مسيرات العودة كنظرية مقاومة
شكلت مسيرات العودة في ذكرى يوم الأرض نقلة نوعية في تكتيك مواجهة الاحتلال، خصوصا على جبهة قطاع غزة، إذ أن نظرية المقاومة انطلاقا من القطاع كانت تواجه تحديا خطيرا يتمثل في استمرار حالة الردع غير المتكافيء؛ إذ يستمر الحصار الإسرائيلي والمصري فيما لا تستطيع المقاومة استخدام قوتها العسكرية المتنامية للرد على الحصار؛ وذلك بفعل الكلفة الباهظة للحرب على المدنيين؛ وبفعل البيئة السياسية الإقليمية والدولية التي تمنع تحقيق مكاسب سياسية وازنة عقب الحرب.
وبالتوازي فإن مشروع الوصول إلى حل الدولتين باستخدام التفاوض ينهار على وقع ضربات الإدارة الأمريكية، مع إصرار حركة فتح وقيادة السلطة على عدم قبول خيار المقاومة المسلحة.
ومما “زاد الطين بلة” مساعي الاحتلال سابقا والسلطة لاحقا لتفجير المجتمع الغزاوي في وجه حركة حماس تحت وطأة الحصار و”العقوبات”.
الجديد في المسيرات
1- أنها تعتمد على نقطة توافق فلسطينية وعربية وإسلامية – نظريا على الأقل-، وهي أن المقاومة الشعبية السلمية ضد الاحتلال مبررة وشرعية.
2- أنها تأخذ مسارا يتفادى وطأة الحرب العالمية على الإرهاب التي تسعى لاقتلاع المقاومة الفلسطينية في طريقها.
3- يفتدي فيها بعض الشعب بعضه دون الاضطرار إلى خوض حرب تعم تداعياتها الجميع.
4- خطوة باتجاه تحسين البيئة السياسية الإقليمية والدولية، وذلك بإعاقة مسارع التطبيع وتصفية القضية الفلسطينية، وتوجيه بوصلة العداء باتجاه العدو الأخطر على الامة العربية والإسلامية وهو الاحتلال الصهيوني، بصفته رأس حربة للاستعمار الغربي.
جردة حساب أولية
بجردة حساب أولية لمسيرات العودة يتضح أنها:
– تسببت بإحراج دولي للاحتلال وللإدارة الأمريكية التي أعاقت إصدار قرار أو بيان من مجلس الأمن بخصوص جرائم الاحتلال بحق المتظاهرين السلميين.
– تسببت بإحراج لقيادة السلطة وأضعفت شرعية عقوباتها على قطاع غزة والتي تتذرع بدعوى تواطؤ غزة مع “صفقة القرن”، وأعاقت أي عقوبات جديدة كالتي أعلن عباس عن نيته لفرضها.
– وجهت ضربة لمساعي إعادة تشكيل الوعي العربي لتبرير تشكيل التحالف العربي – الإسرائيلي.
– وجهت رد الفعل والاحتقان الشعبي في غزة باتجاه المتسبب الحقيقي في أزمات القطاع وهو الاحتلال؛ الذي فرض الحصار عقابا لخيار الشعب في الانتخابات التشريعية عام
2006
– أظهرت نجاح فلسطيني في التعاون الفصائلي في المقاومة الشعبية، -يضاف إلى نجاح حركة حماس في احتضان العمل المقاوم المسلح لمختلف الفصائل، بعيدا عن نظرية “وحدانية السلاح” التي تتبناها السلطة في رام الله-.
– إلا أنه سجل عدم وجود “مسيرات عودة” على حدود الأردن ولبنان، وهذه نقطة ضعف هامة إذ أنهما أكبر خزانين للاجئين الفلسطينيين.
مستلزمات التطور
لتطوير تكتيك مسيرات العودة بحيث يتكامل مع استراتيجية مقاومة وتحرير شاملة، يلزم أمور؛ منها:
أولا: الهدف
توضيح هدف المسيرات هو الإسهام الفاعل – ضمن مشاريع أخرى- في تحقيق ما يلي:
– على المدى القصير: إفشال مخطط “تفجير قطاع غزة”، وتوجيه الاحتقان “الانفجار الشعبي” ليستهدف الاحتلال
– على المدى المتوسط: إعاقة مشروع التطبيع وتصفية القضية الفلسطينية
وعلى المدى الطويل: نزع شرعية دولة الاحتلال، بصفته ركنا هاما للتحرير.
ثانيا: تعزيز البعد الاستراتيجي للمسيرات، وذلك بتوسيع الامتداد الزماني لها لتصبح على مدار العام تحت مختلف المسميات، وبتوسيع الامتداد المكاني لها لتشمل الضفة والقطاع والداخل الفلسطيني ودول الطوق، وبحشد القوى المعنوية وتكثيف “تدفق الرموز” بالتزامن مع المسيرات، وكذلك حشد القوى المادية بما يشمل المستلزمات المالية والتنظيمية والسياسية والإعلامية لتحقيق الأداء والاستثمار الأمثل لها.
– تعزيز ثقافة المقاومة الشعبية
– الاقتصاد في القوى، واعتماد أسلوب الموجات بما يراعي مدى الزخم الشعبي ويتلافي الانجرار إلى المواجهة المسلحة
– فلسفة المظاهرات: الاحتكاك بالاحتلال لتفريغ الاحتقان الشعبي في وجهه ولتحريك العالم؛ وبذلك يلزم ضبط وتيرة الاحتكاك بما ينتج أكبر عائد من الضغط الخارجي على الاحتلال، كما يلزم تركيز الجهود على الاستثمار السريع والمتكامل للتضحيات.
المحاذير والمحددات
– الانجرار إلى العنف، خصوصا مع كثرة وتنوع المجموعات المسلحة في القطاع.
– خطر العدوان الإسرائيلي المغطى بإدارة أمريكية متطرفة، ولو اقتضى ذلك احتمال الاستفزازات الإسرائيلية العسكرية قدر الإمكان.
– تفهم الشارع لجدوى التضحيات.
– استمرار الإجماع الوطني على المسيرات.
وختاما؛ فإن الخلاص من حالة الاحتلال ، والنهوض الحضاري بحاجة مؤكدة إلى الكثير من التضحيات بالجهد والمال والدماء، والتحدي في هذا السياق هو تقديم هذه التضحيات بالشكل الأجدى، ولعل هذا الشكل من النضال من أجدى أشكال التضحية بشرط حسن استثمار هذه التضحيات على الصعد السياسية والإعلامية والشعبية.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
حماس: عملية الدهس البطولية في نابلس امتداد لحالة الغضب ومدّ المقاومة المتصاعد في الضفة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أكدت حركة المقاومة الإسلامية حماس أنّ عملية الدهس البطولية التي نفذها أحد أبطال شعبنا مساء اليوم قرب حاجز عورتا جنوب...
لليوم الـ 236.. القسام ينفذ عمليات مركبة وكمائن نوعية
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تواصل كتائب الشهيد عز الدين القسام لليوم الـ 236 على التوالي، التصدي للقوات الصهيونية المتوغلة في عدة محاور، والتي...
إصابة جنديين بجيش الاحتلال في عملية دعس جنوب نابلس
نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام أصيب جنديان إسرائيليان بجراح خطيرة، مساء اليوم الأربعاء، بعملية دعس على حاجز عورتا جنوب شرق نابلس....
أنصار الله اليمنية تسقط طائرة أمريكية معادية
صنعاء - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت جماعة أنصار الله اليمنية، اليوم الأربعاء، أنها أسقطت طائرة أمريكية معادية في أجواء محافظة مأرب. وقال المتحدث...
آيزنكوت: نتنياهو فاشل يزرع الوهم وحماس ستنتصر بأي انتخابات قادمة
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام اتهم عضو مجلس الحرب غادي آيزنكوت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالفشل الذريع أمنيا...
كل العيون على رفح.. طوفان إلكتروني يكتسح مواقع التواصل تضامنًا مع غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام في رد فعل إنساني على الصور المروّعة للمجزرة الإسرائيلية بحق نازحين في مخيم بمدينة رفح جنوبي قطاع غزة، مطلع الأسبوع...
أردوغان ينتقد الفشل الأممي والإسلامي بوقف الإبادة بغزة: الله سيحاسبنا
أنقرة – المركز الفلسطيني للإعلام انتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأربعاء، صمت المجتمع الدولي إزاء ما يحدث في قطاع غزة، قائلا إن "العالم يتابع...