الإثنين 12/مايو/2025

التسلل عبر الحدود.. فلسطينيون يفرون إلى مصير مجهول

التسلل عبر الحدود.. فلسطينيون يفرون إلى مصير مجهول

لم تلتفت اللاجئة الفلسطينية “يسرى” للتحذيرات المحاولة ثنيها عن التسلل غير الشرعي نحو الأراضي التركية، فهي لم تطق العيش بعيدة عن زوجها الذي سبقها نحو ألمانيا.

وقد كانت “يسرى” تعلم جيدًا قصص من سبقوها بالفرار، والتي باءت أغلبها بالفشل، فكثيرة هي الأحاديث التي يتبادلها أبناء المخيمات، بشأن حوادث التسلل.

وتؤكد الروايات المتعددة حول تلك الظاهرة أن “كثيرًا من اللاجئين من تم الاحتيال عليه أو سرقته، وصولًا إلى القتل بأيدي المهربين أنفسهم”.

الهرب من الموت

يسرى؛ لاجئة فلسطينية من مخيم حماة في سورية، تعرفت على أحد “المهربين” في “خربة الجوز” بريف إدلب الغربي، وأقنعها بـ”أن المسألة لن تتعدى النصف ساعة حتى تكون هي وأطفالها داخل الأراضي التركية”.

لم تمتلك تلك اللاجئة التي تهرب من الموت، إلا أن ترضخ لمشاعر الشوق والحنين، لعل فرجها يكون عن طريق ذاك المُهرب.

وروت يسرى لـ”قدس برس” قصتها قائلة: “اضطررنا لترك حقائبنا في منزل المهرب، ولم آخذ سوى الوثائق المهمة وأدوية الأطفال، بناء على طلبه (المهرب)”.

وتابعت: “جاءت شاحنات كبيرة أقلتنا باتجاه الحدود، وأنزلتنا في منطقة الشول (أرض زراعية)، ومشينا خلف المهرب إلى أن وصلنا إلى جدار ضخم لا يمكن تسلقه، وبعد ساعة من المسير بجواره، وصلنا إلى سلم منصوب؛ قبل أن يومئ لنا المهرب بالصعود”.

مع كل خطوة على درجات السلم، كانت يسرى تشعر بأن اللقاء يقترب مع زوجها، “لقد صعد ابني محمد أولًا، وأنزلوه من الطرف الثاني، وعندما صعدت أنا وابنتي ووصلت إلى أعلى السلم صرخ المهرب علي انزلي.. اهربي.. لقد جاءت الجندرمة (قوات الدرك التركية)”.

ووصفت تلك اللحظات بـ”رحلة الرعب”، مبينة: “لقد كدت خلال هذه التجربة، أن أفقد ابني، وأحلامي تبخرت، وكل حقائبي ووثائقي ذهبت مع الريح”.

“قدس برس” تلتقي أحد كبار المهربين
وقد تمكنت “قدس برس”، بعد جهود مضنية من التواصل مع أحد كبار المهربين في مدينة إدلب السورية، واكتفى بالتعريف عن نفسه بـ “أبو سيف”، وبأنه يدير شبكة من المهربين والسماسرة على طول الحدود الغربية للمحافظة.

وتطرق “أبو سيف” إلى إحدى طرق التهريب، وأكثرها شيوعًا، موضحًا: “هناك معابر بين البساتين والوديان والجبال المعروفة بالأشأ (أي الطرق المختصرة)، والتي تتطلب جهدًا بدنيًّا لاجتيازها”.

وأفاد أن تلك الرحلة تكلف حوالي 450 دولارًا للشخص الواحد، “وهي طرق غير مضمونة أبدًا، فقد يتعرض الشخص للاعتقال أو الخطف أو القتل”.

وأشار إلى أن “أغلب المهربين غير موثوقين، وطرق التهريب الأشأ عبارة عن كذبة كبيرة، فقد يسرق المهرب الناس أو قد يقتلهم”.

ورغم ذلك فقد عبر كثيرون من هذه المعابر مستفيدين أحيانًا من الأحوال الجوية كالضباب، أو أن الحظ كان حليفهم في تلك اللحظة، وفقًا لرواية أبو سيف.

تهريب البشر ازدهر منذ 2015

ومنذ العام 2015، ازدهرت على الحدود السورية- التركية، ظاهرة “تهريب البشر” من معابر كانت ولا تزال تكتب مصائر المارين منها والهاربين من الموت، إما قتلًا أو جوعًا أو قهرًا، طلبًا للحياة والأمان خارج الحدود.

تراجيديا المعابر التي خطت فصولها أقدام العابرين لتكون قصصًا تروى لأجيال عن أناس قضوا في الطريق، وغيرهم ممن حالفهم الحظ للوصول إلى مهاجرهم في تركيا، وأوروبا من بعدها.

وكما كان لفلسطينيي سورية ولمخيماتهم نصيبٌ مفروض من الحصار والدمار والقتل والتهجير، فقد آثر الكثيرون منهم مرغمين على اقتلاع أنفسهم من مخيماتهم والبحث عن موطن لجوء جديد، فرارًا من الموت وأملا بحياة رغيدة.

قدس برس

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات