الجمعة 17/مايو/2024

غزة في مواجهة الخذلان والعزلة!

رضوان الأخرس

تكاد تصل الأمور إلى ذروتها على جميع الأصعدة في مسارات القضية الفلسطينية، تحديداً في قطاع غزة، بالإضافة إلى القدس، مع اقتراب افتتاح السفارة الأميركية في القدس، وبدلاً من الانشغال في مواجهة المخاطر المحدقة بالقضية، ينبري البعض ليكون بيدقاً في يد الاحتلال، يساعده في خنق الشعب الفلسطيني والتضييق عليه.

فخلال الأسابيع الماضية، شدد محمود عباس من إجراءاته «العقابية» أو العدوانية تجاه قطاع غزة، وقام بقطع الرواتب عن عشرات الآلاف من الموظفين في الوظيفة العمومية بقطاع غزة، كما أوقف مخصصات ورواتب عوائل الشهداء والأسرى، وأوقف الميزانيات التشغيلية عن المؤسسات الحكومية بالقطاع.

إجراءات تعسفية لا تنفصل عن ما يجري في المنطقة من تمهيد لتصفية القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، وتعزيز الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، ومن الطبيعي أن يكون الهدف من هكذا إجراءات النيل من صمود الناس، ودفعهم للخروج إلى الشوارع، من أجل لقمة العيش، بعيداً عن حقهم في أرضهم ومقدساتهم ومقدراتهم المسلوبة.

يسقط كل تبرير للعقوبات أو الحصار ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، يسقط في اختبار الضمير والأخلاق والوطنية والدين، فلا مبرر إطلاقاً لحرمان الأطفال من الحياة والعلاج، وحرمان جميع أفراد الشعب من أدنى الحاجيات الأساسية، سوى أنها وحشية وفاشية، أو خيانة لا أقل ولا أكثر.

يأتي تشديد العقوبات في ظل خوض غزة معركة صمود وتحدٍ في مخيمات العودة قرب الحدود الفاصلة بين الاحتلال والقطاع، وكأنها طعنة من الخلف لهذه التضحيات، ولا أرى أن هذا يصب في مجمله إلا في خدمة الاحتلال الذي يحاول قتل روح هذه المدينة الشجاعة، ولا أسوأ من مسؤول فلسطيني يظهر جباراً ضد شعبه، خواراً في وجه الاحتلال.

إلا أن غزة هي سنديانة هذا الوطن، بها يستظل الثائرون، ومنها توقد شعلة الثورة، لكنهم يريدون لها أن تحترق وتغرق برماد الفقر والجوع والأزمات، هي أمنية ليبرمان الذي قال: «سنجعل رأسها فوق الماء فقط لتعيش مخنوقة»، وأحلام «رابين» الذي كان يتمنى أن يستيقظ من نومه، ويرى البحر وقد ابتلعها البحر الذي قصف الاحتلال، مساء الجمعة الماضية، قاربين عند مينائه، كانا يعدان للإبحار من أجل كسر الحصار، في محاولة لإخماد الحراك قبل انطلاقه، في ظل عجزه عن إخماد حراك مسيرات العودة قرب الحدود، حيث تستمر الفعاليات، ويزداد الشبان والمتظاهرون جرأة يوماً بعد يوم، وهو ما يقلق الاحتلال.

فقد أهان المتظاهرون هيبة السياج الفاصل، وأصبح ألعوبة في أيدي الفتية والشبان، وبات خبر قصه أو اجتيازه خبرًا عاديًا بعد أن كان مجرد الاقتراب منه حلمًا مستحيلًا محفوفًا بالرهبة، وهو الأمر الذي له انعكاسات خطيرة جدًا على حالة الردع التي حاول الاحتلال ترسيخها على مدار عقود في محيط سياجه الذي يعتبره من دعائم الأمن الأساسية لكيانه.

لذلك امتهان الشبان لهيبة السياج الفاصل هو امتهان لهذا الكيان وللهالة الأمنية التي يشكلها حول نفسه، وهو تدريب عفوي وغير عفوي، وتمهيد لخطوات أكبر، وتشجيع على اجتياز العمق الصهيوني وضربه بشكل غير معهود طوال سنوات الصراع، إن لم تنجح هذه الخطوات الشعبية أعتقد أننا سنكون أمام سيناريوهات صعبة ومفاجئة لجميع الأطراف، فقد قررت غزة أن تحطم توابيت الانتظار بلا رجعة، وأن تبادر لقلع شوكها بأظافرها، ولا خيار آخر يبدو لتبديد ليالٍ اجتمع فيها عليها العدوان والحصار مع الخذلان.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

حماس تعلق على كلمة عباس أمام قمة البحرين

حماس تعلق على كلمة عباس أمام قمة البحرين

القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام أعربت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عن أسفها مما جاء في كلمة رئيس السلطة محمود عباس أمام القمة العربية...

المقدسيون.. شرف الانتماء وضريبة الرباط

المقدسيون.. شرف الانتماء وضريبة الرباط

القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام في غمرة الكفاح الذي يخوضه الشعب الفلسطيني رفضاً للاحتلال، وطلباً للحرية، ودفاعاً عن المقدسات، تتواجد ثلّة...

حماس ترحب بالبيان الختامي لقمة البحرين

حماس ترحب بالبيان الختامي لقمة البحرين

القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام رحّبت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالبيان الختامي الصادر عن القمة العربية الثالثة والثلاثين التي عُقدت...