عاجل

الجمعة 26/يوليو/2024

الجريمة في الضفة.. فلتان تحميه الواسطة والمحسوبية وأجهزة السلطة

الجريمة في الضفة.. فلتان تحميه الواسطة والمحسوبية وأجهزة السلطة

كان المشهد مفزعًا ومروعًا عندما اقتحم مجرمٌ مسجد الدعوة في مدينة يطا جنوب الخليل الأسبوع الماضي، وطعن أحد المصلين، بينما كان يستمع إلى الدرس الأسبوعي، ولا يزال المواطنون الفلسطينيون في ذهول ولا يغيب عن أذهانهم مشهد قتل الزوجين وأطفالهم بجوارهم في بلدة يعبد بمدينة جنين شمال الضفة الغربية.

يحدث هذا فيما وصلت المهاترات والعبث بالسلاح إلى قتل شاب في مقتبل العمر وأب لأربعة أطفال على يد ضابط مخابرات فلسطيني كان يعبث بسلاحه ويوجهه للشاب حتى فجر قلبه، فيما لا يزال قاتل الصراف الفلسطيني جواد القواسمي لم يقدم للمحاكمة رغم الاعترافات الموجودة بين يدي الشرطة.

 كل ذلك يجرى في ظل غياب القانون عن أروقة المحاكم، والمحسوبية التنظيمية والعشائرية، وانتشار السلاح بأيدٍ غير أمينة على أرواح المواطنين.

 هذه الفوضى أدت إلى تنامي تجارة المخدرات وارتفاع نسب السرقة واكتشاف المئات من جرائم الابتزاز الالكتروني مع غياب الردع والمسؤولية القانونية وعدم تفرغ أجهزة السلطة لملاحقة المجرمين الحقيقيين؛ لأنها منهمكة ومشغولة في ملاحقة رجال المقاومة واعتقال السياسيين وقمع المحتجّين والمتظاهرين ضد سياسات السلطة.

تنامي معدلات الجريمة
وبهذا باتت الجريمة في مناطق السلطة مصدر رعب وقلق للمواطنين غير الآمنين حتى في بيوتهم وحوانيتهم، ما يفتح الباب على مصراعيه للسؤال: أين هي أجهزة السلطة وعددها ثلاثة عشر جهازًا؟! وأين هو دور السلطة الراعية لهذه الأجهزة التي تنفق عليها الأموال الطائلة؟ ولماذا ينحصر عملها فقط في ملاحقة المقاومين وغضّ الطرف عن المجرمين؟

وبحسب بيانات إدارة مكافحة الجريمة في الشرطة الفلسطينية برام الله؛ فإن جرائم القتل سجلت ارتفاعا حتى نهاية عام 2017 والنصف الأول من عام 2018م، فقد وصل عدد جرائم القتل نهاية عام 2017 إلى نحو 57 جريمة قتل، فيما كانت في نهاية عام 2016 46 جريمة، وقد بلغ عدد جرائم القتل في الأراضي الفلسطينية حتى نهاية حزيران 2018م 32 جريمة؛ أي بارتفاع عن العام الماضي 13.7%.

وقد كشف محمد التركمان، سكرتير النيابة العامة في شرطة رام الله، أن الجرائم الالكترونية تصدرت المشهد الحقوقي في الأراضي الفلسطينية؛ حيث الابتزاز والتهديد واتهام الأعراض وسرقة الحسابات الالكترونية والبنكية.

وقال التركمان في تصريحات خاصة لمراسلنا: ” قُدمت إلى المحاكم الفلسطينية نحو 1876 قضية متعلقة بالقضايا الالكترونية حتى نهاية عام 2017، فيما ارتفع العدد ليصل نهاية حزيران 2018 إلى 1125؛ أي بنسبة زيادة 38% عن العام الماضي.

 وأضاف: “ارتفعت نسبة الاتّجار بالمخدرات في الأراضي الفلسطينية 414 حالة عام 2017 إلى 253 حالة حتى منتصف عام 2018 مع تنامي ظاهرة اكتشاف مشاتل المارغوانا ومشاغل المخدرات  الخاصة.

 وعلى صعيد حوادث السرقة والسطو المسلح وجّهت النيابة العامة تهمة السرقة والاعتداء على أموال ومقدرات الغير لـ 894 حالة نهاية عام 2017، لكنها ارتفعت حتى نهاية حزيران 2018 لتصل إلى 511 حالة.

ازدواجية المعايير
وأمام تنامي مستويات الجريمة في الأراضي الفلسطينية بات واضحا أن هناك ازدواجية في المعايير وانتشارًا للمحسوبية والواسطة أمام المحاكم وخلال عمليات التحقيق في الجرائم، إضافة إلى حالة من فوضى السلاح المنتشر في أيدي أنصار أجهزة السلطة ومندوبيها ورجالات فتح ومن يؤازرهم ويؤيدهم من العائلات والتجمعات غير القانونية.

وباتت ملاحقة المجرمين مرتبطة بميول تنظيمية وسياسية، ووضع على الرف الكثير من القضايا والجرائم المهمّة؛ لأنها تمس بعض عناصر التنظيم والسلطة وأزلامهما، فيما قدم للمحاكمة أبرياء اتهموا بجرائم كذبا وزورا وبهتانا، كما حصل في قضية مقتل الشابة آية برادعية من بلدة صوريف جنوب الضفة الغربية المحتلة.

ودفعت فيها السلطة الاتهام لثلاثة شبان بعضهم مقرب من حماس؛ فسامتهم أجهزة السلطة سوء العذاب، ووظفت الإعلام والمال لفضحهم، وكلف هذا الاتهام الكاذب أهليهم الأموال الطائلة من بيع لبيوتهم وأراضيهم وهجرها، ثم بُرّئوا بعد ذلك براءة كاملة بقرار من المحكمة بعد ثلاث سنين من الاعتقال والتعذيب، وأفرج عنهم!

المحسوبية التنظيمية والعشائرية

ويرى المحامي شعلان حمد، من الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، أن سبب التسويف في تنفيذ العقوبات الرادعة للمجرمين هو المحسوبية والواسطة، وحرف الأحكام القانونية عن مسارها، وتدخل أجهزة السلطة في ذلك لحماية أزلامها ومندوبيها.

وقال في تصريح خاص لمراسلنا: “في أكثر من قضية كاد القضاء يوصل مجرمين إلى السجن المؤبد بسبب قيامهم بجرائم قتل، لكنّ تدخل جهازي المخابرات والوقائي وحرفهم مسار التحقيق والتدخل في تأجيل القضية للتسويف حال دون ذلك ،وما قضية الشابة المغدورة نيفين العواودة عنا ببعيد”.

وتابع  شعلان: “حتى محكمة العدل العليا الفلسطينية مسيّسة؛ فمن بين 17 قاضيا يتصدرون قضاياها، يوجد 15 منهم يميلون في أحكامهم لأهواء الرئيس الفلسطيني، لذلك أحكامها وقراراتها موجهة وليست عادلة، وبات واضحا أن القضاء الفلسطيني موجها وليس عادلا، وتتحكم فيه رجالات فتح والسلطة وأجهزتها”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات