عاجل

الأحد 16/يونيو/2024

عبد اللطيف عريبات.. رجل التوازنات يغمض عينيه على فلسطين!

عبد اللطيف عريبات.. رجل التوازنات يغمض عينيه على فلسطين!

استيقظت عيناه على مشهد فلسطين مبكّرا، فمن مرتفعات السلط كان يستطيع أن يرى نابلس بالعين المجردة، ويشاهد أهلها القادمين محملين بالصابون والجبنة والحلويات، لكن هذا المشهد لم يدم طويلاً حيث جاءت النكبة لتفصل المدافع والبنادق بين المدينتين.

كان عبد اللطيف عربيات في الصف السادس، عندما رأى جموع اللاجئين الفلسطينيين تتدفق نحو السلط، حاملة معها الهموم والخوف، وقد كان لبيته نصيب في استقبال اللاجئين.

ويروي عربيات أن والده قد خصص قسماً من بيتهم لعائلة قادمة من يافا، حيث سكنت هذه العائلة معهم لسنوات قبل أن تنتقل إلى مدينة الزرقاء.

وحسب ما يذكر عربيات في برنامج مراجعات، مع الإعلامي عزام التميمي، فقد كانت السلط المعبر الرئيس إلى فلسطين في حرب 1948، فقد كانت كتائب المناضلين والجيش العراقي تمر منها نحو فلسطين، وسط تحية من الأهالي الذي كانوا يقفون على طول الطريق للتحية والتشجيع.

وهو الذي “يمتلك قدرة كبيرة على كسب القلوب، وحكمة في التعامل مع الأصدقاء والخصوم، كما يمتلك مفاتيح التوازنات ولم شمل الفرقاء، بعلمه وخلقه”.

يُعد عربيات الذي ولد في السلط غربي عمان عام 1933، ورحل الجمعة، عن عمر ناهز 85 عاماً، من أبرز قيادات الحركة الإسلامية في الأردن، وأحد أعمدتها وجامع صفوفها، كما يُعد من سياسيي الأردن المخضرمين.

التحاقه بجماعة الإخوان المسلمين

التحق عربيات في صفوف جماعة الإخوان المسلمين مبكراً منذ المرحلة الإعدادية، وبالتحديد بدايةً من عام 1950، وكان له نشاطه الإسلامي في المرحلتين، الإعدادية الثانوية.

انتقل بعدها عربيات لدراسة الهندسة الزراعية في جامعة بغداد، حيث لم يكن في الأردن حينها أي جامعات، وحصل على شهادة البكالوريوس.

ورغم أن عربيات درس الهندسة، لكنه بدأ حياته في سلك التعليم مدرسا، وأكمل دراسة الدكتوراه في التربية المهنية بجامعة تكساس ليتدرج في التعليم ويستلم منصب مدير المناهج، ثم أمين عام وزارة التربية والتعليم في الفترة (1981-1982).

تدرج عربيات في صفوف الحركة الإسلامية في الأردن، وشغل مناصب قيادية عدة؛ أبرزها رئيس شورى جماعة الإخوان المسلمين، والأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي، ورئيساً لمجلس شورى الحزب.

ورغم الخلافات التي عصفت بإخوان الأردن، كان عربيات موضع اتفاق في صفوف الحركة الإسلامية، وأحد أعمدة الحكمة كما يصفه أغلب العارفين به.

عمله التربوي والحكومي

ترك عربيات بصمته الواضحة في مسار أجيال الأردنيين، عندما تسلسل في وزارة التربية والتعليم، حتى وصل درجة أمين عام في الوزارة، في مسيرة أضفى خلالها نقلة نوعية على المناهج والمستوى التعليمي.

كما شغل عربيات رئاسة مجلس النواب الأردني لـ 3 دورات منذ عام 1990 وحتى 1993، وعين عضواً في اللجنة الملكية للأجندة الوطنية عام 2005.

وقد منحه الملك الراحل الحسين بن طلال لقب معالي رغم عدم استلامه لأي حقيبة وزارية، ليصبح عضوا في مجلس الأعيان 1993 – 1997.

نعي عربيات

نعى رئيس الوزراء الأردني، عمر الرزاز في بيان رسمي عربيات قائلا: “الدكتور عربيات كان قامة وطنية وإسلامية كبيرة امتازت بالحكمة والفكر المعتدل المستنير والتي حظيت باحترام الجميع”.

وتبعته الناطقة باسم الحكومة جمانة غنيمات، بالقول: “خسر الوطن قامة وطنية حكيمة معتدلة مستنيرة حظيت باحترام الجميع، وقدمت الكثير للوطن. إلى رحمة الله”.

كما غرد رئيس مجلس النواب الأردني عاطف الطراونة عبر تويتر: “خيم الحزن على القلوب برحيل الدكتور عربيات، لن ننسى مواقف الراحل الكبير، وهو الذي كان على الدوام صاحب رأي وحكمة يسترشد بها الجميع، وداعاً أيها الفارس النبيل”.

ونعى النائب طارق خوري المحسوب على التيار القومي، عربيات بالقول: “‏فقدنا اليوم القيادي،الذي سجل خلال مسيرته الحزبية محطات تاريخية مضيئة في القيادة والنضال والفكر والثقافة والإبداع، وفي الحضور الوازن في حزبه، وفي الوسط السياسي والإعلامي والثقافي في الأردن، ‏هذه القامة القيادية الكبيرة، رحلت جسداً لكنها تبقى حاضرة في الذاكرة الوطنية.”

بدورها أصدرت حركة المقاومة الإسلامية حماس، بيانا نعت فيه الراحل عبد اللطيف عربيات.

وقالت الحركة في بيانها: “رحم أبا سليمان، فقد كان قامة، وعلمًا من أعلام السياسة، والتربية، والدعوة، سكنت فلسطين في قلبه، فكانت همّه الدائم، وقضيته المركزية، إن فلسطين تفتقدك كما الأردن، ولكن عزاءنا أنك مضيت بعد أن بلّغت الرسالة، وأدّيت الأمانة، وتركت آثارًا تهتدي بها الأجيال الحالية والقادمة، خالص العزاء نقدّمه لأهله، وذويه، وعائلته، وعشيرته، والحركة الإسلامية، والشعب الأردني”

وشيع آلاف الأردنيين، اليوم السبت، عربيات، في جنازة مهيبة، بعد الصلاة على جثمانه بمسجد الجامعة الأردنية، إلى مقبرة “أم خروبة” في مدينة السلطة.

وتوفي عربيات، الجمعة، بعد أن سقط مغشيًّا عليه، في مسجد “أم العلا” في العاصمة الأردنية عمَان، قبل أن ينهي الإمام خطبة الجمعة.

قدس برس

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات