الجمعة 28/يونيو/2024

الشهيد عثمان لدادوة.. طلب الشهادة فنالها

الشهيد عثمان لدادوة.. طلب الشهادة فنالها

“لم يتقاعس يوماً عن طلب الشهادة في دعائه حتى نالها”.. هكذا وصفت زوجة الشهيد عثمان لدادوة زوجها الذي ارتقى برصاص الاحتلال، الجمعة 26/10/2018، بمواجهات مع الاحتلال قرب بلدته المزرعة الغربية غرب مدينة رام الله، وسط الضفة المحتلة.

وتشير زوجة الشهيد في حديثها لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” إلى أنها كانت تستيقظ عدة مرات ليلاً على صوت زوجها وهو نائم، ويتلو الآية الكريمة: “ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون”.


null

ميلاده وحياته:
ولد الشهيد عثمان أحمد علي لدادوة في العام 1985، بين ستة من الإخوة الذكور هو خامسهم وثلاث من الأخوات، وهو الثامن في الترتيب، ودرس في مدارس البلدة حتى الصف العاشر، ليلتحق بعدها في سوق العمل مع والده الذي كان مقاولاً للبناء.

بعدها بسنوات استقل في العمل، وامتهن تكحيل حجارة بناء المنازل، وقد عرف من صغره بأدبه والتزامه بتعاليم دينه ومواظبته على صلاة الجماعة ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، وقد تزوج في العام 2008 وله من الأطفال أربعة: ميسم (9 سنوات)، وسيلا (6 سنوات)، وأدهم (5 سنوات)، وأحمد (3 سنوات)، وزوجته حاملٌ بطفل ذكر، وكان الشهيد يريد أن يسميه محمد، لكن وبعد استشهاده كما تقول زوجته باكية: “سأسميه عثمان، حتى يظل اسمه يتردد في البيت دائماً”.


null

حرٌّ محبٌّ للخير:
يصف كل من عرف الشهيد أنه “رجل حر لا قبل الظلم لأي مواطن”، ويؤكد صهره وشقيق زوجته عماد نظمي: أن عثمان كان يتأثر كثيراً لرؤية أي عملية قتل تطال أبناء المسلمين في كل بقاع الأرض، علاوة على غضبه الكبير عند أي جريمة يقترفها الاحتلال بحق أبناء قطاع غزة.

وعن حبه للخير يروي صهره عماد: “ذات مرة وبعد عدة أشهر من انتهاء عثمان من ورشة لأحد أبناء البلدة، ولم يكن صاحب ذلك المنزل دفع لعماد أتعاب عمله، فتوجه له عثمان يذكِّرُهُ بالمبلغ المستحق، فشكا له ضيق ذات اليد، وأنه حتى غير قادر على شراء حاجيات المنزل، فما كان من الشهيد إلا أن أخرج من جيبه 500 شيكل (الدولار يعادل 3.60 شيكل) وقال له: خذها وعندما تتحسن ظروفك ردها إليّ”.


null

وتشير زوجته أم أدهم إلى أن زوجها عثمان كان مواظباً على قراءة ومراجعة ما يحفظ من القرآن الكريم، ساعة أو ساعتين يوميا، منبهة إلى أن زوجها الشهيد أخبرها أنه يعمل على مراجعة ما حفظ من أجزاء من القرآن الكريم في سجنه.

وتروي زوجته أنه كان يقول لها دائما عند استشارته بأي شيء: “اعملي بما يرضي الله ولا تستشيريني”.


null

واعتقل عثمان مرتين في سجون الاحتلال، ومثلهما لدى أجهزة السلطة الفلسطينية، ففي العام 2006 اعتقل لدى سلطات الاحتلال 3 أشهر، وفي العام 2010 اعتقل لمدة 24 شهراً بتهمة الانتماء لحركة حماس، كما اعتقل اثنان من إخوته في سجون الاحتلال، أما لدى الأجهزة الأمنية فقد اعتقل أول مرة لدى جهاز المخابرات يوما واحدا، وفي العام 2009 اعتقله الأمن الوقائي 79 يوماً.


null

استشهاده:
لقد ملأت الشهادة حياة عماد وفكره، خاصة في سنواته الأخيرة، وكان دائم القول لزوجته: “ربنا تقبلني شهيداً”، و”أتمنى أن تكون موتتي موتة شهيد”، وقد رأى في المنام عدة مرات أنه يقرأ سورة تبارك، فعبرها له أحد الأصدقاء أن الله يبني له قصراً في الجنة.

وعن استشهاده، يقول صهره عماد نظمي: “إن الشهيد اعتاد كل يوم جمعة من أيام الأسبوع الذهاب بسيارته إلى جبل نعلان، الواقع شمال غرب البلدة، وهو مكان أثري عثماني رممه شباب البلدة ليكون متنزهاً، لكن المستوطنين كانوا يتعمدون الحضور بالتزامن مع حضور أبناء البلدة ليؤدوا طقوسا دينية، وهنا بات يوم الجمعة يوماً للمواجهات بين المواطنين وقوات الاحتلال التي تأتي لحمايتهم”.


null

ويضيف صهره عماد: “في الجمعة 26/810/2018 صلى عثمان الجمعة في مسجد البلدة وعاد لمنزله، تناول طعام الغداء، ومن ثم قبّل جميع أبنائه، وهمّ بالخروج، ورفض في ذلك اليوم الخروج بسيارته الشخصية، وكأنه كان يشعر أنه لن يعود بها”.

وتابع “هناك شارك شبان بلدته بمواجهة قوات الاحتلال، وعند حلول صلاة العصر، توضأ وصلى في المكان، بالقرب من المواجهات، وبعدها بقليل أطلقت قوات الاحتلال زخات عنيفة من الرصاص الحي نحو الشبان، حيث أصيب هو برصاصة من أسفل ظهره خرجت من الرئة، وأصيب تسعة شبان أيضا بجراح.

وأكد شهود عيان سماعهم عثمان وهو يردد لفظ الشهادة وكلمة التوحيد، حيث نقل بعدها على عجل إلى المستشفى الاستشاري في مدينة رام الله، لكنه ما لبث أن فارق الحياة.


null

وفي اليوم التالي شيع عقب صلاة الظهر، بعد أن لُفّ بالراية الخضراء الموشحة بكلمة التوحيد، بمشاركة أعداد غفيرة من المواطنين من بلدته والقرى المحيطة، ممن أحبوه وعرفوا خصالة النقية، وقد نعته حركة المقاومة الاسلامية “حماس”، ابناً باراً لدعوتها وجهادهاً، وسائراً على خطى من سبقوه من شهداء الحركة وشهداء الشعب الفلسطيني.


الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات