السبت 27/يوليو/2024

جمعة آدم.. 30 عامًا في الأسر أفقدته والديه

جمعة آدم.. 30 عامًا في الأسر أفقدته والديه

على أحر من الجمر، وعامًا بعد عام، وشهرًا بعد شهر، كان ينتظر الأسير جمعة إبراهيم جمعة آدم (49 عامًا) من أريحا، زيارة والدته، التي ما إن يرها من خلف سياج السجان، ترتح نفسيته وتخفف عنه رؤيتها من آثار وعذابات الأسر، وترفع معنوياته ويزداد تحديه للسجان وتعزز صموده، وتدعو له بالإفراج.. إلى أن افتقدها مرة واحدة لترحل إلى عليين.

وتسرح مخيلة الأسير جمعة، إلى مدينته أريحا؛ حيث ولد وعاش طفولته وأولى شبابه؛ فقد كان يأكل من بلح نخلها، ويشرب من ينابيعها الصافية، إلى أن جاء الاحتلال وحكمه بالمؤبد، ليمضي حتى الآن 30 عامًا من الأسر المتواصل.

هذا الأسير الأسمر، وبرغم طول مدة أسره إلا أن سجله حافل بالبطولات داخل أقبية التحقيق والسجون، فخاض إضرابات متتالية عن الطعام، وتحدى سجانه بإرادة وعزيمة لا تلين.

فراق الأم

يوم صعب وقاس، كان أصعب من أوقات التحقيق والتعذيب.. إنه  يوم فراق أمه، فقد بكى لفراقها بشدة، وعبر عن حزنه برسالة وصلت منه لوزارة شؤون الأسرى بأن أكثر المواقف صعوبة وألمًا خلال وجوده بالسجن هو وفاة أمه.. كانت لحظة قاسية وصعبة عليه.. والدته التي لم تنقطع عن زيارته منذ اعتقاله، تركته بلا وداع، ولم يعد صوتها يسمع بين زيارة وأخرى.. لم تعد تحضر له ملابسه وأخبار البلد والأصدقاء.

“أكثر ما يؤلم الأسير هو وفاة الأم، لا شيء يؤثر على الأسير سوى غياب والدته؛ فالأم هي الرابط السحري والحبل السري الذي يعزز في الأسير كل أسباب القوة والأمل والحياة”.. يقول في رسالته التي تبكي الحجر.

محطة فقدان والدته، لحقت بها محطة فقدانه والده أيضًا وهو في السجن، فلم ينعم بالصلاة عليه في مسجد أريحا، ولم يسمح له السجان بإلقاء نظرة الوداع.

مسيرة تضحية وفداء

أكثر ما كان يؤلم الأسير جمعة قبل الاعتقال، هو رؤية جنود الاحتلال، والمستوطنين، وهم يسرقون الأرض، ويقتلون أبناء شعبه، فكان من الثائرين على الاحتلال منذ صغره؛ فقد جرّب السجن أكثر من مرة، وخاض غمار مقاومة المحتل بين أعوام 1986 – 1988، ثم اعتقل يوم (31-10-1988)، وحكم عليه بالسجن المؤبد مع زميليه البطلين أحمد التكروري، ومحمود خرابيش، بتهمة قتل خمسة من المحتلين والمستوطنين للأرض من الجنود الصهاينة، وذلك بإلقاء زجاجات المولوتوف الحارقة على حافلة لجيش الاحتلال، وهو ما دفع الكنيست للاجتماع بشكل طارئ لبحث تداعيات العملية وقتها.

من داخل السجن

وتتواصل مسيرة التضحية والصبر؛ حيث جرى تعذيب جمعة وزملائه بسادية ووحشية منذ لحظة إلقاء القبض عليهم، وكانوا مهددين بالتصفية والقتل المباشر على أيدي الجنود والمحققين، الذين لم يستوعبوا قتل خمسة من الجنود دفعة واحدة.

جمعة لم يدع الوقت يدهمه ويمضي سدى، وهو في داخل السجن، فقد أنهى التوجيهي داخل السجن رغم معاناته من عدة أمراض قاسية بسبب ما تعرض له من تعذيب، وحصل على شهادة البكالوريوس، ويدرس الماجستير في جامعة القدس بالمراسلة تخصص شؤون “إسرائيلية”.

الأمل لا ينقطع
استعدت عائلة الأسير جمعة ومدينته أريحا لفرحة الإفراج عنه -كما يقول شقيقه الوحيد-؛ حيث كان من المفترض إطلاق سراحه مع بقية الأسرى القدامى خلال الدفعة الرابعة من الصفقة التي عقدتها السلطة الفلسطينية مع الاحتلال، والتي كان بموجبها إطلاق سراح 76 من الأسرى القدامى على 3 دفعات، بينما علق الاحتلال إطلاق سراح الدفعة الرابعة، والتي تضم 30 أسيرًا.

ويروي أسرى محررون عن جمعة أنه يدعو الله عقب كل صلاة أن يمن الله عليه بالإفراج العاجل، كما وعدت المقاومة في غزة الصامدة، بعدما فشلت الصفقة الرابعة والمفاوضات أن تعيده إلى أهله وتكسر قيده.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات