أدري ما الأساس القانوني والأخلاقي الذي اعتمدت عليه أمريكا في موقفها الجديد، وأجزم أنه لا يوجد أساس قانوني أو أخلاقي، وإنما هو انحياز أعمى لـ(إسرائيل) وللناخب اليهودي في أمريكا. وربما كان ردًّا مباشرًا على قرار دول الاتحاد الأوروبي بوسم منتجات المستوطنات بسمة تعرف بها.

المهم الآن، إن أمريكا اتخذت قرارها الجديد، بعد قرارها حول القدس، وقد رحبت (إسرائيل) بالقرار الأمريكي، وعدته تصحيحًا لخطأ تاريخي، جاء في توقيت مناسب، ومن ثمة فإنه على بقية دول العالم الاعتراف بالاستيطان كما فعلت أمريكا.

نحن اليوم أبعد ما نكون عن الحلول السياسية التي بحثت عنها منظمة التحرير في أوسلو والمفاوضات، والمنطقة العربية هي اليوم أبعد مما مضى عن الاستقرار، وبات الفلسطينيون أمام خيار وحيد يجمعهم، وهو خيار المقاومة، وتوحيد الصف الفلسطيني في مواجهة الاستيطان عمليًّا بالمقاومة، ومواجهة (أمريكا وإسرائيل) سياسيًّا في المحافل الدولية. إن كل يوم يمر على الحالة الفلسطينية القائمة هو يوم زائد لا فائدة منه، لذا فعلى الجميع واجب المبادرة لجمع الصف على المقاومة، وخاصة مقاومة الاستيطان، ولا يوجد ردّ آخر مناسب على التغول الأمريكي غير هذا الردّ.

أطلقوا يد الفلسطينيين لمقاومة الاستيطان، وإلا لن يستمع أحد لكم، حتى وإن جمعت السلطة كل أصوات المجتمع الدولي خلف الموقف الفلسطيني. إن إعادة تفعيل المقاومة المسلحة للاستيطان هو الرد الوحيد المتبقي، لمن كان له قلب، أو ألقى السمع وهو شهيد؟!

المصدر: فلسطين أون لاين

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات