الأحد 12/مايو/2024

الفالوجة الخيرية في الخليل.. تجمع يورّث القضية جيلا بعد جيل

الفالوجة الخيرية في الخليل.. تجمع يورّث القضية جيلا بعد جيل

بعد سبعين عاماً مرت على النكبة الفلسطينية لايزال اللاجئون الفلسطينون متشبثين بأرضهم وقراهم ومدنهم التي أخرجوا منها عنوة عام 1948م.

 ورغم البعد والفراق، إلا أن كبار السن يتذكرون “أيام البلاد” في قراهم حيث الأفراح والأتراح، وأيام الحصاد، وتراث الماضي، وذكريات الحرب والنكبة والتشريد والشتات.

 وحتى لا يبقى ذلك مجرد حلم، أسست النخب المثقفة مؤسسات خيرية باسم قراهم التي هجروا منها، لتجمع شتاتهم، وتزرع في ذاكرتهم حب الأوطان وحلم العودة إلي تلك القرى والبلدات.

عودة الذاكرة
قرية الفالوجة الفلسطينية إحدى القرى المدمرة، والتي تقع بين الخليل وغزة، وتبعد عنهما 30 كم، وترتفع 100م عن سطح البحر.

 كانت قبل احتلالها عام 1948 مركزا تجاريًّا هامًّا يرتاده التجار والفلسطينيون من القرى المجاورة وغيرها.

 وكان يوجد في الفالوجة جامع كبير قديم به ثلاث أروقة وقباب وصحن، ودفن فيه ولي الله الصوفي الشيخ أحمد الفالوجي، وبه أضرحة ومقامات لأولياء ومجاهدين من فترة الحروب الصليبية.

وقد كانت المنطقة تسمى بزريق الخندق، وتحولت فيما بعد إلى اسم الفالوجة، منسوبة إلى أحد أسياد الطريقة الصوفية الذي عرف بسيدي أحمد الفالوجي، لأنه قدم من بلدة الفلوجة “العراقية”.

 هجّر سكان الفالوجة عنوة بعد قصف قوات الاحتلال للبلدة، وخرجوا منها عام 1949م بعد اتفاقية الهدنة الموقعة في جزيرة رودس، وتشتت أهلها في الضفة الغربية وقطاع غزة والأردن ودولا عديدة.


null

جمعية الفالوجة
أسس أهالي الفالوجة عدة جمعيات خيرية باسم “جمعية الفالوجة الخيرية” في أماكن تواجدهم كي تجمع شتاتهم، وتوحد صفهم، وتذكرهم بالماضي، وتحفزهم بالحفاظ على حلم حق العودة وعدم السماح لأحد بتجاوزه.

 وقد كانت البداية في عمان، كما يوضح الدكتور عدنان أبو تبانة، رئيس جمعية الفالوجة في محافظة الخليل، وتبعها افتتاح جمعيات أخرى في إربد وفي مخيم البقعة وسحاب وقطاع غزة.

وقال أبو تبانة، في حديث خاص لمراسلنا: “بعد قدوم السلطة عام 1994م بدأت الفكرة في تأسيس جمعية لأهالي الفالوجة المهجرين والمشتتين في محافظة الخليل، وشكلنا هيئة تأسيسية وحصلنا على الترخيص اللازم لذلك من وزارة الداخلية، واشترينا أرضا في منطقة وادي الهرية بالخليل، وبتعاون أهالي الفالوجة أقمنا مقرا رئيسا لجمعية الفالوجة الخيرية بمساحة ألف متر مربع، وتعاون الكثيرين شغفا وحبا منهم لبلدتهم الفالوجة، وبلغ أعضاء الهيئة العامة للجمعية نحو ألفي عضو، وجرت عدة دورات انتخابية انتخبت فيها رئيسا للجمعية”.


null

التحفيز للعودة
وأشار أبو تبانة إلى وجود جمعية الفالوجة التي يلتقي فيها أهالي وعائلات الفالوجة في أفراحهم وأتراحهم، تكون حالة من الغيرة والحمية لبلدتهم الفالوجة التي لا يعرفها جل الشباب والجيل الجديد، ولذلك دفعهم الفضول إلى سؤال كبار السن عن ماضي الفالوجة وتراثها وتاريخها وبطولاتها.

ويبين أن ذلك دفعهم للقيام بلقاءات وندوات في ذكرى النكبة لتعريف الجيل الجديد بقضيتهم وبلدتهم وحقهم في العودة إليها.

 وتابع قائلاً: “جرت نشاطات واحتفالات كثيرة لتكريم الناجحين والمتفوقين، ويتم في قاعات وصالات الجمعية استقبال الأسرى المحررين من أبناء الفالوجة، والتعزية بالشهداء، فبات ملاذا بل أملا يذكر أبناء الفالوجة بحقهم في العودة إلى أرضهم وبلدتهم”.


null

التاريخ الشفوي
وكان لكبار السن دور في عرض التاريخ الشفوي لنكبة الفالوجة من خلال الجمعية التي أجرت لقاءات وتسجيلات لهؤلاء المسنين الذين ولدوا وعاشوا وترعرعوا في بلدة الفالوجة.

فالحاج محمد أبو رضوان (93 عاماً)، والذي ولد وعاش في الفالوجة، وهاجر منها، أجرى لقاءات شفوية متعددة كشف فيها عن تاريخ عريق وأمجاد سامية جرت على أرض الفالوجة، وتذكر الشهداء الذين سقطوا على ترابها، وتحدث عن المتطوعين المصريين الذين دافعوا عن البلدة إبان النكبة.

وقال الحاج محمد أبو رضوان لمراسلنا: “جمعية الفالوجة وتأسيسها ولقاءاتنا فيها في المناسبات المتعددة، ذكرتنا بالماضي.. ماضي الفالوجة عندما كنا نجتمع في الحارة الشرقية والغربية تحت الجسر، وعندما كنا نمرح ونلعب ونحن صغار في وادي المفرض وتحت الجسر”.

ويشعر أهالي الفالوجة بأن جمعياتهم الممتدة في الداخل والخارج تشكل ملاذا لهم، وتحفزهم على الارتباط بأراضيهم وبلداتهم التي هجروا منها على أمل العودة.


null

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات