الجمعة 10/مايو/2024

الصّمود الشعبي.. الحصن المانع أمام تصفية القضية

الصّمود الشعبي.. الحصن المانع أمام تصفية القضية

(الحروب- الاستيطان- التهجير- الصفقات السياسية..) كلها صور مطوّرة من الاستهداف الإسرائيلي في صراعه مع الشعب الفلسطيني الذي شكّل عماد الصمود والتحدّي على مدى قرن مضى.
 
الاحتلال دعم مروره العابر كأي استعمار استوطن فلسطين برواية توراتية المقصود فيها بالأساس شعب فلسطين الذي كان في بؤرة الصراع على مدى تغير الأنماط والمشاريع السياسية والتصفوية.
 
المتتبع لعربات القطار، يقرأ أن الصراع الحقيقي كان منذ مؤتمر بازل (1897)، ووعد (بلفور 1917) الذي روّج أكذوبة أرض بلا شعب، وثورة البراق (1929)، وحتى الإضراب الطويل (1936)، ومجيء مجازر النكبة والتهجير، ثم انتفاضة الحجارة (1987)، والأقصى (2000) كان المراد منه شطب وجود شعب بأكمله.
 
ولا يزال الصمود الشعبي هو المعوّل عليه في التصدي لمشاريع التصفية السياسية في ظل حالة الانقسام الفلسطيني وحصار غزة وفشل مشروع (أوسلو)، ولعل مسيرة العودة شكلت رافعة حقيقية لاستنهاض القوة الشعبية.
 
شعب حيّ
وأمام تخاذل المجتمع الدولي ودعم بريطانيا ولاحقا أمريكا لمستوطنة ناشئة اسمها (إسرائيل) كان الشعب الفلسطيني من (1948-1993) مستهدفًا بالتهجير والمجازر والإبعاد حتى وصل مشروع (أوسلو 1993) الوصفة السحرية للتصفية، لكن الصمود الشعبي تصدّى عبر مشاهد متسلسلة وصلت به مؤخراً لمسيرة العودة متصدياً لـ(صفقة القرن) عام (2018).
 
ويؤكد رمزي رباح، الخبير في شئون اللاجئين والقضية الفلسطينية، أن مشكلة الاحتلال منذ بدء المشروع الصهيوني مروراً بكل الصفقات السياسية هي الشعب الفلسطيني بغض النظر عن القوى الوطنية الفاعلة في كل مرحلة.
 
الحَراك الشعبي الآن يعدّ الرد العملي على مخطط التصفية، ولعل الهيئة الوطنية العليا التي يرى فيها الخبير رباح تشكيلة جامعة بين القوى واللجان والمؤسسات المجتمعية عززت دور التصدي الشعبي للتصفية ترجمتها وحدة الميدان.
 
ويتابع: “الوحدة الشعبية حالياً هي صمام الأمان أمام مشروع التصفية، ومن المهم انتهاء الانقسام حتى نعود للانتفاضة الشعبية والعصيان الوطني على الاحتلال وتعود القضية لمؤسسات المجتمع الدولي والمشهد الدبلوماسي الذي يرفض مخطط ترمب”.

أما محمد مصلح، الخبير في الشئون الإسرائيلية، فيرى أن عقلية الاحتلال لها مرجعية توراتية لكنها تعتمد المنظور المحسوس، وقد نشط على شطب وجود الفلسطيني لكن صمود الشعب كان ولا يزال نقطة التحدي.

ويضيف: “التمسك بالهوية هو العقبة الأهم أمام الاحتلال، فهم يرفضون زحزحة موقفهم عن حق شعب فلسطين رغم إدراكهم امتلاكه قوة الصمود أمام الفناء حتى إن فرّطت القيادة السياسية”.
 
تركيز الاحتلال طوال سنوات على تغيير ما يزعجه في مناهج التعليم العربية والفلسطينية لم يكن إلا محاولة لشطب الحق الفلسطيني واختزال الوجود، وقد طوّعوا بروايات توراتية ومناورات سياسية معظم الرأي العام العالمي لمصلحتهم.

ديمغرافيًّا وشعبيًّا
وأمام مخططات الطرد والمجازر تجلت القوة الشعبية في التصدي ورد العدوان، وقد مرت بردات فعل ميدانية وسلوك ثابت عكس حالة متجذّرة في مقارعة الاستيطان منذ سبعين عاماً.

ويقول رباح: إنّ النكبة عام (1948) استهدفت لمليونٍ و(200) ألف فلسطيني لتعزيز استيطان (100) ألف يهودي، وإن تدفق الهجرة المنظمة لفلسطين المحتلة وطرد الفلسطيني يعكس خوف الاحتلال من الخطر الديمغرافي، لذا يحاول الاحتلال حسم المعركة الديمغرافية.

وشكلت هجرة اللاجئين بعد النكبة إلى غزة ما نسبته (70%) من السكان و(35%) في الضفة عمقا ديمغرافيا وعاملَ تصدٍّ ومواجهة -حسب رؤية الخبير رباح- في حلقات الصراع ومحاولات التصفية السياسية المتواصلة.

الاحتلال -شكلًا استيطانيًّا (كولونياليًّا)- هدفه دوماً السيطرة على الأرض وترحيل سكانها، وزرع مستوطنين فوق الأرض، وهنا كان الشعب دوماً في فوهة المعركة، وعمل كثيراً بطريقة شعبية أو تحت أطر وطنية مقاومة.

ما يجسده الاحتلال هو النقيض الكامل للحقوق والثوابت الشعبية الوطنية، ومشروع (إسرائيل) بالأساس غزو (استعماري-استيطاني) بدعم غربي، فالاحتلال بنيته الأساسية بنية استيطانية، وليست عسكرية.

ويضيف رباح: “مثلاً الصراع على الأرض مؤخراً بتعزيز الاستيطان في منطق سي بالضفة يلتهم 60% من الضفة حين يفرض سيادة الاحتلال فوقها مجهزاً على حلم دولة فلسطينية”.

وأصدر الاحتلال مؤخراً قرارا عسكريا (1797) يمنع بناء أي بيت فلسطيني في مناطق (سي) يشرع هدمها، وهو صورة (ترانسفير) مطوّرة للوجود الفلسطيني بعد أن عطّل الاحتلال بعد عام (1967) القانون الأردني على أرض الضفة، وهو مقدمة لمشروع تصفية جديد يسمى (صفقة القرن).

أما الخبير مصلح فيؤكد أن نخب الاحتلال وقادته منذ بدء المشروع الصهيوني ركزوا على (الترانسفير)؛ رفضاً لحق العودة، وطرحوا مراراً مشاريع تبادل أراض، وأهم مثل هنا منطقة المثلث التي يهدد الوجود الشعبي فيها ديمغرافيا الاحتلال.

مشاريع تصفية
إن الرعاية الأمريكية لعملية التسوية منحت الاحتلال فرصة الاستفراد بمنظمة التحرير الفلسطينية التي باتت عاجزة عن المواجهة بعد ابتعاد القضية عن قرارات الشرعية الدولية، وهنا باتت النخب تعيد الحديث عن القوة الشعبية التي تقع في خط متقدم من الصراع.

وكانت اتفاقية (أوسلو) بمنزلة هدية لـ(إسرائيل) في تعزيز موقفها باستهدافها للشعب الفلسطيني، فقد كان عدد المستوطنين قبل عام (1993) يقارب (97) ألفًا، بينما قفز بعد أوسلو إلى (600) ألف مستوطن، ونقلت الكاميرات طوال (25) سنة مضت صور استماتة المزارع الفلسطيني دفاعاً عن أرضه وبيته.
 
ويقول الخبير مصلح: إنّ إبرام اتفاقيات تسوية مع جزء من القيادة السياسية ونخب وافقته إقليمياً على التطبيع لم يمنح (إسرائيل) ما تريد، فقد بقيت مرفوضة ومقاومة شعبياً.

ويضيف: “بن غوريون وبيغن جولدمائير وغيرهم روّجوا فكرة عدم وجود شعب، وعندما اعترفت إسرائيل في أوسلو اعترفت بمنظمة التحرير ولم تعترف بالحق الفلسطيني ولدى القيادة الفلسطينية (قيادة السلطة) ضعف في تفعيل القوة الشعبية أمام الاحتلال، والخشية الآن من تطويع الشعب لتمرير صفقة سياسية”.

الخطاب الإعلامي منذ اتفاق (أوسلو) كان في إعلام السلطة الفلسطينية -حسب تقدير الخبير مصلح- خطاب (حسن الجوار) في حين لا يزال الشعب يقاوم في المخيم وبيارة الزيتون عدوان المستوطن وشرطته.

ويخشى مصلح من تطوّر المخادعة السياسية التي ترعاها أمريكا، وأن تكون قيادة السلطة الفلسطينية تناور في ملف المصالحة تناغماً مع (صفقة القرن).

ولم تفتّ سنوات الحصار في صمود غزة الشعبيّ، ولجأ الاحتلال لأدوات خارجية تضغط على السلطة لتفتيت الالتحام الشعبي المتصاعد مؤخراً في مسيرة العودة، لكن الحيوية الشعبية والعمق الوطني لن يسعف الاحتلال مهما أخطأت النخب والقيادات السياسية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

صحة غزة: حصيلة العدوان ترتفع إلى 34943 شهيدًا

صحة غزة: حصيلة العدوان ترتفع إلى 34943 شهيدًا

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قالت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، اليوم الجمعة، إن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب 6 مجازر جديدة ضد العائلات في قطاع...

تحقيق صحفي يكشف انتهاكات صارخة ضد أسرى غزة

تحقيق صحفي يكشف انتهاكات صارخة ضد أسرى غزة

واشنطن – المركز الفلسطيني للإعلام كشف تحقيق أجرته شبكة "سي إن إن" الأميركية عن جوانب من الانتهاكات التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي ضد أسرى قطاع غزة...