الوطنية الفلسطينية بين عبثية المنظمة ووجدان الشعب

لماذا أعود للماضي؟
إذا ضللت الطريق أعود إلى جذور الأرض التي أنجبتني، تتحلل أفكاري بين ذرات التراب، تصبح من تكويني، فتعيد تصنيف الأجزاء في وجداني.
وتلتئم الجراحات، ليصبح للتاريخ عبق، استشعر به ريح أرواح أجدادي، أو قرع الطبول المغيرة على حصون العدو، أو زمجرة الأسود الصائدة.
أعود للبيت الذي بدأت فيه كل الحكايات، إلى شجرة (السماق) الوارفة، والتي امتدت جذورها حتى خالطت حجارة البيت، فكمن الشجر بالحجر، لأكون، الثائر الذي لا تلين عزائمي، انتفض على مكامن الخضوع، أتحرر من كل القيود، من كل الأسماء القبيحة، ومن اللحظات الدامعة، كي أكون الإنسان العظيم، الذي إذا وقع في قعر الظلمة، كان معي المصباح الذي يدلني إلى فجر الانتصار، ونور الشمس، فأنا لم أكن يوما لوحدي، لأني المهاجر إلى الله، كما أرادني أن أكون حتى انتفت كل الحواجز من حولي، وسقطت كل الأوراق وأنا ما زلت بمصباحي على الطريق.
يحنو الفجر على كي لا تطول الطريق، أليس الصبح بقريب.
هذا أنا الفلسطيني!!
لكن أنت ماذا فعلت؟
الحديث عن الماضي لا يملكه الواهمون، الذين يعبثون بنصوص التاريخ، كأنه ملك لهم فيغيرون الحروف، وزوايا الأحداث، والتي قالت كلمتها فلا تغيير لها. الواهم يظن أنه وبسلطة القهر التي يملكها يستطيع إجبار الحروف أن تجتمع في كلمات زائفة، لتغطي عين الشمس،وتقلب الحق باطلاً والهزيمة نصرا. لكل الواهمين، كيف تكون المعارك التراجعية انتصاراً؟ أو أن تكون البوصلة الاشتباك مع هذا النظام العربي أو ذاك من أجل الثورة؟؟
وأنت تعبد الاحتلال عبادة، تحميه، تدنيه، تعطيه كل ما تملك، تقتل شعبك لرضاه، أو أسره وخنقه بيسراك، كيف لك أن تكون فلسطينياً حراً؟ قد يكون لك اسماً تعبر فيه عن كل المعاني إلا أن تكون فلسطينياً.
التقديم:
كان لابد لهذه المقالة أن تكون على هذه القافية لأن الأدعياء اليوم يصرون على كتابات بالية، وتسطير السطور بكلمات عاتية. وهم يعرفون أن لها لحناً يجلب عليها الذباب الساقط على جيف الأموات. القارئ لها يفهم أن مغزاها، منشؤها، ومرعاها، هو لتجميل الصورة وتغيير الحقيقة. لتصبح المقاومة محظورة، والتنسيق الأمني خياراً وطنياً لا بل قل إن الخيانة اليوم أصبحت مشروعا وطنياً [لهؤلاء]، الشمس لا تحجبها الحواجز، وعين الشعب الفلسطيني تبصر كل النوازل فلا تماثل.
طبيعة المعركة:
المعركة اليوم هي معركة وعي وهوية، تدور رحاها بين الأفكار الحقة أمام الباطلة، أو بين المبادئ التي تنسجم مع حقائق الواقع، لا تلك التي تعكس كل الحقائق، عدا عن الواقع، ووعي يقود إلى النباهة والحصافة في التعامل مع كل جوانب الحياة، يعبر [الوعي] عن الهوية الفلسطينية التي تمتد على مدى التاريخ، ولها شخصيتها المستقلة عن كل الحوادث، والتي جعلت الوطنية علامة لها، فهي [أي الوطنية] التي ارتبطت بالنضال ضد الاستعمار قديماً وحديثاً،فتقف على النقيض منه لا تساومه أو تهادنه أو تسالمه.
ويلزم بخلاف ذلك [أن تكون لا وطنياً] وذلك بأن تتماهى مع الاحتلال، وتعمل معه على خدمته وأمنه وراحته، على حساب الشعب الذي تدعي وصلاً به زوراً وبهتانا. عندهم الوطنية هي جعجعة الكلمات وعواصف الحروف، وقرع الطبول، تظن حين سماعها أننا على أبواب النصر والتحرير، إلا أن الإثارة الناتجة عن جوقة التطبيل تلك، ما هي إلا السم في الفنجان، تسرق التفكير، وتصرف السامع اتجاه الهاوية.
فتحت ظل الوطنية الموهومة ذبح الشعب الفلسطيني بيد العدو الصهيوني، أو بيد “الأكلة التي تتداعى إلى قصعتها”(1) من كل حدب وصوب.
إذاً ما بين الوعي الجمعي المقاوم الشعب الفلسطيني، وهويته الوطنية المعبرة عن كل ما تحتويه فلسطين ما بين البحر إلى النهر، من قيم تاريخية ودينية وأخلاقية.ومن جانب آخر ادعاء (1)جزء من حديث صحيح.
البعض الحق المطلق في التمثيل الشرعي للفلسطيني، كونه خالق الوطنية الفلسطينية ومنشؤها ومبدع المشروع الوطني الحديث.
نتبين من خلال المقارنات الموضوعية التاريخية والتحليلية من هم اليوم أصحاب القضية وممثليها، ومن هم عابري السبيل على المشروع الوطني الفلسطيني.
الإطار النظري:
الجملة الأولى: حتى سقوط الدولة العثمانية[التركية].
لم يكن في عهد الدولة العثمانية وحتى سقوطها هوية قطرية لمناطق العربية. لذا كان الانتماء السياسي للدولة العليا. لكن في نهايات الحكم العثماني ولعوامل عدة، خرج على السطح من يدعوا للقومية العربية والحاجة لأن يكون لها حضور ونسبة تمثيل ونوع من الاستقلالية عن المحيط العثماني وبعيداً عن التحليل في تلك الحقبة، إلا أن أدعياء القومية العربية تحالفوا مع المحتل الانجليزي وإلى حد ما مع الفرنسي.
لإيجاد كيانية عربية موعودة تحكمها قيادة عربية مستقلة، بمساعدة المحتل، كما حصل مع [ الشريف] حسين مكماهون لكن وفي نفس الوقت كان للمحتل وجهة نظر أخرى مخفية للأحداث. فاعتبر [أي المحتل] الحديث عن القومية العربية أنها الأداة القوية التي يمكن أن تقود إلى تمرد على العالمية الإسلامية والمتمثلة بالدولة العثمانية [التركية] فساعد المحتل وحرض وزين لها كل السبل التي تمكنها من بلوغها مبتغاها.
وكانت كما سجلها التاريخ [أي القومية العربية] هي المطية التي من خلالها احتلت البلاد العربية الإسلامية وعلى رأسها فلسطين [بيت المقدس]، والتي ندفع ثمنها حتى اليوم كشعب تحت الاحتلال، وما زال أدعياء القومية هم الوسيلة الطيعة التي يملكها الغرب المستعمر ليدوس على كل القيم والمبادئ والأحلام العربية و الإسلامية.
الجملة الثانية: ما قبل عام 1948م.
تبين أن ما بعد الحرب العالمية الأولى، وسقوط الخلافة العثمانية [التركية] أنه تم ترسيم خطوط طول وعرض جديدة في المنطقة العربية، وقسمت البلاد بشكل أساسي بين الاحتلالين الإنجليزي والفرنسي، ووضعت البلاد العربية إلى حد كبير تحت الوصاية الإنجليزية الفرنسية مع وصاية إيطاليا وإسبانيا والبرتغال على بعض الدول العربية في إفريقيا.
داخل خطوط التقسيم الجديدة ظهرت خارطة فلسطين لأول مرة على هذه الشاكلة من رأس الناقورة شمالاً إلى أم الرشراش [ ايلات] جنوباً، ومن البحر الأبيض المتوسط غرباً إلى نهر الأردن شرقاً.
في هذه المرحلة الزمنية تصدر المشهد الوطني زعماء العائلات الكبيرة ومشايخ الإفتاء والقضاء الشرعي، ورئاسة الكنائس المسيحية وخصوصاً الشرقية منها. فقادوا البلاد إلى رفض الاحتلال الإنجليزي لفلسطين [بالحدود الحديثة]ومن ثم الانتداب عليها. عدا عن رفض الهجرات اليهودية وتملكهم الأراضي الفلسطينية، وخصوصاً الزراعية منها. وعليه بدأت مظاهر الرفض تأخذ أشكالاً عدة. تحريضية سلمية وصولاً إلى العسكرية، كما في ثورة البراق والقسام وثورة عام 1936م، مروراً بالجهاد المقدس وجيش الإنقاذ وصولاً إلى عام 1948م [عام النكبة].
والنظرة السريعة للحالة المقاومة في هذه المرحلة يتبين أنها ذات نزعة دفاعية واصطلح عليها [بالفزعة] والتي كان رائدها هو الفلاح الفلسطيني. وهي [أي الفزعة] التي تحمي الأرض والعرض، لا يوجد دافع فكري لذلك بل هي الفطرة الإنسانية السليمة التي تقود الفلسطيني إلى ردة الفعل هذه. وهذا لا ينفي وجود قناعات سياسية، ودينية ومصلحية عند البعض الفلسطيني، فكان هناك من تبنى الاتجاه الإسلامي كما هو الشيخ المجاهد عز الدين القسام وجمعية الشبان المسلمين والإخوان المسلمين وأنصارهم ممن يدعوا للعودة إلى الأمة الإسلامية،[والجامع لها هو الخلافة] هذا من وجهة. ومن وجهة أخرى كان هناك آل الحسيني وأتباعهم وأحلافهم من العائلات الفلسطينية الذين دعوا إلى سوريا الكبرى، والتي من ضمنها القطاع الجنوبي[فلسطين] التابع لسوريا. وآخر يدعو للانضمام إلى الأسرة الهاشمية وهي مناطق [ الشريف حسين وأولاده] إمارة شرق الأردن ولاحقاً العراق.حتى اللحظة كانت [الهوية الفلسطينية] كمصطلح تائهٍ بين الولاءات المتعددة، ولم يكن لها شخصيتها المحورية بعد. مع تحذير جماعة الإخوان المسلمين منذ البداية [التاريخ] من خطر اليهود ووجودهم على الأرض الإسلامية[ بيت المقدس].وأهمية هذه الأرض الدينية بالنسبة للمسلمين واضحة في السور القرآنية، والأحاديث النبوية، فهي قلب الأمة ومركز الصراع كما هو معلوم في فكر وتوجهات الإخوان المسلمين إلا أن الحالة العربية والفلسطينية لم تكن تسمح فكريا وثقافيا وموضوعيا لإيجاد تعريف واضح للهوية الفلسطينية، عدا عن جذورها [الوطنية الفلسطينية].
فهول الهزيمة وتشتت المجتمع العربي، وولاء الدول العربية العاشقة لبريطانيا وفرنسا منع إيجاد الصيغة المعبرة عن الهوية الفلسطينية عدا عن شكل الهوية الفلسطينية.
الجملة الثالثة : عام 1948 م المعركة والسقوط
لم تكن المعركة!! سوى طلقات الخلاص والبحث عن الحرية الصادرة عن حرارة الروح الصاعدة إلى بارئها.هم رجال الأرياف اللذين تجمعوا في مناطق الاشتباك الممتددة من شمال فلسطين إلى جنوبها بأقل القليل، لا يدفعهم شيء لذلك سوى ريح التراب المجبول بعرق الأجداد، فهم أهل النخوة والعزيمة. أو ذاك الأسد الهصور الذي تنقل بين حواري القدس يعلن النفير، ويشحذ الهمم بين الأهالي والرجال الرجال الذين سطروا بدمائهم تعريفا جديدا للمقاومة والجهاد في زمن التخاذل والإذلال، هو المجاهد القائد عبد القادر الحسيني الذي ترك فلسفة السياسة ومجاجتها لأصحابها، وأعلن أن المحتل لا حديث معه إلا بالرصاص ودوي التفجير فسار معه الأبطال نحو الثغور المتقدمة، التي شهدت بأس الرجال وصنيعهم، فسقطوا جميعا شهداء في معركة الفصل بين الثابتين على جمرتي الوطن والدين ، وأشباه الرجال الذين تلبسوا أشكال الرجال.
وكتائب الإخوان التي صالت وجالت على الأرض الفلسطينية، تبث صيحات الجهاد فوق الجبال والوديان. تحث الخطا نحو ميدان المعركة، فهم قد تربوا على نصرة الدين وفلسطين مركز الصراع في أفكارهم، وها هي جولات القتال تناديهم فثبتوا وانتصروا في كل المعارك، وزفوا أحبابهم شهداء للأرض المقدسة، عشقوها فعشقتهم فلسطين.
ومن جهة أخرى كانت الجيوش الهلامية جيوش العرب بقيادة جلوب باشا- الإنجليزي الأردني هو الضابط الاستخبارات البريطانية الذي مكن البريطانيين اليهود على الأرض الفلسطينية، كما تم تمكين الأسرة الهاشمية في الأردن والعراق –تقود فلسطين إلى الهاوية، فالمحيط العربي بمئات الملايين من البشر والآلاف المؤلفة من الجنود لم تستطع أن تقف أمام شرذمة من الناس سموا أنفسهم[ جيش الدفاع الإسرائيلي] وهم شرذمة من الجماعات الإرهابية التي تربت على قتل كل أنواع الحياة كما تأمرهم أسفار الدم اليهودية [المحرفة عن التوراة] كأنها مسرحية كوميدية سوداء لا طعم لها ولا ريح، سوى قباحة أشكالهم يرميهم التاريخ اليوم بأقذع النعوت والصفات، حتى ينتبه قارئ التاريخ لهم فيتحاشى أن يكون منهم أو مثلهم.
الجملة الرابعة: النكبة وما بعدها، تشرد الشعب وضياع الوطن ومئات الألوف من الناس يهيمون على وجوههم إلى المنفى القسري بلا وجه تقودهم أرجلهم إلى أبعد مدى، شعور بالغدر والخيانة ممن ادعى العروبة والخوف من المستقبل، تيه جديد يكتب في التاريخ ليس لأنهم عصوا ربهم كما فعل قوم موسى بل لأنهم لم يكتشفوا ذواتهم ولم يحملوا معها البندقية ففقدوا البوصلة وضاعت بهم السبل، سموا باللاجئين الفلسطينيين وعلى الأرض كانت تفرض حقائق، لقد تم إعلان قيام دولة الاحتلال الصهيوني على ما حصلت عليه من أرض فلسطين ولم يكن ليحدث الأمر لولا عدة عوامل منها لا على الحصر وجود نوع من الناس يتبنى أفكار وعقائد دينية تحثهم على إقامة دولتهم، وتوحد الميليشيات الإرهابية اليهودية تحت أهداف واضحة ومحددة أدت إلى قيام دولتهم، ودعم الحركة الصهيونية العالمية، ومن وقف معها من الدول الغربية والشرقية جعل هذه الخطط أمرا واقعا. في حين كان الفلسطينيون محارَبون من كل الجهات وحالت تناحر طبقية وعائلية بينهم وعدم وقوف الم
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

أجبره الاحتلال على هدم منزله في العيسوية فجعل منه محرابا
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام أجبرت بلدية الاحتلال الإسرائيلي، المقدسي محمود عبد عليان على هدم منزله في حي المدارس بقرية العيسوية بالقدس المحتلة...

المظاهرات تعمّ المدن المغربية للمطالبة برفع الحصار عن غزة
الرباط – المركز الفلسطيني للإعلام طالب آلاف المغاربة، الجمعة، وللأسبوع الـ74 على التوالي برفع الحصار عن غزة وفتح كافة المعابر لدخول المساعدات...

حماس: الاحتلال يسعى لكسر إرادة شعبنا بكل السبل وسط غياب الضمير العالمي
الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام قال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، عبد الرحمن شديد، الجمعة، إن قطاع غزة يواجه اليوم واحدة من أسوأ...

المقاومة تعلن تفجير جرافة وقنبلة برتل لآليات الاحتلال شرق غزة
الخليل- المركز الفلسطيني للإعلام أعلن الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي " سرايا القدس" عن تفجير جرافة عسكرية إسرائيلية وقنبلة من مخلفات الاحتلال...

مظاهرات مليونية في اليمن تضامنًا مع غزة
صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام تظاهر مئات الآلاف من اليمنيين، الجمعة، في 14 محافظة بينها العاصمة صنعاء، دعما لقطاع غزة في ظل استمرار الإبادة...

ايرلندا تدعو “إسرائيل” لرفع الحصار عن غزة والسماح بدخول المساعدات
دبلن – المركز الفلسطيني للإعلام حذّرت ايرلندا من استمرار الكارثة الإنسانية في غزة، وأنه لم تدخل أي مساعدات إنسانية أو تجارية منذ أكثر من ثمانية...

رغم تضييقات الاحتلال.. عشرات الآلاف يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
القدس- المركز الفلسطيني للإعلام أدى عشرات آلاف الفلسطينيين صلاة الجمعة، في المسجد الأقصى المبارك وباحاته، وسط تشديدات وإجراءات مكثفة فرضتها سلطة...