الإثنين 06/مايو/2024

هل تشعل أحداث مسيرة العودة فتيل الشرق الأوسط؟

هل تشعل أحداث مسيرة العودة فتيل الشرق الأوسط؟

لا زالت أحداث مسيرة العودة الكبرى على السياج الحدودي لقطاع غزة تلقي بتداعياتها على المشهد السياسي الدولي، خاصة في ظل التعاطي الإعلامي العالمي للمسيرة، وما تبعها من أحداث وتعامل جيش الاحتلال القمعي معها والذي أسفر عن سقوط 16 شهيدا وأكثر من 1500 جريح.

وأجمع مراقبون وصحفيون ومحللون سياسيون في وسائل الإعلام العالمية أن الأحداث التي يشهدها القطاع يمكن أن تؤدي إلى إشعال فتيل الشرق الأوسط، وشبهتها بما حدث في انتفاضة الأقصى عام 2000 والحرب على غزة 2014.

في المقابل، ذهبت الصحف العبرية إلى القول بأن أحداث مسيرة العودة أعادت قطاع غزة إلى الأجندة الدولية، وهي بداية لتحرك شعبي فلسطيني رفضا للأوضاع القائمة.

التوقيت والسياق

وقالت صحيفة “ذا غارديان” البريطانية إن الأحداث التي يشهدها قطاع غزة المحاصر يمكن أن تؤدي إلى إشعال الشرق الأوسط، خاصة أنها تأتي في ظل غياب عملية سلام “صادقة”، وتحول موقف السعودية إلى “تأييد إسرائيل”.

وطرح الكاتب في الصحيفة، سيمون تيسدال سؤالاً يشغل المراقبين يتمثل في مدى قدرة هذه الأحداث على أن تشعل فتيل أزمة في الشرق الأوسط، وأن تجذب كلاً من سوريا ولبنان وإيران؟، لافتا إلى أن احتجاجات “يوم الأرض” تختلف عن سابقاتها، من حيث التوقيت والسياق؛ فهي تستمر ستة أسابيع، وتنتهي في الذكرى الـ70 للنكبة، بتاريخ 15 مايو المقبل (احتلال فلسطين 1948).

وربط بين الأحداث وبين عزم الولايات المتحدة الأمريكية نقل سفارتها إلى القدس باعتبارها عاصمة لـ”إسرائيل”، في وقت تتجاهل فيه مطالب الفلسطينيين، قائلا: “”باختصار فإن موسم جني النقاط الساخنة صار يلوح في الأفق”.

وقال الكاتب إن أكبر قلق لتصاعد الأحداث “يتمثل في حزب الله اللبناني، عدو إسرائيل وحليف إيران، والمهيمن على المنطقة الحدودية مع إسرائيل”ـ، متابعا: “التهديد الرئيسي بالنسبة للجنرالات الإسرائيليين يتمثل في مخزون حزب الله من الصواريخ القصيرة والمتوسطة والطويلة المدى”.

وهذه الصواريخ، كما تقول الصحيفة البريطانية، يبلغ عددها أكثر من 130 ألف صاروخ، إضافة إلى أكثر من 50 ألف مقاتل، الكثير منهم ما زالوا يقاتلون في سوريا.

وإذا ما استمرت المواجهات في غزة واتسعت رقعتها، فإن الكاتب يتوقع “أن يحاول حزب الله التدخل، خاصة في ظل وعود إيرانية بمساعدة الحزب في أي مواجهة جديدة”.

وبينما تؤكد إيران دعهما للحزب اللبناني مراراً وتكراراً، فإن “إسرائيل تتوعد بأنها ستستأصله في أي مواجهة”.

ترمب المتحيز

ويرى الكاتب أنه لا فائدة من انتظار موقف من مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، فبعد أن اجتمع ليلة الجمعة في جلسة طارئة، لم يستطع أن يخرج حتى ببيان مشترك.

ويشير إلى موقف السعودية- التي سبق لها أن تقدمت بمبادرة السلام العربية- ووقوفها هذه المرة مع المعسكر المؤيد لـ”إسرائيل” والمعادي لإيران، وهو نفس موقف مصر.

ويعتبر تيسدال أن “حث السعودية للأمريكيين للتدخل كوسيط مضيعة للوقت؛ بعد أن أظهر الرئيس دونالد ترمب نفسَه كمتحيز وليس كوسيط في هذا النزاع”.

ويضيف الكاتب: “لكل هذه التداعيات عزم ترمب على إنهاء الاتفاق النووي مع إيران في مايو المقبل، وهو أمر إذا ما حصل فإنه سيطيح بكل الأوراق في الشرق الأوسط”.

من جهة أخرى، أجمع المحللون العسكريون في الصحف العبرية على أن هذه المظاهرات، التي سقط فيها 16 شهيدا فلسطينيا، أعادت مأساة قطاع غزة إلى الأجندة الدولية، وأن هذه المظاهرات كانت البداية وحسب لتحرك شعبي للفلسطينيين للاحتجاج على أوضاعهم.

متظاهرون حقيقون

وكتب المحلل العسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، أليكس فيشمان، أنه شارك في المظاهرات، أول من أمس، 30 ألفا، بضمنهم نساء وأولاد، “ولم تجند حماس جميعهم، وقسم منهم متظاهرون حقيقيون، وهذا بالتأكيد إنجاز للموجة الأولى” من المظاهرات.

وشدد فيشمان على أن “الإنجاز الأهم بالنسبة لحماس هو رد الفعل في الحلبة الدولية، وعودة الأزمة في غزة إلى الوعي (الدولي)”. وأشار إلى موجة الاستنكار الدولي، وإلى أنه جاء “قبل أن تبدأ إسرائيل بدفع ثمن في الحلبة الدولية جراء القتلى ومئات الجرحى”.

ورأى أن سقوط الشهداء الـ16 “لم يتسبب بردع، وبالتأكيد ليس بصدمة قومية في الجانب الفلسطيني، وبالنسبة لحماس، هذه مادة الاشتعال للجولة المقبلة”.

وعدّ فيشمان أن “القناصة (الإسرائيليين) يطلقون النار على المتظاهرين لأنه لا يوجد لدى الجيش أداة حقيقية أخرى لمنع تسلل آلاف الفلسطينيين إلى داخل إسرائيل. لا توجد رافعة ردع ضد الفلسطينيين في غزة: لا يمكن سحب تراخيص عمل، كهرباء أو ماء، لأنهم يفتقرونها أصلا”.

وتابع أنه “هذا حدث استراتيجي بالنسبة لإسرائيل، وهو محاولة لإحداث هبة في قطاع غزة، تمتد في مرحلة معينة إلى داخل الضفة أيضا. وبدء المظاهرات في يوم الجمعة الأخير، الذي جرى خلاله إحياء يوم الأرض، هي محاولة لربط عرب إسرائيل بصورة الهبة: كلنا معا، لاجئو 48 و67”.

وحذر فيشمان من قمع الهبة الحالية في القطاع بالقوة المفرطة، لافتا إلى فشل محاولة إسرائيل في قمع الانتفاضة الأولى في بدايتها. “الجيش الإسرائيلي يدرك في العام 2018 أنه إذا لم ينجح في أن يقمع وبالقوة المواجهات حول القطاع، فإنها قد تقود إلى حريق شامل. وإسرائيل ستكون المتهمة في جميع الأحوال”.

الأجندة الدولية

أكد فيشمان أن هذه المظاهرات قد تستمر لشهور، لكنه أشار إلى أنه “في حال بدأ الجانب الآخر باستخدام السلاح، إطلاق نيران قناصة على سبيل المثال، فإنه لن يبقى بأيدي الجيش خيار، وسيضطر إلى التصعيد من رد فعل حول الشريط الحدودي إلى المبادرة لعمل عسكري داخل أراضي القطاع”.

وعد المحلل العسكري في القناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلي، ألون بن دافيد، في مقال في صحيفة “معاريف”، أن “الجيش الإسرائيلي منع بشكل ناجع تجاوز السياج ووضع عبوات ناسفة، وحماس أثبتت قدرتها على إحضار عشرات الآلاف إلى نشاط بادرت إليه، ومقابل حرج أبو مازن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس)، عادت حماس لتكون المنظمة التي تقود المقاومة الفلسطينية”.

وأضاف أن “حماس تريد طرح غزة على الأجندة الدولية، ويبدو أنها نجحت بذلك في هذه الأثناء. وعبرة حماس هي مواصلة دفع هذا الحدث، وبذلك فإن الجزء الأصعب ما زال أمامنا”.

ولفت المحللون الإسرائيليون إلى أنه لم يتم إطلاق صاروخ واحد من قطاع غزة خلال أحداث أول من أمس. لكن المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس”، عاموس هرئيل، أشار إلى أن أحداث أول من أمس أشغلت كمية كبيرة من قوات الجيش الإسرائيلي وقيادته، بدءا من رئيس أركان الجيش، غادي آيزنكوت، إلى المستويات الأدنى.

إنه إذا استمرت هذه المظاهرات فإن “من شأنها أن تؤثر على خطة التدريبات للجيش الإسرائيلي، التي تكثفت مؤخرا على خلفية التقديرات بأنه بالإمكان استغلال الهدوء النسبي في المناطق (المحتلة)”. وخلص هرئيل إلى أن تواصل هذه المظاهرات الفلسطينية قد تؤدي إلى “تطور مشكلة، تستدعي التساؤل حول عدم استعانة الجيش الإسرائيلي بقوات أكبر من الشرطة وحرس الحدود، الذين لديهم تجربة وخبرة أكبر بمواجهة أعمال شغب جماهيرية. فالقطاع هو قنبلة موقوتة، والأزمة الحالية يمكن أن تمتد إلى نهايات الأسابيع المقبلة وتؤثر على رد فعل الجمهور الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس الشرقية”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات