الإثنين 08/يوليو/2024

مكافحة العمالة غير الشرعية.. هل تزيد بؤس فلسطينيي لبنان بؤسًا؟!

مكافحة العمالة غير الشرعية.. هل تزيد بؤس فلسطينيي لبنان بؤسًا؟!

إجراءات تعكف عليها وزارة العمل بلبنان لمكافحة ما أسمتها “العمالة الأجنبية غير الشرعية”، أعادت للواجهة ملف حقوق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان في العمل وما يتعرضون له من تهميش وإجحاف.

تلك الحملة شملت اللاجئين الفلسطينيين وعاملتهم كأجانب، في حين أن برتوكل الدار البيضاء الذي وقعت عليه لبنان يؤكد ضرورة معاملة الفلسطينيين في الدول العربية التي يقيمون فيها معاملة شعوبهم في إقامتهم وسفرهم وتيسير فرص العمل لهم مع احتفاظهم بالجنسية الفلسطينية.

“مكافحة العمالة”
المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان “شاهد” أكدت أن هناك مؤشرات تدل على أنه لا تزال هناك هوة كبيرة تمثلت في جملة من القرارات والقوانين التي تهمّش اللاجئ؛ آخرها قانون وزارة العمل اللبنانية الذي يحرم اللاجئ الفلسطيني من حق العمل.

وكانت وزارة العمل اللبنانية أطلقت خطة بدعوى مكافحة العمالة غير الشرعية (من ضمنهم اللاجئون الفلسطينيون)، وأعطت مهلةً شهرًا لـ”المخالفين” لتسوية أوضاعهم بدأت في 10 حزيران/يونيو الماضي.

وانطلقت في 10 تموز الجاري حملات تفتيش من وزارة العمل، وبمساندة من قوى الأمن الداخلي، بعد انتهاء مهلة السماح (الشهر) لتسوية الأوضاع خلال إطلاق خطة مكافحة اليد العاملة الأجنبية غير الشرعية.

وشملت هذه الحملة إغلاق المحال التي تستعين بعمال أجانب، منهم فلسطينيون، غيرَ قانوني، وتنظيم محاضر ضبط بالشركات التي تستعين بالعمال الأجانب من دون إجازات عمل لهم.

وتشمل الإجراءات الشروط التالية على أصحاب العمل الفلسطينيين:

1. الحصول على إجازة عمل بمبلغ 480.000 ل.ل.
2. إيداع مبلغ 100.000.000 ل.ل. في البنك.
3. التعهد بتوظيف لبنانيين (موظف فلسطيني مقابل كل 3 لبنانيين).

وتفيد التقارير الواردة من لبنان أنه بموجب تلك الحملة، أغلقت الكثير من المصالح التجارية التي يمتلكها فلسطينيون أو يعمل بها فلسطينيون، واشترطت الالتزام بالقوانين لعودتها، في حين يراها الفلسطينيون مجحفة وثقيلة.

فلسطينيو لبنان وحقهم بالعمل
ويمكن توزيع العمالة الفلسطينية في لبنان إلى ثلاث فئات: فئة قليلة تتميز بالثراء، وهذه الفئة حملت معها من فلسطين الأموال والأعمال العقارية والمصرفية، فانخرطت في الاقتصاد اللبناني، وتمكن قسم كبير منها من الحصول على الجنسية اللبنانية في مراحل مبكرة.

وفئة متوسطة من أصحاب الخبرات المهنية التعليمية، تركت لبنان منذ الخمسينيات بعد أن أغلقت في وجهها إمكانات العمل، وتوجهت إلى أوروبا أو إلى الخليج العربي.

وفئة ثالثة من العمال وهي الأكبرعدداً تحولت إلى يد عاملة “رخيصة” في الأعمال الموسمية والشاقة.

كما أن قوة العمل الفلسطينية تقدر بحوالي 75 ألف عامل يتمركزون في مجالات العمل الصعبة والشاقة كالزراعة والبناء والأفران ومحطات الوقود.

وحسب تقارير حقوقية؛ إذا استطاع العامل الفلسطيني الحصول على عمل، فإنه يصطدم بمزاجية أرباب العمل لناحية حرمانه من حقه في الضمان الاجتماعي والصحي والتعويض والأجر، ويبقى معرضاً للفصل التعسفي في أي لحظة دون أي غطاء قانوني.

أما حملة الشهادات العلمية فمشكلتهم لا تختلف كثيراً عن كل ما سبق، فالمهندس الفلسطيني يقوم بكل أعباء المهندس لجهة الإشراف والمتابعة والتنفيذ، لكن الصيغة النهائية تكون باسم مهندس لبناني، وعقد العمل لا ينص على اعتبار المهندس الفلسطيني مهندساً بل عاملاً عادياً.

ويعيش الفلسطينيون في لبنان في 12 مخيماً و57 من التجمعات المنتشرة على مساحة لبنان، وتعاني هذه المخيمات من ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة جدا، فضلاً عن ارتفاع نسبة البطالة والاكتظاظ السكاني وضيق المساحة، إضافة إلى وجود أمراض مزمنة وحرمان اللاجئ من حقوقه.

ولم تجر أي من الحكومات المتعاقبة على الأقل في العقدين الأخيرين أيّ تغييرات جوهرية تحسن من أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، أما خدمات وكالة أونروا فقد تراجعت كثيرًا؛ حيث اتخذت سلسلة قرارات تقليصية أصابت في الصميم الخدمات التي كانت تقدمها للّاجئين الفلسطينيين.

حرمان ومنع وتهميش
ووفق “شاهد”؛ ففي العموم يعامل اللاجئ الفلسطيني في لبنان معاملة استثنائية لجهة الحرمان والتهميش والمنع، كما نجح البعض في تقديم صورة الفلسطيني على أنه الطامع الجشع الذي يريد انتزاع لقمة العيش من اللبناني.

وفي الواقع؛ فإن اللاجئ الفلسطيني له إسهامات كبيرة في الاقتصاد اللبناني منها: تحويلات الفلسطينيين الموجودين في الخارج لأسرهم في لبنان وتشكل حوالي 62 مليون دولار، كما أن معظم مداخيل اللاجئين الفلسطينيين تصرَف أو تدخّر في الاقتصاد اللبناني حيث يقدر بحوالي 10% من إجمالي الاستهلاك الخاص.

وأكدت “شاهد” أن هناك لغطا كبيرا بين رفض التوطين مطلقاً وبين حرمان الفلسطينيين من حقوقهم، رغم أن لبنان كان من الدول المصدّقة على معظم بنود بروتوكول الدار البيضاء عام 1965، الذي ينص على ضرورة معاملة الفلسطينيين في الدول العربية التي يقيمون فيها معاملة شعوبهم في إقامتهم وسفرهم وتيسير فرص العمل لهم مع احتفاظهم بالجنسية الفلسطينية.

وبقي اللاجئون الفلسطينيون في لبنان يعاملون كأجانب محرومين من أبسط الحقوق المنصوص عليها في المواثيق الدولية من حيث العمل والملكية، وما يتفرع عنهما من حقوق كثيرة.

وتوجهت “شاهد” إلى المجلس النيابي باقتراح تعديل المادة 59 من القانون رقم 129 الصادر عام 2010 وفقاً للتالي: يُستثنى حصراً الأجرَاء الفلسطينيون اللاجئون المسجلون وفقا للأصول في سجلات وزارة الداخلية والبلديات -مديرية الشؤون السياسية واللاجئين- من شروط المعاملة بالمثل ومن شرط الحصول على إجازة عمل.

حراك
كما قالت حركة “حماس” بلبنان: إنها تجري اتصالات مكثفة مع مسؤولين لبنانيين للوقوف على الإجراءات الأخيرة المتخذة بحق اللاجئين الفلسطينيين، مطالبة بالضغط وإبطال مفاعليها لتهديدها الحياة المعيشية لهم.

كما دعت إلى التكاتف والتعاون وتوحيد الموقف اللبناني والفلسطيني لمواجهة صفقة القرن، والتي يراد منها تصفية القضية الفلسطينية، وإنهاء حق العودة لأكثر من ستة ملايين لاجئ فلسطيني موجودين في الشتات.

بدورها أكدت الجهات اللبنانية أنها مع حقوق الشعب الفلسطيني، ووعدت بتحرك على أعلى المستويات لوضع استثناءات للاجئين الفلسطينيين في لبنان بالتوازي مع الحوار الفلسطيني اللبناني حول وثيقة الحقوق المدنية التي ترعاها لجنة الحوار الفلسطيني- اللبناني.

وأكد تجمع المؤسسات الأهلية رفضه القرار والإجراءات الناتجة عنه، وطالب وزارة العمل بالتراجع عنه، مشيرا إلى أن الفلسطينيين في لبنان هم جزء أساسي من المجتمع اللبناني ومساهم رئيس في تنمية الحركة الاقتصادية في لبنان، لحين تمكنهم من العودة الكريمة إلى وطنهم فلسطين.

وفي السياق، استنكر مفتي زحلة والبقاع خليل الميس القرارات الصادرة عن وزارة العمل فيما يخص الطلب من المهجّرين الفلسطينيين الاستحصال على إجازات العمل، ومحاصرتهم في لقمة عيشهم وأسرهم.

كما شهدت العديد من المخيمات في لبنان تظاهراتٍ؛ احتجاجا على قرار وزير العمل اللبناني بإقفال عدد من المحال التابعة لفلسطينيين وتسريح عمال فلسطينيين من أعمالهم، في إطار “مكافحة العمالة الأجنبية غير الشرعية”.

وتداول عدد من النشطاء الفلسطينيين على مواقع التواصل الاجتماعي، إعلان عن حملة #بكفي_ذل، تطلب فيه من اللاجئين الفلسطينيين حزم أمتعتهم والتوجه إلى الحدود اللبنانية الفلسطينية.

كما أكد اللاجئون أن تجويعهم وإذلاهم يساهم في تنفيذ صفقة القرن، ويخدم المخططات الأمريكية الرامية لتصفية القضية الفلسطينية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

إصابتان برصاص الاحتلال في قصرة جنوب نابلس

إصابتان برصاص الاحتلال في قصرة جنوب نابلس

نابلس – المركز الفلسطيني للإعلام أصيب مواطنان مساء يوم الاثنين، برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال مواجهات اندلعت في قرية قصرة جنوب نابلس. وأفاد...