السبت 04/مايو/2024

الطفلة التميمي: أعشق الحرية وأكره الاحتلال

الطفلة التميمي: أعشق الحرية وأكره الاحتلال

بلغة الكبار والسياسيين، تتحدث “جنى” تلك الطفلة الفلسطينية التي أبهرت العالم بخطابها الآسر، وحراكها الإعلامي الذي آثار حفيظة الدوائر الاستخبارتية في كيان الاحتلال، إنها جنى جهاد التميمي (11 عاما)، من قرية النبي صالح غربي رام الله.

الطفلة جنى ولدت في الولايات المتحدة، وانتقلت إلى رام الله وتعيش مع أمها وجدتها في بلدة النبي صالح، وهي في الحادية عشرة من عمرها، تدرس في الصف السادس في مدارس القرية، وتشارك في المسيرات الاحتجاجية والمظاهرات التي تنطلق في بلدتها من أمام بيتها منذ أن كان عمرها ثلاث سنوات.

بدأت تمارس التصوير الصحفي والتغطيات الميدانية لأحداث بلدتها في مواجهاتهم مع الاحتلال منذ أن كانت ابنة السابعة عبر هاتف والدتها النقال؛ حيث بات يطلق عليها أصغر صحافية في العالم.


شاركت جنى في المواجهات هي وصديقة عمرها وابنة عمها عهد التميمي، وكانت جنى تتحدى جنود الاحتلال وتواجههم بكل شجاعة وجرأة. يتابع الملايين من المشاهدين ما تبثه جنى عبر الفيس، ووسائل التواصل الاجتماعي من لقطات وتقارير ميدانية، وقد حصلت قبل عام على جائزة “البر الدولية”؛ حيث تسلمتها من الرئيس رجب طيب أردوغان الذي استقبلها في إسطنبول، وكانت قد دعته لزيارة فلسطين فرد عليها حينها قائلا: سأزورها وهي محررة.

أثارت جنى حفيظة أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية جراء فعالياتها الشعبية والإعلامية فقد وصفها تقرير سري صادر عن وزارة الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية، بأنها خطر استراتيجي على الدولة الصهيونية، فيما ردت على هذا الادعاء الإسرائيلي “لويزا مورغنتيني” النائب السابق لرئيس الاتحاد الأوروبي قائلة: نعم جنى تشكل فعلا خطرا على اسرائيل لأنها تقلب الصورة التي تحاول “إسرائيل” رسمها للفلسطيني الذي يحب القتل!!!.

التقى مراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” هذه الأيقونة الفلسطينية، التي فاقت الكبار في خطابها باللغتين العربية والإنجليزية.

– من هي جنى التي أبهرت العالم بتقاريرها وفعالياتها؟

أنا طفلة فلسطينية أؤمن بقضيتي، وأعمل جاهدة على إيصالها للعالم. استيقظت وأنا طفلة صغيرة على اعتداءات الاحتلال على أبناء شعبي وقتله لأقرب المقربين إلي، الأمر الذي هزني وأبكاني!! فقررت منذ نعومة أطفالي مواجهة الاحتلال شعبيا وإعلاميا.

– كيف كانت الانطلاقة، ومن أين؟

أنا ولدت في أمريكا حيث كان يعمل والدي هناك، وبعد ولادتي قرر والدي إعادتنا لفلسطين، فعشت طفولتي في بلدتي النبي صالح مع جدتي ووالدتي، تلك البلدة التي صادر الاحتلال نصف أراضيها من خلال وضعه للجدار العنصري؛ حيث دفع ذلك المواطنين وأبناء بلدتنا إلى القيام بمسيرات أسبوعية منتظمة؛ احتجاجا على الجدار ومصادرة الأراضي.

وكانت هذه المسيرات تنطلق من أمام منزلنا، وكثيرا ما كانت قنابل الغاز المسيل للدموع تغمرنا وتسقط في بيتنا، فنصرخ ونبكي ونتألم، حتى إنها من كثرتها كنت أعلقها على أغصان أشجار الليمون والزيتون في منزلنا ولا تزال، وخلال هذه المشاهد تأججت الروح المعنوية والوطنية في أعماقي، فبدأت أخرج مع الأطفال لأشارك في المسيرات وكنا نسير بجوار الأجانب المتضامنين مع قضيتنا، ألبس الكوفية الفلسطينية وألفها على عنقي، وأضع عصبة رسم عليها العلم الفلسطيني على رأسي.

– لقد أطلق عليك الإعلام أصغر صحافية في العالم كيف ذلك؟

عندما كنت في السابعة من عمري قررت أن أنقل معاناة شعبي للعالم، وتأترت كثيرا لما كان يقوم به الاحتلال من قتل وإسالة للدماء التي كنت أشاهدها على الأرض وبين أشجار الزيتون، كذلك تأثرت بمصادرة الاحتلال الأراضي في بلدتنا، وقطع أشجار الزيتون وهدم المنازل، فقررت نقل ذلك للعالم، وبدأت عملية التصوير عبر جهاز الهاتف الخلوي الخاص بوالدتي وبث ذلك للأصدقاء عبر الفيس بوك، ومن ثم مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى، وهذه هي البداية، وبعدها قمت بإرسال وتصوير رسائل إخبارية صحفية عبر كاميرة فيديو صغيرة، ويعود الفضل في ذلك إلى عمي بلال التميمي الذي كان يعمل مصورا صحافيا حقوقيا يصور الأحداث ويوثقها، فقد علمني آلية بث التقرير الإخباري المصور، وكيفية التصوير الفني.

– هل كنت تعملين لصالح مؤسسة إعلامية أو وكالة معينة؟

قطعا لا.. أنا تلميذة في المدرسة، وإنما كنت أصور وأبث باللغتين العربية والإنجليزية عبر موقعي في فيس بوك والسنابشات وغيرها، حيث يتابع موقعي أكثر من 35 ألف متابع، أما لقطات التصوير التي أصورها وأبثها فإن اللقطة الواحدة يتابعها أكثر من 22 ألف مشاهد، وقد بثت لي مئات اللقطات والتقارير، وهذا يعني أن الملايين يشاهدون تقاريري على الانترنت، الأمر الذي أثار سلطات الاحتلال.

– هل تتقنين اللغة الإنجليزية وتستخدمينها في كتاباتك وتقاريرك الصحفية؟

لقد أدركت أن اللغة الانجليزية هي لغة التواصل العالمي، وإذا ما أردت أن أوصل رسالة شعبي للعالم فلا بد من تعلمها، وساعدتني أمي في ذلك وقالت لي لا بد أن تتعلمي الانجليزية، والحمد لله الآن أتقن الانجليزية بطلاقة محادثة وكتابة، وأجري لقاءات ومقابلات صحفية مع صحف وفضائيات عالمية بالانجليزية، الأمر الذي أزعج “دولة إسرائيل”، وجعلها تتابع تقاريري أولا باول.

– جنى أنت تتقنين لغة السياسة في تقاريرك.. من أين لك ذلك؟

منذ طفولتي أحب الاستماع لنشرات الأخبار. أنا لا أحضر أفلام الكرتون مثل الأطفال ولا أستمتع بها، وإنما أحضر نشرات الأخبار باستمرار، وأتأثر بقتل الأطفال وجرحهم أو اعتقالهم، وأحيانا أبكي عليهم، هذا بالاضافة إلى مشاركاتي المستمرة في المسيرات والاستماع إلى الكلمات التي تلقى في الاحتفالات والمسيرات. كل ذلك كوّن عندي ثقافة سياسية ساعدتني في صياغة تقاريري الإخبارية وما أبثه عبر فيسبوك.

– أنت تريدين إيصال رسالة من خلال عملك الإعلامي.. ما هي هذه الرسالة؟




رسالتي للعالم أننا جيل المستقبل الفلسطيني الذي يحب أن يعيش بسلام وأمان بعيدا عن لغة الدم. أريد أن أقول للعالم: شعبنا الفلسطيني يريد الحرية والاستقلال بأمان، ولا يحب لغة الدم التي جذرها الاحتلال.. ونقول للاحتلال: مهما قتلتم منا ومن أطفالنا وأعز الناس علينا، فإن لنا الحق في العيش بكرامة وحرية وأمن وأمان، وإننا نرفض احتلالكم لأرضنا ومصادرتها، ونرفض قتلكم واعتقالكم أبناء شعبنا.. نحن أصحاب قضية وحق لا بد وأن يعود.

– ما هي أكثر المشاهد التي أثرت فيك وأبكتك خلال تغطياتك الإعلامية؟

أثر في كثيرا استشهاد صديقي وابن عمي مصطفى التميمي الذي اختنق بالغاز واستشهد أمامي، وكذلك استشهاد خالي رشدي التميمي الذي قتله الاحتلال بالرصاص أمامي فسال دمه على الأرض وأنا أصرخ وأبكي، وذاك مشهد لن أنساه أبدا كما أثر فيّ اعتقال صديقتي وابنة عمي عهد التميمي، حيث استيقظت الساعة الثالثة صباحا على أصوات قنابل الغاز والصوت تحت نافذة الغرفة التي أنام فيها. انطلقت فجرا نحو بيت عهد وأكثر من مائة جندي في دار عهد.. خرجوا بعهد وهي مكبلة، ووضعوها في سيارة الاعتقال مغمضة العينين.. وأنا غير قادرة على الوصول إليها.. دخلت المنزل وقد عاثوا فيه فسادا ونثروا ملابسها وكتبها.. مشهد أثر فيّ كثيرا .

ولعل المشهد الآخر الذي أبكاني وآلمني؛ إعلان ترمب القدس عاصمة لإسرائيل.. كل ذلك فرض عليّ أن أشارك شعبيا وإعلاميا في خدمة قضيتي.

– لقد أعلنت دولة الكيان الصهيوني أنك خطر قادم عليهم؟؟ ماذا تقولين؟



فلتعلن “إسرائيل” ما تشاء فهذا شأنها. أنا لا أمارس أي عمل خارج إطار القانون. أنا أمارس عملا إعلاميا وصحافيا مشروعا دوليا، لكن دولة الاحتلال هي التي تعمل خارج إطار القانون الدولي الإنساني، وهي التي تقتل وتدمر وتعتقل وتهدم المنازل وتصادر الأراضي وتقيم المستوطنات خارج إطار القانون.

– ماذا تتمنى جنى أن تدرس، وإلى أين هي ذاهبة في توجهاتها ومستقبلها 

أنا عندما أكبر أريد أن أدرس العلوم السياسية؛ حتى أفهم أبعاد القضية الفلسطينية ومستقبلها،، وكيف يصبح لنا سيادة ودولة، أو أدرس الصحافة والإعلام حتى أنقل واقع قضيتنا للعالم حتى يناصرنا، وكذلك أحب أن أدرس رسّامة لرسم مآسي شعبنا ونقلها للرأي العام العالمي والتأثير على أطفال العالم لما يجرى لأطفالنا، وكذلك يا ريت أصبح لاعبة كرة قدم لرفع اسم فلسطين عاليا، أو مصممة أزياء حتى أبدع في تصميم أنواع جديدة للثوب الفلسطيني. 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات