السبت 01/يونيو/2024

الطائرات الورقية الحارقة.. صفعة عبقرية أفقدت إسرائيل صوابها

الطائرات الورقية الحارقة.. صفعة عبقرية أفقدت إسرائيل صوابها

تحترق حقول المستوطنات وتحترق معها قلوب قادة الكيان، ويستكثرون على الشعب الفلسطيني أن يطور إمكانياته في مقاومة آلة التدمير والقتل، بأسلوب لا يرقى لكلمة سلاح لكنه لقّن جنرالات الكيان درسا أذهلهم وأفقدهم صوابهم.

ومع الرياح المحمّلة بألسنة اللهب المزخرفة القادمة من قطاع غزة، وسماع أصوات العويل والرعب المنبعث من بين صفحات الإعلام العبري، رصد “المركز الفلسطيني للإعلام” جانبًا من “حفلات الصراخ” جراء رعب الطائرات الورقية القادم من غزة.

الدرس المتواضع

روجيل البار، المراسل في صحيفة هآرتس، كتب تحت عنوان “مطاردي الطائرات الورقية.. إهانة إسرائيل وعبقرية حماس” قائلا: “إن منظمة حماس نجحت بإرسال درس متواضع لدولة تفتخر بشراء طائرة المراوغة الأكثر تطوراً في العالم، لكن لا يمكنها السيطرة على الطائرات الورقية البدائية التي تحرق أراضي النقب”.

وأضاف روجيل: “يبدو أنه حتى القوميون اليهود المتطرفون، من لا يزالون يشعرون بالحزن والغضب من إخلاء مستوطنات غوش قطيف، ويطلبون استعادة السيطرة على قطاع غزة، ونبذ مسؤولية إسرائيل عن الحصار، ولا يشعرون بأي تعاطف مع معاناة سكان غزة، الذين يموتون في ظروف جهنمية، اعترفوا بأن هناك شيئا بارعا في طريقة حرق الطائرات الورقية التي اخترعتها حماس، والتي تحول حقول النقب الغربي إلى أرض محروقة وسوداء”.

ويقول روجيل: “إن الطائرات الورقية هي رمز الكمال لحماس، عمل عبقري في بساطته وفعاليته؛ يعطي اليهود درساً مهماً ومذلا بتواضع للبلد الذي يتباهى بتشغيله الطائرة الشبح الأكثر تطوراً في العالم، وكانت قادرة على إرسال وإدخال عملاء الموساد لمستودع في طهران، وهربت من هناك مجلدات البرنامج النووي الذي كان مقفلاً عليه في خزنة بالمفتاح والقفل، لكنها غير قادرة على العثور على حل عسكري لبالونات الهليوم والطائرات الورقية”.

وبحسب وصف روجيل حتى في البعد الشعري، من الصعب تجاهل قوة الصورة المتجسدة في الطائرات الورقية وبالونات الهليوم؛ وكأنها إكسسوارات لحفلة عيد ميلاد. الطائرات الورقية تصنف وترافق فرحة الأطفال، وتجعل الآباء يهيمون بسحر الطفولة، والجري على الرمال ابتهاجاً عند رؤية الرياح تحمل الطائرة الورقية وترفعها.

الطائرة الورقية تربط الطفل بقوى الطبيعة موضوع الجمال والبراءة، فيها الحرية والشعور بالتسامي والتحليق فوق سياج السجن حيث يُسجن مليونا شخص من غزة، يوجد بها مستوى عالٍ من الشاعرية المؤثرة، في فقرها وهشاشتها يمكن للمرء أن يقول تقريباً: إنه انتصار الروح على المادة، رمز رائع ومرعب مع جودة صانعي الأفلام.

ويؤكد روجيل أن الأضرار البالغة التي تسببها ما تسمى عندنا بـ”إرهاب الطائرات الورقية” لحقول القمح في النقب الغربي، تثير لدى اليهود المزيد من الألم الذي يشعرون به تجاه إعدام الممرضة والمسعفة الغزية ابنة الـ 21 من نيران قناصة الجيش “الاسرائيلي”، اللامبالاة تتألم وينطبق ذلك على المزارعين في الكيبوتسات في النقب، وكذلك على الجانب الآخر من السياج.

وفي تهكم واضح يكتب روجيل: “بطبيعة الحال سيتم إعادة تأهيل الحقول السخيفة، لكن لن يتم إحياء رزان النجار. الطائرات الورقية هي سلاح إنساني أكثر من رصاص القناص، اليهود لا يهمهم عدد من يموت من سكان غزة على السياج وإلى أي مدى سيتم تلطيخ صورتهم في العالم، ما دام يسمح لهم بالفوز في المهرجان الغنائي الخامس “إيروفيجن” في منهاتن ملوحين بالأعلام “الإسرائيلية”.

لكن جيشهم ونتنياهو يحترقان في نيران الحقول المندلع منها ألسنة اللهب في النقب، لا لأسباب إستراتيجية، ولكن بسبب الإهانة والظهور بالعجز ضد الطائرات الورقية، وهو مبرر لكم للذهاب لحرب صيفية ستنتهي بالضبط حيث بدأت.

العمق التكتيكي

وعلى الصعيد ذاته، كتب الجنرال احتياط رونين إيتسيك مقالا على صحيفة “يسرائيل هيوم” تحت عنوان “فقط الوجود البري سوف ينهي رعب الطائرات الورقية”، مشيرا إلى أن المستوى السياسي وليس غيره هو من يتحمل مسؤولية الديناميكا في الجنوب، بما في ذلك تعطيل حياة المزارعين.

وقال الجنرال: “من غير الممكن منع إطلاق الأجسام الطائرة على مستوى طائرة ورقية، دون دخول القوات البرية إلى المنطقة التي تعدّ ساحة الإطلاق الطائرات وإقامة منطقة عازلة، هذا النوع من التحرك الهجومي يعتمد على موافقة القيادة السياسية، وفي هذه الأثناء لم يتحرك شيء خلال الأسابيع القليلة الماضية وتحولت الحقول إلى اللون الأسود.. لماذا لا تسمح القيادة السياسية للجيش الإسرائيلي أن يدخل في عمق تكتيكي كهذا؟”.

وأضاف “وقف إطلاق النار بعد الجولة الأخيرة يدل على أنه قد تم التخطيط لشيء ما على ما يبدو تحت قيادة المصريين. لقد سمعنا بالفعل عن محاولات هدنة بعيدة المدى، ويمكننا افتراض أن هذا هو الحال، في الوقت الراهن ربما سنستمر في رؤية الديناميكية الحالية، وأي قول يرفض التعامل مع “معادلة” تسعى المنظمات الفلسطينية لفرضها  أو “تنقيط” الصواريخ هو مجرد خطاب سياسي يخفي الجهود المبذولة في الخلفية، إذا ما نضجت سنرى مدّةً هادئة، واذا لم يكن كذلك ربما نكون في طريقنا إلى صيف حار جداً”.

واقع قاس

وكتب المعلق السياسي في صحيفة يديعوت شيمعون شيفر تحت عنوان “حل لغزة الآن”، قائلا: “في هذه الأثناء الحقول الجنوبية تحترق، حتى الآن أحرقت آلاف الدونمات من الغابات والحقول بـ 600 طائرة ورقية أطلقت من قطاع غزة. محاولات التسلل إلى إسرائيل مستمرة، وكذلك عمليات إطلاق قذائف الهاون والصواريخ، وهذا ليس كل شيء، سيعقد اليوم بالقرب من الحدود مظاهرات يوم النكسة، ويستحيل التكهن بعدد المشاركين فيها وكيف ستنتهي، يبدو أن حماس وغيرها من المنظمات في قطاع غزة لم تكترث بتهديدات ليبرمان بالأمس، الذي وعد “بإغلاق الحساب” أي العودة للاغتيالات”.

وأضاف شيفر أنه “في الوقت الحالي لا يوجد مخطط أو أفق يمكن أن يشير إلى الخروج من هذا الواقع القاسي، أتمنى أن ينفذ نتنياهو هذه النصيحة وبدلاً من الذهاب إلى أوروبا، عليه أن يبقى في إسرائيل ويشمر عن سواعده ليحاول معالجة جذور المشكلة التي فرضتها غزة على كل إسرائيلي”.

وأشار شيفر إلى أن الحديث عن سقوط حماس واستهداف قادة غزة ليس أمرًا جادًّا. إن سخافة الرسائل الأخيرة من المتحدثين باسم الحكومة هي أن النظام يفضّل القطاع الشمالي لإيجاد حل للتهديدات القادمة من الجنوب، ويتطلب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إلى ترتيب وحل بطريقة أو بأخرى.

ويختم شيمعون شفر “لكن نتنياهو قال: إنه سيتحدث في أوروبا عن ثلاث قضايا: إيران وإيران وإيران مرة أخرى، يبدو أنه اقترض هذه الجملة من إعلان لمكاتب بناء الشقق التي تنص على أن قيمة الشقة تقاس وفقا لثلاثة اعتبارات: الموقع والموقع والموقع مرة أخرى، هذا جيد للأغراض التجارية، وهو أقل عملية عندما تنظر إلى الحقول المشتعلة في غلاف غزة”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات