الثلاثاء 21/مايو/2024

الناشط قتيبة عازم.. حبه للوطن أورده السجون وأذاقه العذاب

الناشط قتيبة عازم.. حبه للوطن أورده السجون وأذاقه العذاب

بالكاد تجد فعالية على دوار الشهداء وسط مدينة نابلس عنوانها “وجع الوطن”، ولا يشارك فيها الناشط الشبابي قتيبة عبد الكريم عازم، وفي أحيان كثيرة يكون هو ممن ينظمها، لكنه وعقب أغلب هذه الفعاليات، يتحتم عليه أن يدفع ضريبة حبة وتفاعله مع هموم وطنه، أيامًا وأشهرًا في زنازين وأقبية أجهزة السلطة الفلسطينية، علاوة على ما يناله من تعذيب جسدي فوق تعذيبه النفسي.

المبادر الأول

دائما ما تراه في المقدمة.. شغوف بحب الأقصى.. غيور على الأسرى.. إنه قتيبة عبد الكريم عازم، من مواليد عام 1991، وهو من بلدة سبسطية شمال مدينة نابلس، يحمل في جنباته روح المبادرة، خاصة مع أي همٍّ عام، أو وجع يئن له الوطن بفعل اعتداءات الاحتلال، غير عابئ بما سيلحق به من أذىً، سواء كان بفعل اعتقالات الاحتلال، أو اعتقالات الأجهزة الأمنية؛ فعندما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب قراره نقل سفارة بلاده لمدينة القدس، نظم وقفة على دوار الشهداء وسط مدينة نابلس، للتنديد بهذا القرار، وعندما عمل الاحتلال على تركيب البوابات الإلكترونية في محيط المسجد الأقصى كان من المبادرين لتنظيم وقفة احتجاجية على دوار مدينة نابلس، وكذا في قضايا الدفاع عن الأسرى والتصدي للاستيطان.

تقول والدته: “في أي فعالية وطنية على مستوى نابلس، أو على مستوى الوطن، يكون قتيبة بين المتضامنين الفاعلين فيها، سواء كانت قضايا التصدي للاستيطان، أو الدفاع عن الأسرى، أو أية قضية أخرى، وإن وجد أن حدثًا ما بحاجة لحراك شعبي، وتلكأ الشارع في الخروج إليه، تجد قتيبة يبادر للإعلان عن تلك الفعالية، عبر صفحته على الفيس وبوك، وصفحات أصدقائه المتضامنين، وإن احتاج هذا الأمر لبعض النفقات، كانت مدخراته كفيلة بذلك”.

بعد كل تضامن اعتقال

عرف قتيبةُ سجون الأجهزة الأمنية وهو على مقاعد الدراسة؛ فقد كان أول اعتقال له وهو في الفصل الأول في دراسته للثانوية العامة في (15-12-2008) لدى جهاز المخابرات العامة، وبقي في سجنه أسبوعين، وكان قتيبة وذووه على يقين، أن هذا الاعتقال كان مؤشرًا، بأن دورية الاحتلال لن يطول انتظارها، فبعد أقل من ستة أشهر كان اعتقاله الأول لدى الاحتلال في (28-5-2009) وكان على مقاعد دراسته للثانوية العامة، وحُكم بالسجن لـ 26 شهرًا.

بتاريخ (11-1-2013) أنشأ فلسطينيون ومتضامنون أجانب قرية باب الشمس على مشارف مدينة القدس المحتلة، للتصدي للاستيطان الصهيوني، وما هي إلا أيام، حتى كان قتيبة بين المتضامنين، فاحتجزه الاحتلال لساعات، وفي (15-1-2013) وهو عائد لمنزله، كان جهاز الأمن الوقائي من نابلس بانتظاره، واستمر اعتقاله حتى (26-1-2013)، وعاد جهاز المخابرات بتاريخ (26-9-2013) لاعتقاله مرة أخرى بعد تفتيش منزل عائلته بوحشية، وعندما اعترضت عائلته على اعتقال نجلها غير القانوني، تم ضرب قتيبة أمام العائلة وإطلاق النار نحوه، ومصادرة أجهزة الكمبيوتر والجوالات، وبقي حينها رهن الاعتقال مدة 20 يومًا.

وفي (15-7-2014) اقتحمت قوات الاحتلال منزل عائلته، وصادرت جميع الأجهزة الخلوية والحواسيب في المنزل، وحكم على قتيبة بالسجن سبعة أشهر وعشرين يومًا.

وفي يوم (24-4-2014) أعلن الأسرى الإداريون في سجون الاحتلال عن خوضهم إضرابًا مفتوحًا عن الطعام تحت عنوان (إضراب الكرامة) وأقيمت خيمة للتضامن معهم على دوار الشهداء وسط مدينة نابلس، فكان قتيبة لا يبرح هذه الخيمة، يوزع المطويات التعريفية بالأسرى الإداريين، ويلقي الكلمات، وبذا بات في دائرة الاعتقال لدى أجهزة السلطة؛ حيث لاحقه جهاز المخابرات شهرًا كاملاً إلى أن اعتقله من خيمة الاعتصام بتاريخ (15-6-2014)، وفي ذلك اليوم فُقدت آثاره، ولم يصل عائلته أي خبر عن مكانه أو الجهة التي اعتقلته حتى ساعة متأخرة من الليل، واستمر اعتقاله حتى (7-7-2014).

ليعاود جهاز المخابرات اعتقاله في شهر مايو 2015، ولمدة أسبوعين وقد أعلن على إثر ذلك إضرابًا مفتوحًا عن الطعام، لتعرضه لتعذيب شديد وشبْحٍ لساعات، وقد تدخلت المؤسسات الحقوقية حينها للحفاظ على سلامته، وفي (7-12-2015)، داهمت قوات الاحتلال منزل عائلته، واعتقلته وحول للاعتقال الإداري ومكث فيه لـ 8 أشهر.

وعلى أثر إعلان الرئيس الأمريكي ترامب نقل السفارة بلاده للقدس، وعقب فعالية نظمها قتيبة، اعتقله جهاز المخابرات في أيلول /سبتمبر 2018، وحوّل إلى سجن أريحا، وتعرض باعتقاله هذا لتعذيب شديد.

وفي (17-5-2018)، استطاع قتيبة الدخول للمسجد الأقصى لإحياء ليالي رمضان هناك، ولما علم بحرمان المرابطة هنادي حلواني من دخول المسجد الأقصى، ذهب ليتضامن معها، فاعتقله الاحتلال وحكم عليه بالسجن لشهر كامل.

تعذيب وحشي

كان القاسم المشترك بين أغلب اعتقالات قتيبة، هي عمليات التعذيب التي مارسها المحققون بحقه، فقد حوّل باعتقالاته ثلاث مرات إلى سجن أريحا سيئ السمعة، ومورس الكثير من أشكال التعذيب بحقه بأغلب اعتقالاته، من الصفع بقوة، وبسيل من الصفعات على الوجه والكثير من اللكمات على نصفه العلوي بما فيها الوجه، والشتم بألفاظ نابية، وحرمانه من النوم لعدة أيام، وسحب فرشة النوم والغطاء منه، حتى في أيام الشتاء القارس، مع بقائه طيلة فترة الاعتقال بالعزل وفي زنزانة انفرادية، كما تعرض بأحد اعتقالاته لحلق شعر رأسه على الصفر وبشكل إجباري.

وفي اعتقاله الأخير الذي كان في (9-1-2019) لدى جهاز المخابرات في مدينة نابلس، تعرض أيضًا للضرب المبرح والتعذيب، ما أدى لكسر نظارته، وإصابته بالدوار وعدم الرؤية، وهو ما أكده محامي مؤسسة الضمير مهند كراجة، ولا يزال حتى إعداد هذا التقرير في زنزانة انفرادية في سجن جنيد، وقد مدد اعتقاله للمرة الثانية 15 يومًا، كما رفضت محكمة الصلح في نابلس الإفراج عنه بكفالة.

وتعمل الأجهزة الأمنية، على تزييف الوعي لكل ناشط أو محبٍ لوطنه، أي محاولة للتعبير عن حبك لهذا الوطن، ستدفع ثمنها مضاعفًا من الاعتقال والتعذيب والإهانة، ولا ينجو في هذا الوطن إلا من طأطأ رأسه لكل أشكال الإذلال، التي يمارسها الاحتلال، وهذه الأجهزة المتماهية مع محتلها الصهيوني.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات