زيت غزة.. رحيل مبكر وأسعار متدنيّة

للمرة الأولى في تاريخها تصمت معاصر زيت الزيتون في قطاع غزة في نوفمبر، عادةً يبدأ الموسم مطلع أكتوبر ويتواصل حتى مطلع ديسمبر سوى هذا العام؛ رحل الزيت والزيتون مبكراً.

وأوصدت معاصر الزيتون بغزة أبوابها أمام زبائن قلائل ارتادوها بكميات قليلة رافقتها أزمات اقتصادية وحصار خانق انتهى معه الموسم مبكراً.

وكانت وزارة الزراعة أعلنت أن مساحة الأرض المزروعة بالزيتون بلغت (38587) دونما منها (31000) دونم مثمر، وأن إنتاج كل دونم للعام الجاري (580) كجم، وهي كمية قليلة، بسبب ارتفاع درجة الحرارة وسقوط كثير من الزهور في إبريل الماضي.

ورجحت وزارة الزراعة أن يصل إنتاج غزة من الزيت الصافي حوالي (2100) طن، في حين يبلغ استهلاك القطاع من الزيت أقل من 4 آلاف طن، لكن إغلاق المعابر المتكرر زاد من سوء الموسم.

وعلى غير المعتاد انتهت أعمال عصر الزيتون في (29) معصرة منتشرة بقطاع غزة قبل الموعد المعتاد بثلاثة أسابيع على الأقل بسبب ضعف الموسم وانخفاض كمية الثمار.

آخر يوم عمل
بناءً على اتصالات مسبقة جهّزت معاصر نصر عودة كبرى معاصر الزيتون بغزة خط إنتاج واحد لاستقبال آخر كمية من مجموعة مزارعين تأخروا في قطف الثمار عن قصد أملاً في تغير الأسعار.

نصر عودة

يقول نصر عودة، صاحب معاصر عودة أكبر معاصر قطاع غزة: إن موسم الزيت عام (2018) كانت نسبة حمل الثمار (20-25%)؛ ما أدى لانتهاء الموسم قبل الأوان، وتراوحت الأسعار من (70-90) دينارا أردنيا لكل صفيحة (16) كجم.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “لم يرد لغزة أي زيت مستورد حسب رغبة العاملين في المعاصر، وسجلت الأسعار تدنيًا بسبب محاربة وحصار الاحتلال. الموسم يبدأ من مطلع أكتوبر ويستمر حتى ديسمبر، لكنه هذا العام انتهى مطلع نوفمبر”.

ويبلغ متوسط ثمن عصر طن الزيتون قرابة (350) شيكلا، وهو سعر يتأرجح بين معصرة وأخرى حسب العرض والطلب.

وتعرضت أشجار الزيتون في قطاع غزة من عام (2000-2018) لعدوان متكرر وتجريف طال آلاف الدونمات، وقد تواصلت معاصر عودة مع مزارعين أعادوا تشجير أرضهم للمرة الرابعة تواليًا.

وينصح عودة حسب خبرته في مجال الزيت لأكثر من ثلاثين عامًا إلى تشجير مزيد من الأراضي بالزيتون، مرجحاً أن تصدر غزة مع عام (2020) لزيت الزيتون خارج غزة.

ويتابع “قديما جرّف الاحتلال شجرة الحمضيات، لذا استبدلها المزارع بشجرة الزيتون تماشياً مع ملوحة المياه وتضرر الخزان الجوفي، المزارع يتكيّف مع أزماته واشجار الزيتون ستزداد قريباً”.

آلات صامتة
وفي معاصر الحاج رمضان دلول يتبادل مالكي المعصرة الحديث بعد انقطاع العمل مبكراً لهذا الموسم وقد خيّب الموسم آمال الأشقاء في مهنة توارثوها من عشرات السنين.

أبو رمضان دلول

يرقد قرب خط الإنتاج الأول صندوق وحيد لمزارع لم يصل معصرة دلول بعدُ، وقد أخّر قطف آخر الثمار التي وصلت للمعصرة بسبب انشغالاته الكثيرة.

يقول أبو رمضان دلول، مدير المعصرة لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: إن الأشجار لم تحمل كمية كبيرة، وقد بدأ العمل في (17) أكتوبر، وهو موعد مبكر لم يمتد لأربعين يوماً في المعصرة.

ويضيف: “هناك نسبة زيت مرتفعة في الثمار لكن لا يوجد ثمار. الأعوام الماضية كانت أفضل لكن الأشجار فقدت الزهور بسبب ارتفاع الحرارة وموجة شتاء أضرت به غير متوقعة”.

وتردد زبائن معصرة دلول كما في كل عام على المعصرة لكن من كان يصل حاملاً طنًّا لم يصل سوى بربع الكمية.

ويتابع: “نعمل في المعصرة 10 أشقاء وأبناؤهم، وفي مثل هذه الأيام يكون الموسم في أوْج. انتهى العمل مبكراً، وضاعت أسابيع من الإعداد والصيانة، ولم نربح شيئًا”.

وتلاشت رائحة رذاذ الزيت من طريق صلاح الدين التي تكشف عن استمرار العمل في معاصر الزيت في مثل هذه الأيام من كل عام يحل محلها أجواء من الترقب بعد تصاعد تهديدات الاحتلال لغزة عبر وسائل الإعلام.