الأربعاء 08/مايو/2024

مؤتمر بروكسل لتبييض السياسات الإسرائيلية

ناصر ناصر

عقد الاتحاد الأوروبي والدول المانحة -أمس- مؤتمرا لبحث آلية مالية جديدة تسمح بحل أزمة اقتطاع أو “سرقة” 500 مليون شيكل هي قيمة الأموال التي تدفعها السلطة كرواتب لعائلات الأسرى والشهداء، وهي الأزمة التي تهدد بانهيار السلطة الفلسطينية اقتصاديا، والآلية الجديدة تقوم فعليا على تمرير سياسة “إسرائيل” وإنزال أبو مازن عن شجرة موقفه الوطني الرافض لاستلام كافة الأموال، طالما استمرت “إسرائيل” في استخدام أموال الفلسطينيين كوسيلة لمعاقبتهم والضغط عليهم، فما هي هذه الآلية؟ وكيف تشكل خدمة لـ”إسرائيل”؟ 

تقوم الآلية الجديدة -ووفقا لصحيفة هآرتس الإسرائيلية- على إيجاد نظام يشبه التأمين الوطني، ويعتمد على الصرف للأسرى وفقا لحالتهم الاجتماعية والاقتصادية، بغض النظر عن “المخالفة” التي ارتكبوها. 

تحمل الآلية الجديدة معاني سياسية خطيرة، فهي تحاول تثبيت الموقف الإسرائيلي السابق بالتعامل مع قضية الأسرى والشهداء الفلسطينيين كحالات اجتماعية وإنسانية ونزعها من سياقها وطبيعتها النضالية والكفاحية المشروعة.

وبهذا فهي محاولة دولية ظالمة ليس فقط لرفض الرواية الوطنية الفلسطينية المدعومة من الشرعية الدولية، والتي تقضي بأن من حق الفلسطينيين مقاومة الاحتلال بكل الوسائل والطرق، وبأن الأسرى والشهداء هم مقاتلون أسروا أو استشهدوا بسبب الحرية ومقاومة الاحتلال.

لم يكتف مؤتمر بروكسل والدول المانحة بذلك؛ بل طلب ممثلو الاتحاد الاوروبي من السلطة الفلسطينية القبول ولو مؤقتاً بالمبالغ التي تقدمها “إسرائيل” بذريعة أن ذلك لن يعتبر قراراً دولياً بشرعية خطوة إسرائيل “بسرقة” أموال الضرائب، مما يعتبر محاولة دولية لتبييض المواقف الإسرائيلية العدوانية على الشعب الفلسطيني.

قد يشكل الموقف الأوروبي في الطلب من السلطة قبول الأمر الواقع واستلام الأموال المجتزأة تراجعا أوروبيا وتعويضا من قبلهم عن عجز الأمريكان في الضغط على السلطة بعد أن أفرغوا كل ما في جعبتهم كوسطاء ولم تعد بيدهم أي أوراق حقيقية للضغط على السلطة، ومن جهة أخرى يظهر الموقف الأوروبي مدى حرص العالم -ليس على مصالح وأموال الفلسطينيين- بل على استمرار دور السلطة الوظيفي في حماية الأمن الاسرائيلي بالمجان.

إن الشعب الفلسطيني يرجو من قيادة السلطة الفلسطينية الاستمرار في موقفها الوطني تجاه هذه القضية ورفض الضغوط الدولية بهذا الشأن، وأن تكمل السلطة وعلى رأسها الرئيس أبو مازن هذا الموقف بإعادة رواتب الأسرى الفلسطينيين الذين تم قطع رواتبهم وتحديداً من سكان قطاع غزة ورفع العقوبات عن غزة، وذلك لينسجم الموقف الوطني للسلطة مع نفسه؛ فقضية الأسرى كلٌّ لا يتجزأ، أما ما يتمناه كل أحرار الشعب الفلسطيني فهو أن تبادر السلطة ورئيسها أبو مازن بتجاوز كل الحواجز والعقبات الداخلية والخارجية، الأجنبية ومن ذوي المصالح الضيقة فلسطينياً من أجل تتويج موقفه في التوصل لمصالحة وطنية تضمن الشراكة الحقيقية لمواجهة التحديات وعلى رأسها إفشال خطة ترامب المشؤومة.

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات