عاجل

الإثنين 13/مايو/2024

ليست قدس الفلسطينيين وحدهم

ماهر أبو طير

اقتحم الإسرائيليون، المسجد الأقصى المبارك، أكثر من مرة، خلال الأيام القليلة الماضية، وهذه الاقتحامات المتواصلة، تؤشر على السياسة الإسرائيلية من جهة، وعلى تهديدات أكبر بشأن الحرم القدسي.

هذه الاقتحامات لم تعد تُثر اهتمام الكثيرين، فأين كل أولئك الذين كانوا يقفون بقوة ضد كل اقتحام، أو مساس بالحرم القدسي الشريف، سواء من الجانب العربي والإسلامي الرسمي، أو حتى القوى السياسية، والحزبية، والبرلمانية، والإعلام، إضافة إلى ما يمثله الفعل الشعبي، من رد فعل؟ خصوصا، داخل العالمين العربي والإسلامي، وفي المهاجر، في أوروبا وأميركا، حيث يمكن التأثير بشكل كبير، ضد “إسرائيل”، باللجوء إلى وسائل مقبولة في تلك الدول.

ثم أين المسلمون من ارتباط عقيدتهم بالمسجد الأقصى، باعتباره أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين؟ وكيف يستقيم الإيمان هنا، بتخلي أغلبنا عن معايير محددة، بذريعة عدم القدرة، والضعف، أو عدم الجدوى من أي رد فعل؟ بل واعتبار مدينة القدس، مجرد مدينة فلسطينية، أهلها أولى بها، من غيرهم، فإذا سألت أين العرب والمسلمون؟ قيل لك، أين الفلسطينيون. وإذا سألت الفلسطينيين على ما فيهم من إرهاق وتعب، قالوا لك أين العرب والمسلمون؟!.

من ناحية سياسية، فإن الاقتحامات ليست جديدة، فهي متواصلة على مدى عشرات السنين، لكنها اليوم تكتسب دلالات مختلفة، لكونها تأتي بعد اعتراف واشنطن، بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل”، إضافة إلى قانون يهودية الدولة، ورفض الاحتلال، منح أي جزء من القدس للفلسطينيين لإقامة عاصمتهم، ومحاولات تغيير الهوية الدينية للموقع، عبر بدء تقاسمه زمنيا، من أجل مخطط تقاسمه جغرافيا، أو السيطرة عليه كليا، في هذا التوقيت بالذات.

تطويع الإنسان العربي والمسلم، من أجل قبول الاقتحامات، لكونها باتت يومية، وبحيث تصير القصة، التنافس حول جمع المعلومات حول ما يجري فقط، وحمد الله، عز وجل، على أن مدة الاقتحام كانت قصيرة، هذه المرة، أو عدد المقتحمين كانوا أكثر أو أقل، أو أن الاقتحام كان عاديا، أم رافقته صلوات يهودية، يعبر عن كارثة اخرى، يتم استدراجنا إليها، أي سقوف الاقتحامات والمقارنات في كل مرة، بين اقتحام وآخر، لإيصالنا إلى حالة الخنوع الكامل والسكوت، باعتبار أنه ليس في اليد حيلة، ولا قدرة لردع هؤلاء، لاعتبارات كثيرة.

لكن الكارثة الممتدة، تصل إلى كل شيء، إذ نادرا ما تسمع أحدا يتحدث عن الأقصى، فأين خطباء المساجد، وأين كل شخص مؤثر، ولماذا يتم التعامي عن هذا الملف، وتسكينه، حتى على المستوى النفسي والذهني، بحيث يغيب كليا، أمام كل هذه الأزمات والخراب الذي يتمدد في العالمين العربي والإسلامي، في حقبة عز نظيرها، برغم كل المحاولات، للقول إن الأمة مرت عليها حقب أسوأ؟.

المسجد الأقصى، في عنق الكل، حتى لا يتهرب أحد من مسؤوليته، وهو ليس مجرد أمانة في يد الفلسطينيين، إذ إن الحرم القدسي، أمانة في أعناق أكثر من مليار ونصف المليار عربي ومسلم، لكنهم اليوم، إما لا يأبهون، أو تعرضوا لغزوات الفقر والإفقار والصراع والتغييب، بحيث لم يعد أحد قادرا على استرداد الأولويات مثلما يفترض أن تكون.

يحبون النبي صلى الله عليه وسلم، لكنهم يتفرجون على مدينته التي أسرى إليها، وعرج منها، ونحن للأسف الشديد، لا في وارد الدفاع عنها من باب الدين، ولا من باب الوطنية، ولا من باب السياسة وما تعنيه على مستوى المدينة وقيمتها لفلسطين والمنطقة أيضا…فمن نحن يا ترى؟!.

صحيفة الدستور الأردنية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات