عاجل

الثلاثاء 07/مايو/2024

ذوو أسرى وشهداء بجنين بأول رمضان على فراقهم.. ماذا يقولون؟!

ذوو أسرى وشهداء بجنين بأول رمضان على فراقهم.. ماذا يقولون؟!

دقائق وبدأ الأب إيقاظ أبنائه للسحور.. أيقظ الجميع.. لكنّ هناك غائبًا حاضرًا لم يعتد على غيابه، هو أحمد الذي لم تعتد العائلة غيابه عن مائدة الإفطار في رمضان، ولكنه اليوم أسير خلف قضبان الاحتلال.

وفي الوقت الذي تعيش فيه العائلة غصة الغياب يتماسك الأب الأستاذ جمال القنبع لكي لا يشعر به أفراد عائلته ويمتنعوا عن الطعام، إلا أن الدمعة تلمع بعينه ويقول لمراسلنا: “افتقدنا أحمد من اليوم الأول لرمضان؛ فقد كان مصدر الود والحنان.. كان أول من يذهب لشراء القطايف أو الفطاير عند اقتراب موعد الإفطار”.

“كان أحمد أول من أمّ فينا بصلاة المغرب في رمضان الماضي، ومن المبادرين لصلاة التراويح، وكان السبّاق لها من بين إخوته والملهم لإخوانه، وعلمنا جميعًا الالتزام والهدوء وحسن الطاعة”.

ويستذكر القنبع شهر رمضان الماضي حين كان ابنه أحمد ورفيقاه الشهيدان أحمد جرار يتسابقون للمسجد وقراءة القرآن، رحمهم الله، “فقد كانت تداعبنا ابتساماتهم وتلاحقنا نظراتهم الجريئة البريئة، كيف لا وقد اختارهم الله دون غيرهم؛ لأنهم الأنقى والأطهر منا جميعًا؟”.

وكان الوالد القنبع كتب في اليوم الأول من شهر رمضان، على صفحته على الفيسبوك: “عذرًا يا أحمد.. لم أتمالك نفسي حين تناولت أول لقمة عند الإفطار.. أخفيت ذلك بسرعة حتى لا يلاحظ إخوتك وأمك.. ثم قويت مرة أخرى.. وتذكرت ما حدث على مدار مائة يوم وأنا بنفس المعنوية.. تذكرت ذوي الشهداء الأكرم منا جميعا.. الله يصبرهم على هذه اللحظات وغيرها، قلت أنا بألف خير إني بشوفك في المحكمة”.


null

وحين يفتقد جرار

ولم يختلف المشهد كثيرًا في منزل الشهيد أحمد نصر جرار؛ حيث التقينا والدته ختام جرار، وبدأت حديثها بالآية القرآنية “فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ”، فلا المكان نفسه منذ رمضان الماضي بعد هدم المنزل، ولا أحمد موجود.

وبتنهيدة عميقة استطردت في حديثها لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “قبل 16 سنة فقدت أبو صهيب، وكانت أجواء رمضان معه مختلفة؛ حيث كنت أنا وأبو صهيب وصهيب وأحمد وابنتي جينا، وكان رمضان معه غير، ومنّ الله علينا بابننا الأخير محمد”.

وتابعت: “بقينا بعد استشهاده نستذكره أنا وصهيب وأحمد وجينا ومحمد الذي جاء للدنيا في غياب والده، وندعو له بالرحمة وأن نجتمع به في الجنة، إلى أن جاء صباح السادس من شباط من العام الجاري أفقنا على خبر استشهاد أحمد بعد رحلة معاناة ومطاردة من قوات الاحتلال، والحمد لله رحل بها منتصرًا ليلتقي بوالده”.

وأردفت: “رمضان دون أحمد غريب؛ فقد ذهب صانع الأجواء المرحة في المنزل.. رحل بمرحه ونحن على طاولة الإفطار، وكنا نذهب معه أنا وعمته إلى صلاة التراويح، واليوم نفتقد كل ذلك”.


null

“الحمد لله.. ربنا أكرمهم بالشهادة واختارهم لجواره.. هم الأحياء ونحن الأموات.. الله يجمعنا فيهم بالفردوس الأعلى”. وبهذا ختمت حديثها.

وأما شقيقته جينا، فكان لها حديث آخر دار بينها وبين نفسها، فكتبت على فيس بوك: “أول رمضان بدونك.. مش زعلانة عليك، بالعكس.. لازم أضل مبسوطة، لأنك رحت ع مكان أحلى من المكان اللي نحنا فيه بكثير.. رحت عمكان بجنن.. نيالك يا أحمد.. أنا زعلانة عفراقك.. زعلانة إني بطلت أشوفك”.

وأضافت: “مش متخيلة رمضان بدونك.. مش عارفة كيف بدو يكوون؟!.. كيف بدو يكون واللي كان محلييه مش موجود بينا؟!.. مش عارفة مين بدو يمزح معي وأنا صايمة؟!.. مين بدو ييجي يحكيلي: تعالي شوفي الشمس وهي بتطلع محلاها؟!”.

وتتابع: “بطلت أحس في فرق بالأيام. بس أيام وبتمر، كل أيامي صارت متل بعض، بطلت أحس بفرق.. ما أبشع الحياة بدونك”، وختمت بقولها: “الله يرحمك يا حبيب روحي أنت وبابا ويهنيكم بجنات النعيم ويجمعنا فيكم عن قريب يا رب”.

يحبو دون أبيه الأسير

ويتكرر المشهد مع الطفل يحيى ابن الأشهر العشرة مع والدته على مائدة الإفطار في منزل الأسير مجدي مصطفى عتيق في بلدة برقين غرب جنين، والذي كان ينتظر وزوجته رمضان الأول بعد مولودهما يحيى قبل أن يغيبه السجن.

وتقول زوجته فرح عبيدي لمراسلنا: “ضاعت وتلاشت كل المخططات التي وضعتها وزوجي في رمضان الأول لنا، ففي السنة الماضية علقنا زينة رمضان أنا وزوجي مجدي وذهبنا في أول رمضان بعد زواجنا ورتبنا بلكونة المنزل للإفطار، وكنا نحضر الأكل سويًّا، وكنت وقتها حاملا بطفلي البكر يحيى”.


null

وتستذكر أنها كانت وزوجها يخططان لرمضان القادم، وأن طفلهما الأول سيكون معهما، وكيف سيملأ عليهما المنزل ويضفي أجواء على إفطار رمضان، حتى إنهم وبعد أشهر اشتروا له كرسيًّا خاصًّا به ليجلس على مائدة الإفطار”.

وبحرقة ومرارة تقول عبيدي: “افتقدت زوجي بهذا الشهر وكنت وحيدة وأنا أعلق زينة رمضان وأستيقظ للسحور لوحدي وطفلي ليس على شفتيه سوى كلمة (أبا أبا)”.

وتضيف: “اختطفت قوات الاحتلال زوجي مجدي مصطفى عتيق من المنزل يوم الثالث من شباط من العام الجاري، وأخضعني يومها للتحقيق بتهمة إيواء الشهيد أحمد نصر جرار”.

وختمت بقولها: “ما يزيدني صبرًا وعزيمة عندما أشاهد صبر وقوة وعزيمة زوجي في المحكمة والزيارة، فأغادر وأنا متيقنة بأن الفرج قريب والشدة لن تدوم، ولكن في قلبي غصة لأن طفلي بعيد عن والده”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات