السبت 27/يوليو/2024

عباس العاجز يواجه غزة بالموت البطيء.. من يموت أولا؟

عباس العاجز يواجه غزة بالموت البطيء.. من يموت أولا؟

اتكأ على حائط البنك بعد أن لم تعد قدماه تحمله مما حصل، تساءل بغضب: ماذا سأقول لأبنائي، وكيف سأوفر لهم الطعام، وماذا سأقول لنجلي محمد الذي يريد أن يكمل دراسته الجامعية، وكيف سأدفع رسوم الروضة لملاك.

هي آلام باتت تلازم الموظفين المفصولين قسرا من رئيس نصب نفسه ليكون حاكما وجلادا في نفس الوقت، ليقطع عنهم كل أمل كان يلوح في الأفق. ورغم تجاوزه سن الـ80 إلا أنه يتوعد دون ملل غزة بالموت البطيء، فمن سيموت أولا؟

بات واضحا -حسب محللين- أن هناك موقفا جديدا للسلطة الفلسطينية من العقوبات التي فرضتها سابقاً على غزة؛ سيدفع هذا الموقف إلى اتخاذ إجراءات أخرى تكون أكثر فاعلية من وجه نظر السلطة من شأنها الضغط أكثر على المواطنين في غزة، علهم يثوروا على حماس.

وفرضت السلطة مؤخرا عقوبات جديدة على قطاع غزة أخذت في شكلها منحى آخر، حيث تطورت من عقوبات اقتصادية إلى اجتماعية، طالت الصحة والتعليم.

وبدأت السلطة الفلسطينية في آذار 2017 بفرض عقوبات على قطاع غزة، إثر تشكيل حركة حماس لجنة لإدارة القطاع، ورهنت رفع العقوبات بحل اللجنة وتسليم القطاع لحكومة الوفاق الوطني.

أثرت هذه العقوبات على مناحي الحياة كافة في قطاع غزة؛ كونها أتت في ظل الحصار الإسرائيلي المشدد المفروض منذ عام 2007، ومست العصب الأساسي لمعيشة السكان وهو “الرواتب”.

العقوبات الجديدة جزء من الأزمات التي تتكرر كل شهر، يضاف لها الكثير من القرارات والمشكلات الناجمة عن حصار قطاع غزة، وفي النهاية تتحول هذه الأزمات والمشكلات إلى مشكلات مجتمعية تتسبب في استغلال البعض لها، وإيقاع مزيد من التعقيدات على المشهد، يتحدث الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا.

ويؤكد القرا في حديث خاص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“، أن إجراءات رئيس السلطة محمود عباس تستمر تجاه قطاع غزة بطريقة أقرب إلى الصامتة، بحيث لا تحدث ضجة كبيرة، في حين تحدث تأثيرا متراكما.

وأوضح أن قطع السلطة لرواتب الموظفين شهريًّا سيراكم من إشكالية الوضع الاقتصادي في قطاع غزة، بحيث يخلق أزمة اقتصادية وإنسانية.

وحسب تقدير القرا، فإن عباس سيذهب باتجاه تقليص أكبر عدد من الموظفين، ويبقى فقط الموظفين التابعين له على صعيد تلبية الاحتياجات الأمنية له في جوانب مختلفة.

وحول إقدام عباس على المساس بالصحة والتعليم، أوضح أن عباس يدرك أن هذين القطاعين هما الأكثر أهمية على المجتمع، لذلك ذهب لقطع رواتب العاملين فيهما.

وأضاف: “من الواضح أن عباس يسعى لفصل قطاع غزة عن الضفة المحتلة على الصعيد الاقتصادي والمالي، في حين تبقى غزة هي البقرة الحلوب بالنسبة له فيما يتعلق بالضرائب”.

من جهته؛ قال الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني: إن ما قام به رئيس السلطة عباس من قطع للرواتب هو تدوير للعقوبات، بمعني ضم شرائح جديدة ومحاولة تحييد شرائح قديمة.

وأشار الدجني في تصريح خاص لـ “المركز الفلسطيني للإعلام“، أن هذا القطع للرواتب سينعكس سلبا على الواقع المعاش في قطاع غزة.

ولفت إلى أن هذه الإجراءات تتطلب تحركا فصائليا وشعبيا ومجتمعيا بشكل واسع، معتقدا ألا يقف الشارع الفلسطيني مكتوف الأيدي في ظل هذه الممارسات التي تضر بالنسيج المجتمعي وتعزز من حالة الانقسام.

وأكد الدجني أن أبو مازن يريد أن يدفع قطاع غزة باتجاه خيارات ثلاثة وفق قوله، أولها أن ينفجر الشارع الغزي في وجه حركة حماس، وهذا الخيار يريده عباس بشكل كبير، ما سيضع قطاع غزة أمام نقطة تحول خطيرة للغاية، كونه سيجر إلى حرب أهلية، حسب حديثه.

أما الخيار الثاني الذي يريده عباس، فيتمثل بانفجار حماس نفسها بوجه الاحتلال الاسرائيلي، وبذلك دخول حماس في معركة من شأنها أن تعيدها سنوات طويلة إلى الوراء.

أما الخيار الثالث فهو أن هذه العقوبات يمكن أن تلزم حركة حماس وتجبرها على تسليم كل قطاع غزة إلى السلطة الفلسطينية، وبذلك يمسك بزمام الأمور على شروطه، وهذا الخيار له ما بعده حسب الدجني، وهو تسليم حماس لكامل سلاحها وأن تكون فصيلا غير مسلحا كما هو الواقع في الضفة الغربية.

وأوضح أن طبيعة الحراك المجتمعي هو من يحدد طبيعة المرحلة القادمة، ففي حال تكيف الغزيون مع هذا الواقع وقبلوا به فستكون الأمور طبيعية، أما في حال كانت الرسالة شديدة اللهجة وتعبر عن أكبر شريحة مجتمعية في القطاع، فمن الممكن أن يكون هناك تدخل أممي وتدخل مصري.

وطالب الكاتب والمحلل السياسي أن تتضافر كل الجهود للتشاور والنقاش في كل الخطوات اللاحقة، مشددا على ضرورة أن تكون هناك رسائل تعبر عن الحالة الوطنية في قطاع غزة الى كل البعثات الدبلوماسية والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية.

وأكد على ضرورة أن تعمل هيئات ولجان مستمرة ودائمة في كل العواصم الدولية من أجل الضغط على عباس للتراجع عن خطواته وإجراءاته بحق قطاع غزة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات