عاجل

الجمعة 03/مايو/2024

تسريبات إيزنكوت.. هل تشتعل الضفة بالمواجهات؟

تسريبات إيزنكوت.. هل تشتعل الضفة بالمواجهات؟

في تسريب نقلته وسائل الإعلام العبرية، عن اجتماع للكابينت “الإسرائيلي” تحدث فيه رئيس أركان جيش الاحتلال غادي أيزنكوت، عن احتمالات تفجر موجة مواجهات جديدة في الضفة الغربية المحتلة، فما مدى واقعية هذا التقدير؟ وهل بتنا على أبواب انتفاضة جديدة؟ أم أن هناك دوافعَ أخرى وراء هذا التسريب؟.

وفق صحيفة “يديعوت أحرونوت”؛ فإن أيزنكوت تحدث خلال اجتماع للكابينت “الإسرائيلي” في العشرين من الشهر الجاري، متوقعا انهيار الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية قبيل نهاية الشهر، على وقع الخطاب المرتقب لرئيس السلطة محمود عباس في الأمم المتحدة (مقرر في 27 الشهر الجاري) والتأزيم الحاصل في مسار التسوة.

ويرى مراقبون أن تلك التصريحات لا تخلو من المبالغة الكبيرة التي لازمت تصريحات أيزنكوت على الدوام، إضافة إلى غايات أخرى مرتبطة بقرب إنهائه مهام عمله، عدا عن نهج التخويف المستمر للسلطة الفلسطينية؛ حفاظا على التنسيق الأمني.

مبالغة متكررة
وتؤكد الباحثة والكاتبة السياسية نادية أبو زاهر أن توقعات أيزنكوت مبالغ بها، وهو عزاها لتداعيات الخطاب المقبل لرئيس السلطة في الأمم المتحدة، مضيفة أنه حتى لو حصلت مواجهات بعد الخطاب فلن تكون بالشكل المبالغ به الذي تصوره، فغالبًا ما ستكون مواجهات متقطعة لا أكثر.

وبالقياس على ما حصل بعد خطابات سابقة لعباس وفي أحداث أكثر أهمية، وفق أبو زاهر، مثل خطابه أيام نقل السفارة الأميركية للقدس المحتلة، لم تكن ردة الفعل الفلسطينية على هذه الخطابات بالصورة المبالغ بها التي توقعها الكثيرون باندلاع مواجهات متواصلة وعنيفة أو حصول انتفاضة ثالثة أو حل السلطة.

وأشارت خلال حديثها لـ“المركز الفلسطيني للإعلام” إلى أن التجربة أثبتت عكس كل هذه التوقعات؛ منبهة إلى أن أيزنكوت سبق وتوقع في الأول من إبريل 2018 احتمال اندلاع حرب مدمرة للقضاء على حزب الله في نهاية هذا العام إلى جانب سورية وإيران، لعدّه التَّهديد الأكبر لدولة الاحتلال الإسرائيلي. وحتى الآن لا توجد بوادر على حدوث حرب مع حزب الله سوى اعتيادنا المستمر على المبالغة والتهويل في تقديراته.

وأضافت: في الرابع من شباط لهذا العام توقع أيزنكوت مواجهات عنيفة في غزة بسبب الأزمة الإنسانية الشديدة فيها، والمواجهات التي حدثت في غزة لم ترق لذلك أيضا.

وتؤكد أبو زاهر أن الاختبار الحقيقي والصادم لفشل التوقعات لاندلاع مواجهات عنيفة وربما تؤدي لانتفاضة كانت عقب تنفيذ ترمب قراره بخصوص نقل السفارة الأمريكية في القدس (منتصف مايو/أيار 2018)، وكانت ردة الفعل في الضفة خجولة جدًّا.

وذكّرت أنه في محاضرة لعضو اللجنة التنفيذية للمنظمة وأمين سرها، صائب عريقات في أوائل عام 2018 حول صفقة القرن، لم يشر عريقات لوجود سيناريو المواجهة مع الاحتلال أو حل السلطة لدى قيادة السلطة للرد على هذه الصفقة، وكانت الورقة الأخيرة التي تحدث عنها احتمالية الانضمام لـ 21 اتفاقية دولية.

أبعاد شخصية
ورأت المحللة أبو زاهر أن تصريحات أيزنكوت لا تخلو من البعد الشخصي؛ فمع اقتراب نهاية ولايته في الأول من كانون الآخِر 2019 ومن المتوقع أن يأتي مكانه أفيف كوخافي، هو يكثر من التصريحات الجاذية لوسائل الإعلام ليلفت الانتباه لشخصه.

كما أن ردة فعل أعضاء الكابينيت في المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية كانت باردة جدًّا، ولم يتأثروا بتصريحاته، وعدّوها ليست بالجديدة، وفق المحللة الفلسطينية.

تسريبات مقصودة:
ويوضح الباحث المتخصص في الشأن الصهيوني معاوية موسى أن ما قاله ايزنكوت لم يكن تصريحا؛ بل تسريبا من اجتماع للكابينيت الأمني، وعلى الأرجح أن التسريب كان متعمدا لتوجيه رسالة تحذيرية للسلطة الفلسطينية أن هذا أحد الاحتمالات.

ودأبت التقديرات “الإسرائيلية” على القول أنّ اندلاع موجة مواجهات في الضفة؛ لن يؤثر على “إسرائيل” فقط؛ إنما على السلطة وقادتها؛ إذ سيكون عليها مواجهة غضب الشارع الفلسطيني الناقم من الفساد.

ورأى موسى في حديثه لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أنه ليس واضحا إن كان الجيش الإسرائيلي يبحث عن المواجهة أم لا، على العكس مما كان عليه الحال عام 2000 عندما كان الجيش متحفزا وجاهزا وسارع إلى “دهورة” الأوضاع حينها.

معضلة أيزنكوت
في التقدير “الإسرائيلي”؛ بحسب الخبير في الشأن “الإسرائيلي” ناصر ناصر؛ فإن قرارات ترمب الأخيرة (المتعلقة بالقدس واللاجئين وتمويل السلطة)، واحتماليات اضطرار “إسرائيل” لتجاوز عباس وإن جزئيا ومؤقتا قد تضعف الرجل، ومن ثَمّ إضعاف قبضته الأمنية في الضفة؛ ما يعني ارتفاع حاد في احتماليات العمليات.

وتحارب السلطة المقاومة في الضفة المحتلة، في إطار التعاون الأمني مع الاحتلال، وسبق أن تفاخر مسؤولها بإحباطهم مئات العمليات الفدائية، واعتقال كل من يفكر بعمل فدائي سواء فرديًّا أو تنظيميًّا، بعد أن نجحت إلى حد بعيد عام 2007 في تفكيك الأجنحة العسكرية للمقاومة.

ويوضح ناصر في حديثه لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“، أن أيزنكوت و”المؤسسة الأمنية” في “إسرائيل” يرون أن الأجهزة الأمنية التابعة لعباس، جزء من منظومة محاربة المقاومة الفلسطينية، أي أنها ركن ركين من الأمن القومي “الإسرائيلي”؛ لذلك اليوم تبرز هذه المعضلة.

وقال: “أيزنكوت في معضلة؛ تجاوز أبو مازن لحماية إسرائيل من حرب غزة، وعدم تجاوز أبو مازن لحمايتها في الضفة”، متسائلا: “هل سيجد نقطة التوازن؟” يجيب على الأرجح نعم.

منطلق تقديرات إيزنكوت
الكاتب ياسين عز الدين يرى أن تقديرات أيزنكوت منطلقة من إدراكه بقناعة متصاعدة بين الفلسطينيين أنه لا أفق لسياسة السلطة القائمة على مسالمة الاحتلال والتنسيق الأمني.

فأيزنكوت، وفق عز الدين، يخشى أن تفقد السلطة قدرتها على ضبط الوضع في الضفة، وينفجر في وجه الاحتلال على شكل موجة مواجهات أقوى مما شهدناه بداية انتفاضة القدس.

ويعتقد عز الدين في حديثه لـالمركز الفلسطيني للإعلام أن ذلك غير ممكن دون مشاركة فتح الفعالة في المواجهات، مشيرًا إلى أن السلطة عملت على نشر ثقافة الإحباط في المجتمع الفلسطيني، ودمرت الهياكل التنظيمية للمقاومة، وهذا يجعل استمرارية المواجهات محل تساؤل.

وقال: “المجتمع الفلسطيني في الضفة مهيّأ للانفجار، لكن ما لم تبتكر المقاومة وسائل لاستدامة هذا الانفجار، فسنبقى نرى ما شهدناه في السنوات الأخيرة من موجات مد وجزر لأعمال المقاومة”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات