الأحد 05/مايو/2024

الأردن.. ندوة حول التحولات فيإسرائيل وتأثيرها على السياسات الإقليمية

الأردن.. ندوة حول التحولات فيإسرائيل وتأثيرها على السياسات الإقليمية

عقد مركز دراسات الشرق الأوسط أمس السبت في العاصمة الأردنية عمان ندوة بعنوان “تحولات إسرائيل وتأثيرها في سياستها تجاه العرب والفلسطينيين”، حيث تناولت الندوة ثلاثة محاور رئيسية وهي التحولات السياسية في “إسرائيل”، التحولات الأمنية وأخيرا التحولات الاقتصادية والاجتماعية في “إسرائيل”.

جلسة الافتتاح
وتحدث رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية محمد بركة في جلسة الافتتاح عن مخرجات الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة مستعرضا خيارات تشكيل الحكومة، ومنها تشكيل حكومة وحدة، وهي وحدة حكومة وطنية بين حزبي الأبيض الأزرق والليكود، أما الاحتمال الثاني سيطرة حزب الليكود على الحكومة أو العودة إلى صندوق الانتخابات مرة أخرى عند انتهاء الفترة القانونية لتشكيل الحكومة.

وتطرق بركة إلى قانون القومية اليهودي موضحا أنه قانون كارثي يهدد البقاء الفلسطيني من خلال حصر حق تقرير المصير باليهود فقط.

وطالب بركة في نهاية كلمته: “بوضع مشروع عربي لفضح قانون القومية العنصري ومقاومة نتائجه السلبية، وإنهاء حالة الانقسام الفلسطيني التي وصفها بالنكبة الثانية الذي يخدم المشروع الصهيوني”.

محرك خطير
فيما أوضح الأمين العام للجنة الملكية لشؤون القدس عبد الله كنعان أن “إسرائيل” تشكل محركا خطيرا في الواقع الإقليمي والعالمي،  وأنها تعتبر نموذجا غير معهود في السياسة الدولية، من خلال عدم التزامها بالقوانين الدولية مقابل مطالبة البعض بالالتزام بالمعاهدات الدولية، وأن إفراز العديد من الأحزاب زادت من عنصرية الدولة تجاه الفلسطينيين، مضيفا أن التدخل اليميني في جهاز التعليم أدى إلى إملاء وجهة نظر قومية دينية متشددة محاولة كسب التأييد الدولي من خلال سياساتها الاقتصادية.

وأشار كنعان إلى أن شعور “إسرائيل” بالخطر نتيجة فرض واقع سياسي شرق أوسطي خالٍ من “إسرائيل” أدى إلى تحرك اللوبي الصهيوني للقضاء على الجيوش العربية القوية وإشغالها في حروب أهلية أو إقليمية بهدف إضعافها.

نطاق الجغرافيا
من جهته اعتبر وزير الخارجية الأردني الأسبق كامل أبو جابر أن المشروع الصهيوني يتجاوز نطاق الجغرافيا، وأنها تعمل على زرع الصراع في المنطقة وإضعافها وتفتيت الدول العربية لتظل “إسرائيل” مسيطرة على المنطقة، مع استمرار الحركة الصهيونية في شيطنة العرب لدى العالم العربي، وخلق حالة من العداء بين القوميات الرئيسية في المنطقة والتي تتكون من العرب والفرس والترك والأكراد، كما اعتبر أبو جابر أن صفقة القرن تمثل مشروعاً قديماً تم تنفيذ العديد من بنودها التي تتمحور حول تصفية القضية الفلسطينية.

فيما أكد مدير مركز دراسات الشرق الأوسط الدكتور بيان العمري، ضرورة وضع استراتيجية للخروج مما تواجهه الأمة من أزمات وتحديات في مواجهة أعدائها، ومواجهة المشاريع الدولية والإقليمية الساعية لإضعاف الأمة العربية، معتبراً أن الاستسلام لهذا الواقع يعيق تحقيق المصالح الوطنية والقومية العليا، في حين “إسرائيل”تعزز استمرارها.

وأشار العمري إلى سلسلة من الندوات المتخصصة التي عقدها مركز دراسات الشرق الأوسط في خدمة المسار السياسي العملي، وسعيه من خلال هذه الندوة لتأسيس تصور متكامل حول التحولات الإسرائيلية، وكيفية التعامل مع الاحتلال، والصراع والأدوات اللازمة لمواجهته، وتحقيق المصالح العليا للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني.

التحولات السياسية في “إسرائيل”
وأدار الجلسة الأولى من الندوة التي كانت تحت عنوان التحولات السياسية في “إسرائيل” محمد بركة وتحدث فيها مدير عام المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية في حيفا مهند مصطفى مشيرا إلى  أن نتائج الانتخابات الأخيرة هي نتاج لتحولات سابقة أدت إلى الهيمنة اليمينية وتحولها من حزب إلى كتلة التي بدأ بتغير الجهاز القضائي والمجتمع الصهيوني من خلال السيطرة على السياسة الإسرائيلية وأن اليمين هو الوحيد القادر على تشكيل حكومة لأنه الوحيد الذي له حضور في كل الطبقات الاجتماعية في المجتمع اليهودي عكس معسكر اليسار الذي ينحصر حضوره في الطبقة الوسطى.

فيما اعتبر الدكتور نظام بركات رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة اليرموك أن الساحة السياسية في “إسرائيل” شهدت مجموعة من التحولات الرئيسية ومن أبرزها، زيادة تفكك وتشرذم الحركات والأحزاب السياسية وظهور حالة من سيطرة الأحزاب الصغيرة والمتوسطة على تشكيل الحكومات الإسرائيلية غير المتجانسة، وغياب الدور الفعال للقيادات الكارزمية والتاريخية وصعود التيار الديني القومي في “إسرائيل” وازدياد تأثيره على السياسة الإسرائيلية، وانحسار دور المؤسسة العسكرية لصالح القوى اليمنية والدينية في النظام السياسي، مع تراجع الثقة بالسلطة ومؤسساتها الرسمية سواء على صعيد السلطة التنفيذية أو التشريعية.

وأشار بركات إلى أثر هذه التحولات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين والعرب، ومنها تغيرات جذرية في وسائل الصراع بين العرب و”إسرائيل” وتراجع إمكانية نشوب حروب واسعة في المنطقة والاتجاه لتحويل الصراع العربي- الإسرائيلي إلى نزاع فلسطيني- إسرائيلي، وتعميق سياسة التمييز ضد الشعب الفلسطيني ومصادرة حقوقه وتهويد الأراضي المحتلة وشرعنة الاستيطان الذي شرع في ابتلاع أراضي المناطق المحتلة سنة 67، و تهميش دور الأقلية العربية في “إسرائيل” والذين يشكلون حوالي 20% من سكان “إسرائيل” وتصاعد التهديدات الإسرائيلية بسلب حقوقهم المدنية، مع تعاظم الهجمة الصهيونية على القدس وازدياد الانتهاكات الإسرائيلية و إلغاء حق العودة للاجئين، ومحاولة تصفية دور وكالة (الأونروا) استنادًا إلى الدعم الأمريكي في ظل سياسة ترامب المؤيدة لأطماع الحكومة الإسرائيلية اليمينية.

التحولات الأمنية في “إسرائيل”
أما الجلسة الثانية والتي حملت عنوان “التحولات الأمنية في إسرائيل” أدارها عضو فريق الأزمات العربي في مركز دراسات الشرق الأوسط قاصد محمود تحدث فيها أستاذ تاريخ الشرق الأوسط في الكلية الأكاديمية بيت بيرل جوني منصور موضحا أن تجربة نتنياهو تميزت في هذه الفترة الزمنية بكونها متعددة الاتجاهات الأمنية والاقتصادية والسياسية داخليا في “إسرائيل” وإقليميا ودوليا.

وأشار منصور إلى أن التحولات الأمنية داخل  “إسرائيل”تتمحور داخل ثمانية محاور مركزية لفهم التحولات الأمنية وتأثيرها في سياساتها تجاه العرب والفلسطينيين.

وبشيء من التفصيل ذكر منصور النقاط الثمانية وهي المحور الأول بيان مفهوم الأمن القومي والعقيدة العسكرية في “إسرائيل” والتحولات التي طرأت عليها، حيث تحولت “إسرائيل” من حالة هجوم ومباغته إلى حالة حماية الجبهة الداخلية والدفاع عنها، أما المحور الثاني أن الوضع داخل “إسرائيل” والتحولات التي شهدتها خلال هذا العقد وخصوصا في بنية الجيش وتعاطيه مع الأزمات الإقليمية والدولية .

وعرض منصور في المحور الثالث للتحولات الإقليمية ودور “إسرائيل” فيها وتفاعلها معها سياسيا وعسكريا على الصعيدين الإقليمي والدولي، وعن علاقات “إسرائيل” مع دول من خارج المنطقة وأثر ذلك على سلوكها وتوجهها السياسي والعسكري هو المحور الرابع.

وتطرق منصور حول الملف النووي الإيراني الذي يعتبره نتنياهو أشد خطورة على وجود “إسرائيل” ومستقبلها وهو المحور الخامس .

وأما القضية الفلسطينية ومحاولات الحكومة الإسرائيلية لتصغر محوريتها وتحويلها إلى قضية هامشية من خلال إقناع بعض الدول العربية وخصوصا دول الخليج بأن طول المدة الزمنية لم يسعف القضية الفلسطينية وأن “إسرائيل” طبيعية في المنطقة وهو المحور السادس الذي أشار إليه المنصور .

وجاء المنصور موضحا أن المحور السابع يسلط الضوء حول إمكانيات فتح جبهة قتالية في شمالي فلسطين مع حزب الله يمكن أن تعانيه الدولة الإسرائيلية في حال صوب حزب الله سلاحه باتجاه “إسرائيل” .

وختم منصور عرض ورقته بالمحور الثامن إلى لجوء “إسرائيل” لحرب من نوع جديد تمرست فيها وهو الحرب القادمة “حرب السايبر” التي قد تسهم في إحداث حالات من البلبلة حال استخدامها خصوصا أن الميليشيات وحكومات عربية متواضعة من حيث القدرات والثروات وما تملكه من مخزون تكنولوجي.

وقدم المدير العام الأسبق لمركز الدراسات الاستراتيجية في القوات المسلحة محمود ادريسات الورقة الثانية من الجلسة الثانية مبينا أن “إسرائيل” تبنت منذ قيامها مقولة بن غوريون الشهيرة “إن حدود “إسرائيل” تكون حيث يقف جنودها”.

وفي ضوء ذلك قال ادريسات إن نظرية الأمن الإسرائيلي تعتمد على عدد من العوامل المتداخلة في مقدمتها القوة العسكرية واستمرارية الهجرة اليهودية إلى فلسطين إضافة إلى توسيع الاستيطان والسعي لامتلاك التكنولوجيا وخاصة العسكرية منها لتبقى متفوقة إقليميا، إلى جانب الاستمرار بعلاقات استراتيجية مع الدول العظمى .

إلا أن ما جرى في عام 2009 من تحولات أمنية إسرائيلية الذي له جذوره من حرب لبنان 2006، كما أن زيادة نفوذ حركة حماس في الضفة الغربية وغزة ووصلها لاحقا إلى السلطة أسهم في تعزيز مخاوف “إسرائيل” على أمنها الداخلي وسترسل ادريسات حديثه عن أن الربيع العربي أدى إلى الكثير من الاضطراب والارتباك لدى صانع القرار الإسرائيلي تحسبا من نجاح ثورات الشعوب في التقدم نحو الحرية والديمقراطية، إلى جانب الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة والدول الكبرى من جهة وإيران من جهة أخرى وكلها أدت إلى تحولات أمنية جديدة .

وبين ادريسات أن التعامل مع هذه التحولات بحاجة إلى إنجاز المصالحة الفلسطينية ومراجعة دور السلطة في التنسيق الأمني مع “إسرائيل” إضافة إلى استعادة دور منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيل دورها لتكون رافعة النضال الفلسطيني شعبيا ورسميا إضافة إلى إجراء انتخابات لرفد السلطة ومؤسساتها بكوادر جديدة وإيجاد وسيلة لفك ارتباط واعتماد الاقتصاد الفلسطيني على دولة الاحتلال.

التحولات الاقتصادية والاجتماعية في “إسرائيل”
كما بحثت الجلسة الثالثة من الندوة والتي أدارها الوزير الأسبق الدكتور محمد مامسر التحولات الاقتصادية والاجتماعية في “إسرائيل”، حيث أشار الدكتور نصر عبد الكريم أستاذ المالية والمحاسبة في كلية الدراسات العليا في الجامعة العربية الأميركية في رام الله إلى ما يتميز النظام الاقتصادي الإسرائيلي من درجة عالية من المركزية خصوصًا في سيطرة الحكومة على الموارد، وارتباطه بشكل وثيق بالسياسة التوسعية المبنية على أيديولوجية قومية دينية يهودية، وأثر هذا الاقتصاد بشكل مباشر وجوهري على الفلسطينيين والعرب، والسيطرة الإسرائيلية على توجيهات المساعدات الأمريكية وسياسة العقوبات الاقتصادية سواءً كانت على الفلسطينيين أو العرب.

وأكد عبد الكريم أن أحد أبرز التحولات الاقتصادية في هذه الفترة هي تناغم الرئيس الأمريكي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي في اعتماد الاقتصاد أساس سياسة العصا والجزرة تجاه العديد من الدول والمؤسسات والأفراد، والسعي الإسرائيلي لفتح آفاق جديدة لبيع منظومات التكنولوجيا ومعدّات تحلية المياه وغيرها إلى الأسواق الخليجية والعراق والدول الأفريقية خصوصًا عن طريق الأردن وبعض الدول الأوروبية، والتطبيع مع الدول العربية .

من جهته أشار الدكتور خالد إبو عصبة مدير معهد مسار للأبحاث الاجتماعية والتطبيقية في حيفا ما يعيشه واقع المجتمع الإسرائيلي اجتماعيًا واقتصاديًا من التناقض الداخلي ومشاكل أساسية تتعلق بالمبنى الاجتماعي والتباين الثقافي لدى قطاعات عديدة داخل المجتمع الإسرائيلي، وحالة القلق على استمرار التماسك الاجتماعي والثقافي للمجتمع الإسرائيلي في ظلّ خشية فقدان الروح الوطنية “الصهيونية” والتي طالما عملت المؤسسة على تعزيزها، وأثر هذه التغيرات على المبنى

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات