على حدود غزة.. عيون لا ترى إلا العودة

على لحن أناشيد العودة “شدي عزالك يا ميما يوم العودة قرب” اقترب الشاب محمد ماضي (24 عاماً) من السياج الحدودي شرق قطاع غزة، بدراجته النارية التي تعالت منها أصوات الأناشيد التي جهزها خصيصاً من خلال سماعة وضعها خلف ظهره يجوب بها المنطقة العازلة شمالاً وجنوباً يرفع علم فلسطين، متحدياً بذلك كل التهديدات التي تطلقها قوات الاحتلال ليل نهار للفلسطينيين منعاً للاقتراب من الحدود.

وقبل حلول يوم غدٍ الجمعة الثلاثين من مارس، اليوم المقرر لانطلاق مسيرة العودة الكبرى على حدود قطاع غزة، بدأ العشرات من المواطنين والأهالي رجالاً ونساءً بالتوافد إلى أماكن التجمع الخمسة التي أعلنتها اللجنة التنسيقية العليا للتجمعات على طول الحدود الشرقية لقطاع غزة.

ورغم إطلاق الاحتلال تهديدات متكررة على مدار الأيام والأسابيع الماضية، ومحاولته استهداف العديد من النقاط الحدودية بالقذائف تارة وبإطلاق النار تارةً أخرى، إلا أنّ ذلك لم يشكل أي محاولة لإخافة أو تردد الفلسطينيين من الاقتراب من السياج الحدودي بنية الاعتصام والتخييم هناك.

وبالرغم من الدعوة الصريحة والواضحة التي أطلقتها الهيئة العليا للمسيرة ولجان التنسيق العامة بأنّ الاعتصام سيكون سلميًّا بحتًا بعيداً عن أي مظهر آخر، إلا أنّ دولة الاحتلال لا تزال تحاول جرّ المكان إلى العنف من خلال التهديدات ونشر القناصة، ودعوتها الواضحة والصريحة لأهالي البلدات المحتلة المحاذية للقطاع بحمل السلاح الشخصي.

ونشر جيش الاحتلال تعزيزات عسكرية على حدود غزة، وقال رئيس الأركان الصهيوني غادي ايزينكوت: إنّ “الجنود سيطلقون النار إذا اقترب الفلسطينيون من الحدود وشكلوا خطراً”.

وأضاف: “نشرنا مائة قناص اخترناهم من جميع وحدات الجيش، وبشكل رئيس من الوحدات الخاصة. لديهم تصريح بفتح النار أمام الخطر المميت”، على حدّ زعمه.

“بدنا نرجع مش نموت”!

“احنا بدنا نرجع على بلادنا ما بدنا نموت”.. بهذه الكلمات أجابت الحاجة أم صافي على تساؤل مراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” عندما سألها عما إذا كان هذا الاقتراب من الحدود يشكل خطراً على حياتها وحياة أبنائها.

الحاجة أم صافي التي قاربت السبعين من عمرها، كانت تلبس ثوبها الفلسطيني المطرز وتلف رأسها بشالها الأبيض الذي اشتهرت به النساء الفلسطينيات قبل النكبة، أكّدت أنّها ليست قلقة على الأرواح، وقالت: “الأرض تساوي الروح، ولكن احنا جايين نقول لكل العالم احنا بدنا بلادنا، بدنا أرضنا، ما بدنا نحاربهم ولا يحاربونا، يطلعوا من أرضنا، ويا دار ما دخلك شر”.