الأحد 19/مايو/2024

حكايات الأرض السليبة.. باقية جيلاً بعد جيل

حكايات الأرض السليبة.. باقية جيلاً بعد جيل

تعد مشاهدة جلوس الأبناء والأحفاد في حضور الأجداد مشهدا مألوفا داخل الأسرة الفلسطينية في المخيمات الفلسطينية، وفيها يمتزج الماضي بالحاضر، وترسم معالم المستقبل بحلم العودة.

واعتادت المواطنة المسنة الحاجة سميحة أبو زر (أم أيمن أبو وردة)، وأصولها من بلدة المويلح قضاء يافا، أن تحدث أبناءها وأحفادها في كل مناسبة، عن ذكرياتها في مسقط رأسها قبيل نكبة العام 1948، حيث هاجرت وعمرها نحو 8 سنوات.

حكاية “لمة العيلة”
وتنتهز أم أيمن، والتي تقطن حاليا في مخيم بلاطة شرق نابلس، مناسبات “لمة العيلة”؛ لتسرد لأحفادها وحفيداتها كيف كانت منطقة المويلح الموجودة على نهر العوجا (رأس العين)،  مليئة ببيارات البرتقال ومياه الينابع الغنية والخضراوات التي لا تنقطع على مدار العام.

وتتابع: “كنا نفاخر الناس أن منطقتنا دائمة الخضرة، ونادرًا ما نحتاج لشراء أغراض  من مدينة يافا، أو مدينة ملبس (بتاح تكفا بعد احتلالها) المجاورة، لأن كل شيء متوفر بفضل الزراعية ورعي المواشي”.

وتقول الطفلة سميحة عاهد، وهي من أحفادها الصغار، والبالغة من العمر 7 أعوام، إنها تقول لمن يسألها من المدرسة “أنا من يافا وبلدي المويلح، وأسكن حاليا في مخيم بلاطة”.

جيل يعقبه أجيال
وعلى قارعة الطريق في شارع السوق، وسط مخيم بلاطة يجلس المسن سالم مرشود “أبو ابراهيم” (84 عاما)، تحت أشعة شمس الشتاء مع أحفاده الصغار محمد وجوري، ثم يعود للمنزل حاملا آمال العودة إلى مسقط رأسه نهر العوجا.

(14 عاما) كان عمره عندما هاجر من هناك واستقر به الحال في خيمة للاجئين، ثم بدأت حكاية أليمة عمرها 70 عاما، وهي الحكاية التي يرددها لكل أحفاده الذين تجاوز عددهم 70 حفيدا وحفيدة، منتشرين في الضفة والأردن.

رائد مرشود، حفيده من ابنه البكر إبراهيم، أصبح أيضا يحضر أطفاله لجده ليستمعوا إلى حكايته، في حين انشغلت حفيدته الجامعية سندس مرشود، وهي طالبة إعلام في توثيق أهازيج جدها، ونشرها على منصات التواصل الاجتماعي.

حال المسن أمين منصور (أبو حاتم) من بلدة سلمة قضاء يافا، كان أكثر حزنا، فقد زار مسقط راسه قبل شهر رفقة طاقم من فضائية الرؤيا الأردنية، وشاهد ما حل بها مؤخرا من مسح كامل لبقاياها بما فيها المقبرة.

يحدث أبو حاتم أحفاده  كيف كان يحفظ قصائد اللغة الإنجليزية في المدرسة المتواضعة في سلمه، وما حل بالعائلة إبان النكبة وتشتتها ليستقر بها الحال أواخر الخمسينيات في مخيم بلاطة، عند وفاة مختار القرية موسى أبو حاشية.

يكاد لا يمر أسبوع إلا ويلتم شمل العائلة لدى بيت أبو حاتم الجديد في سهل روجيب، والكل لا ينقطع عن الاستماع إلى كل الحكاية، ولو أعيدت من جديد.

حفظ العهد
أما المسن فضل أيوب من مخيم العين غرب نابلس، فإنه شكل جمعية للمسنين في المخيم أطلق عليها (الجمعية الخيرية للمسنين)، فأحفاده تجاوزوا الـ 64 حفيدا وحفيدة، فأضحوا يحفظون كل شيء عن بلدته التي هجر منها عام 1948، وهي بلدة شعب في الجليل، حتى إن أطفال الجيران من كثرة ما يسمعون أحفاده يتحدثون عن البلدة تعرفوا عليها تفصيليا، كما يقول.

يقول أيوب: “أحدث أحفادي الذين يقطنون بناية داخل المخيم من أربع طبقات كيف كنا نعيش في البلدة وأيام الدراسة في الصغر، وكيف صمدت البلدة أمام هجمات العصابات الصهيونية وكيف شاهد إعدام مجموعة من مقاومي البلدة أمام ناظريه، وكيف تم ترحيلهم من البلدة”.

ويشيد تيسير نصر الله، رئيس مجلس إدارة مركز يافا الثقافي، بالحملات واللقاءات الجماهيرية والعائلية لتعميق صلة الأبناء، من خلال حكايات شفوية أو إعداد أفلام مصورة؛ لأنها تساهم في ربط الجيل القديم بالأجيال النائشة، مؤكدا أهمية “إرضاع” الأحفاد محبة الديار وعدم نسيانها مهما طال الزمن.
 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات