الأحد 12/مايو/2024

اعتقالات السلطة في الضفة.. انتقامية أم استباقية؟

اعتقالات السلطة في الضفة.. انتقامية أم استباقية؟

في مشهد أعاد للأذهان واقع الضفة الغربية المحتلة في السنوات الأولى التي أعقبت الانقسام السياسي عام 2007، شرعت أجهزة أمن السلطة منذ أيام تنفيذ حملات اعتقال متواصلة في مختلف أرجاء الضفة، تستهدف كوادر ونشطاء حركة حماس، والكتلة الإسلامية في الجامعات، إلى جانب نشطاء بحركة الجهاد والجبهة الشعبية.

العشرات من أبناء حماس، غالبيتهم أسرى محررون ومعتقلون سياسيون سابقون، طالتهم حملة الاعتقالات الأخيرة التي تنافس في تنفيذها جهازا المخابرات والأمن الوقائي، سيئا الصيت والسمعة.

موجة الاعتقالات الأخيرة بدأت بشكل هادئ، فيما بدا وكأن السلطة غير معنية بإحداث ضجة إعلامية، بخلاف ما جرت عليه عادتها في السنوات الماضية، حين اعتاد الناطق باسم الأجهزة عدنان الضميري الخروج للإعلام بمزاعم ومبررات.

لكن مع تزايد أعداد المعتقلين، وإرسال مذكرات استدعاء للكثيرين، وما رافق عمليات الاعتقال من ترويع للأهالي والتنكيل بهم، خرجت هذه الحملة عن طابعها الهادئ، لتتصدر المشهد مجددا.

هدف غير معلن
ورغم عدم وجود هدف معلن لهذه الاعتقالات، إلا أنها بدأت تأخذ منحى تصاعديا عقب خطاب رئيس السلطة محمود عباس.

فبعد خطاب تحريضي حافل بالتهديدات العلنية والمبطنة من عباس، مساء التاسع عشر من الشهر الجاري، على إثر حادثة استهداف موكب رئيس الحكومة رامي الحمد الله، توقع مراقبون كثر استهداف حركة حماس في الضفة، بالتوازي مع فرض المزيد من العقوبات على قطاع غزة.

ولئن ادعى عباس في خطابه أنه أعطى تعليمات مشددة بعدم التعرض لأي مواطن في الضفة عقب استهداف موكب الحمد الله، إلا أن تلميحه إلى قدرته على جلب وقتل ٢٠ فردا من حماس في الساحة، كشف عن نواياه للمرحلة المقبلة.

ويقول مراقبون لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” إن الاعتقالات تأتي لإضفاء شيء من المصداقية للاتهامات التي وجهها عباس صراحة لحركة حماس بالوقوف وراء حادثة التفجير.

ويبين هؤلاء أن خطاب عباس شديد اللهجة، كان سيذهب أدراج الرياح، وسيفقد مصداقيته المهترئة أصلا، لو لم تعقبه خطوات تصعيدية مهما كان شكلها، ضد حركة حماس.

ضوء أخضر
ورأى المراقبون في حديث عباس عن تعليمات وجهها للأجهزة الأمنية بعدم التعرض لأبناء حماس، غطاء وضوءا أخضر لموجة جديدة من موجات استهداف متلاحقة للحركة وأبنائها.

فطوال أحد عشر عاما من عمر الانقسام، لم تتوقف حملات الملاحقة والاستهداف بحق أبناء حماس من جانب أجهزة السلطة، جنبا إلى جنب مع الاستهداف الصهيوني، ولم تتوقف عمليات الاعتقال السياسي ضدهم حتى في أشد اللحظات تفاؤلا بقرب إنجاز المصالحة.

موسم الانتخابات الطلابية
وإذا كانت الحملة قد أعقبت حادثة الحمد الله، لكن هناك من يرون أن الحملة تتزامن مع اقتراب موسم الانتخابات الطلابية في جامعات الضفة، لا سيما الجامعات التي تشهد تنافسا محتدما بين الكتلة الإسلامية وحركة الشبيبة، أمثال جامعتي بير زيت والنجاح.

فمع اقتراب الانتخابات الطلابية كل عام، يتعرض أبناء الكتلة الإسلامية لملاحقة أجهزة السلطة والاحتلال لهم، في محاولة لبث الرعب في صفوف الطلبة، لا سيما الجدد منهم، وتخويفهم من عواقب الانتماء للكتلة الإسلامية أو انتخابها.

وأد فرص الانتفاضة
لكن ثمة رأي آخر يضع هذه الحملة في سياق مساعي السلطة للقيام بدورها الوظيفي في حماية الأمن الصهيوني، ووأد أية فرصة لتعافي المقاومة بالضفة.

وتأتي هذه الحملة على أعتاب صيف ملتهب يلوح في الأفق، لا سيما مع اقتراب موعد مسيرات العودة في غزة، والزيارة المتوقعة للرئيس الأمريكي دونالد ترمب للمشاركة باحتفالات قيام الكيان الصهيوني وافتتاح سفارة بلاده بالقدس المحتلة.

فمثل هذه الحملات عهدها أبناء حماس بالضفة كلما التهبت الأجواء في غزة، مثلما حدث في الحروب الثلاثة التي شنها الاحتلال هناك، في العقد الأخير، وكلما كانت هناك فرصة لتفجر انتفاضة جديدة بالضفة.

وأصحاب هذا الرأي يستشهدون بموجة الغضب التي أعقبت إعلان ترمب بشأن القدس في ديسمبر/ كانون أول الماضي، حيث شنت أجهزة السلطة حملة اعتقالات طالت عددا من الناشطين من أبناء حماس، والذين كانت لهم نشاطات بارزة ومؤثرة.

ويبين هؤلاء أن السلطة، ورغم المواقف المعلنة لها ولحركة فتح بتصعيد المقاومة الشعبية، إلا أنها تسعى إلى إبقائها تحت سيطرتها وتسير بتوجيهاتها.

وتخشى السلطة من أن انخراط حركة حماس فيها، يهدد بخروجها عن سيطرتها، وبالتالي تكرار سيناريو انتفاضة الأقصى عام 2000 والتي كانت فرصة لتعاظم قوة حماس.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات