الجمعة 10/مايو/2024

في المسجد الإبراهيمي بالخليل.. صلاة تحت الحراب

في المسجد الإبراهيمي بالخليل.. صلاة تحت الحراب

كانت ساعة الفجر تتنفس على غير عادتها في قناطر الخليل التاريخية، حيث تجمع المئات من المصلين رجالا ونساء أمام الباب الالكتروني للدخول إلى صلاة الفجر في المسجد الإبراهيمي المحاصر بالثكنات العسكرية، في مشهد متكرر لفجر يوم الجمعة، حيث تعهد المئات من الفلسطينيين من رجال أعمال وتجار وموظفين ومواطنين عاديين بإعمار المسجد الإبراهيمي، والصلاة في أوقات يكون فيها المسجد فارغا؛ الأمر الذي دفع المستوطنين للتغول على المصلين والاعتداء عليهم.

صلاة فجر خاصة

باتت صلاة الفجر كل يوم جمعة في المسجد الإبراهيمي بالخليل، تشكل ساحة تحدٍّ ومواجهة لقوات الاحتلال والمستوطنين، إضافة لكونها عبادة مميزة في الوقت نفسه.

ففي فجر كل جمعة، تعجّ ساحة لجنة إعمار الخليل القريبة من المسجد الابراهيمي بعشرات المركبات التي تقل المصلين؛ الأمر الذي أزعج الاحتلال، وأعاق مساعيه لتفريغ المسجد وتحويله لكنيس يهودي.

وفي ردّ فعل غاضب من مشهد المصلين المهيب، وظف الاحتلال عددا من عملائه لتكسير نوافذ ومرايا مركبات المواطنين؛ لدفعهم للتراجع عن الصلاة في المسجد الإبراهيمي، إلا أن هذه الاعتداءات عززت من صمودهم والاستمرار في تحدي سياسة الاحتلال الاستيطانية للمقدسات الإسلامية، فقامت لجنة إعمار الخليل والبلدية بفعل وطني يُثبّت الناس ويدفعهم للاستمرار في صلاة الفجر في المسجد الإبراهيمي؛ وذلك من خلال توظيف حراس لحماية مركبات المصلين خلال صلاة الفجر.

الصلاة عبادة وتحدٍّ

ومن جهته، أكد الشيخ محمد ماهر مسودي مفتي الخليل وإمام صلاة الفجر في المسجد الإبراهيمي، أن إعمار المسجد الإبراهيمي بالصلاة وكثرة المصلين فيه يزعج سلطات الاحتلال وخاصة في صلاة الفجر، موضحا أن الإقبال الكبير على صلاة الفجر خاصة الجمعة، بات يلفت أنظار جنود الاحتلال الذين يطوّقون المسجد بالأسلاك الشائكة والبوابات الالكترونية والأبراج، ما جعلهم يخشون هذه الجموع التي تصر على إسلامية المسجد، ودحض محاولات المستوطنين لتحويله لكنيس يهودي.

وقال الشيخ مسودي: “نحن نحض إخواننا المسلمين عبر الدروس والخطب وجميع الوسائل المتوفرة للحضور للصلاة في المسجد هم وأبناؤهم وزوجاتهم وذراريهم لإعماره، ومنع المستوطنين من الهيمنة عليه”، مؤكدا أن هذا الأمر دفع سلطات الاحتلال لاستدعائه لمقابلة مخابراتها مرارا؛ وسؤاله حول مئات المصلين الذين يحضرون لصلاة فجر الجمعة، حيث عدّوا ذلك تحريضا ضدهم.

ولفت إلى أن جيش الاحتلال وجّه لهم تهديدات بهذا الخصوص، مشددا في الوقت ذاته أن تهديدات الاحتلال زادت من أعداد المصلين، ولم ترهبهم.

المسجد الإبراهيمي ليس كنيسًا

ومن جانبه، أكد الشيخ حفظي أبو اسنينة، مدير المسجد الإبراهيمي، أن سلطات الاحتلال وبعد المجزرة الرهيبة التي نفذها المستوطن باروخ غولدشتاين عام 1994م وذهب ضحيتها المئات شهداء وجرحى، هدفت لتحويل المسجد إلى كنيس يهودي، وذلك عن طريق ذبح المصلين المسلمين وإرعابهم وتخويفهم.

وقال: “لقد نفذت المذبحة في فجر الجمعة من رمضان، لذلك يصرّ الخليليون على الصلاة في المسجد فجر كل جمعة؛ رسالةً للاحتلال والمستوطنين، أننا لا نخشى مجازركم وتهديدكم، وسنستمر في صلاتنا”.

وأضاف الشيخ أبو اسنينة: لقد تزايد عدد المصلين وخاصة فجر الجمعة، وباتت الحضرة الإسحاقية -نسبة لنبي الله إسحاق- تعج بالمصلين حيث يحضرها فجر الجمعة من 200 مصلٍّ إلى 300 رجالا ونساء، وهذا عند الاحتلال عدد كبير، أما صلاة الجمعة فيصلي في الإبراهيمي ما يزيد عن 5000 مصلٍّ، مؤكدا أنه كلما ارتفعت أعداد المصلين، زاد الضغط على سلطات الاحتلال، وباتت أوهامهم تتبدد بتحويل المسجد إلى كنيس.

صلاة تحت الحراب

وعدّ أحد رجال الأعمال في الخليل الحاج صدقي مطاوع، صلاتهم في المسجد الإبراهيمي تأدية لرسالة دينية وسياسية، موضحا أن بيته يبعد عن المسجد الإبراهيمي ما يزيد عن كيلو متر.

وقال: “نحن نصلي ونعبد الله، وفي الوقت ذاته نخدم وطننا ومقدساتنا، ونحافظ عليها ونحميها من الاستيطان والمستوطنين”.

وحول المعاناة اليومية التي يواجهونها في سبيل الصلاة في المسجد الإبراهيمي، أكد مطاوع أن الوصول إلى المسجد ليس بالسهل، موضحا أنهم يتركون سياراتهم في ساحة لجنة الإعمار، ويسيرون بعدها مشيا على الأقدام نحو 700 متر عبر القناطر التاريخية، وبعدها يقفون أمام البوابة الالكترونية، حتى يسمح لهم بالدخول عبر الباب الدوار، وبعد الدخول يفرغون جيوبهم من الحاجيات والنقود وكل ما يملكون.

وأضاف قائلا: “بعد ذلك ندخل البوابة الالكترونية الثانية، ونتجه إلى غرفة حراسة بداخلها جنود من حرس الحدود الصهاينة، فيدققون في الهوية الشخصية، وقبل الخروج من الغرفة والتوجه إلى باب المسجد الرئيس، هناك جهاز الكتروني يفحص بصمتك، ويحدد السماح لك بالدخول أو عدمه أو اعتقالك”.

وأكد أنه رغم عملية الدخول المعقدة إلى الصلاة، إلا أن الفلسطينيين يصرون على تخطيها والصلاة في مسجدهم.

وأوضح أن الصلاة في المسجد الإبراهيمي تحت حراب وبطش الاحتلال، هي صلاة ممزوجة بالتحدي والانتصار، كما تحمل من المخاطر ما قد تؤدي إلى الاستشهاد، ذاكرًا أن كثيرا من الشباب والفتيات أطلق عليهم الرصاص وهم يهمون بالدخول للصلاة، فسقطوا شهداء مضرّجين في دمائهم.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

تحقيق صحفي يكشف انتهاكات صارخة ضد أسرى غزة

تحقيق صحفي يكشف انتهاكات صارخة ضد أسرى غزة

واشنطن – المركز الفلسطيني للإعلام كشف تحقيق أجرته شبكة "سي إن إن" الأميركية عن جوانب من الانتهاكات التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي ضد أسرى قطاع غزة...

30 ألف مُصلٍّ يؤدون الجمعة في الأقصى

30 ألف مُصلٍّ يؤدون الجمعة في الأقصى

القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام أدى نحو 30 ألف مواطن، اليوم، صلاة الجمعة في المسجد الأقصى المبارك، وسط إجراءات إسرائيلية مشددة في مدينة...