الإثنين 20/مايو/2024

رامي الحمد الله.. محرقة السلطة السياسية على خطى فياض

رامي الحمد الله.. محرقة السلطة السياسية على خطى فياض

بعد أسابيع قليلة على توصيات المجلس المركزي الفلسطيني، واللجنة التنفيذية التي أوصت الحكومة ببدء اتخاذ إجراءات فك الارتباط مع الاحتلال، يجتمع رئيس الحكومة رامي الحمد الله، بوزير المالية “الإسرائيلي” موشيه كحلون، ومنسق أعمال الحكومة “الإسرائيلية” يواف بولي موردخاي بمكتبه برام الله.

وسبق ذلك بأيام، لقاء وزيرة الاقتصاد في (حكومة الحمد الله)، وزير اقتصاد الاحتلال في باريس، حيث عجت الصحف بصورة لقاء الطرفين، كل هذا يأتي في ظل تصدر حكومة الحمد الله الإجراءات العقابية المستمرة على قطاع غزة، وتصدره واجهة التصريحات السياسية التي يطلقها فيما يخص تعاطيه مع القطاع بملف المصالحة؛ وفقا لشروط تضع علامات سؤال في بعدها الوطني التوافقي.

وتأتي اللقاءات لتعكس عدم صحة توجهات السلطة المعلنة رسميًّا عن بدء الانفكاك الاقتصادي مع الاحتلال، وكذلك مخالفة توصيات المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية بقطع العلاقة مع الاحتلال ووقف “التنسيق الأمني”.

على خطى فياض

هذا الأمر، يعيد للأذهان، الإجراءات التي استخدمتها حكومة سلام فياض عقب الانقسام، حيث ظلّ أهم سبب لبقائها هو استمرار هذا الانقسام، وعلى الرغم من معاناتها من شرعية منقوصة على الساحة الفلسطينية، إلا أنها حظيت بدعم عربي ودولي وبرضا “إسرائيلي” مكّنها من الاستمرار، إلا أن ذلك لم يشفع لشخصيته، بعد أن أصبح في يوم من الأيام محل اتهام بالفساد، وكاد أن يزج به بسجون السلطة لولا التدخلات الدولية التي حالت دون ذلك.

تقوية فياض في حينه نفوذه المالي على حساب نفوذ حركة فتح التي يقود رئيسها السلطة، سعت الأخيرة للتخلص منه، إلا أنها لم تنجح، حتى التقت مصالحها مع مصالح الرئيس عباس في التخلص منه، حيث قبل استقالته.

حقل ألغام

لقاءات الحمد الله المتكررة مع الأطراف “الإسرائيلية” في ظل ما تعانيه الحالة الفلسطينية من تراجع سياسي حاد، جاء عقب قرار الرئيس الأمريكي ترمب اعترافه بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني.

والحمد الله الأكاديمي الذي لم يسبق له أي سجل سياسي، قفز إلى سدة رئاسة الوزراء في ظل أعقد ظروف تشهدها القضية الفلسطينية، حيث جاء على خطى سلام فياض بعد أن أرادت حركة فتح ممثلة برئيس سلطتها الذي يملك زمام القرار فيها، لشخصية خارج الفصائل والأحزاب أن تقود الحكومة، فوقع الاختيار على الحمد الله الذي كان يقود أكبر صرح تعليمي فلسطيني “جامعة النجاح الوطني”.

الانقسام الذي قاد سلفه سلام فياض لتولي رئاسة حكومة تمارس صلاحيات ومهام محدودة، تدفعه فتح لإدارة الانقسام الذي أصبح شماعة يمارس من خلالها رئيس السلطة محمود عباس أبشع إجراءات عقابية على قطاع غزة عبر الحكومة (الأداة) التي شكلها من أجل أهداف معينة.

مهمة انتحارية

قبيل تولي الحمد الله لرئاسة الحكومة كان متردداً في حينه حتى أقنعه عباس بتولي هذه المهمة، التي وصفها مراقبون في حينه بأنّها “مهمة انتحارية” وبالفعل فقد بدأ الحمد الله بلقاءاته وإجراءات حكومته ضد أهالي قطاع غزة بصعود درجات منصة الإعدام.

ويتفق محللون سياسيون تحدث إليهم “المركز الفلسطيني للإعلام” أنّ وصول الحمد الله إلى سدة الحكم في ظل ظروف دقيقة ومعقدة، ما هي إلا محرقة لتاريخ الرجل الأكاديمي، وزجه في آتون صراع سياسي وإداري ومالي لا قبل له به.

وتعيش السلطة الفلسطينية أزمات مركبة سياسية واقتصادية وأمنية، تكاد تعصف بها، وهو ما تحدث به كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات قبل أيام؛ حيث صرّح ولأول مرة أنّ من يقود السلطة هو “ليبرمان” وأنّ منسق الشؤون الإنسانية “الإسرائيلي” هو رئيس الحكومة الفعلي وليس الحمد الله.

ورغم مرور أكثر من ثلاثة أعوام على تشكيل حكومة الحمد الله، إلا أنّ السياسيين يؤكّدون أنّها لم تحقق أي إنجاز سياسي أو اقتصادي يذكر، حيث لا تستمد الحكومة عملها وفق خطة مدروسة واضحة.

ويجمع السياسيون، أنّ شخصية الحمد الله لم تكن مثل شخصية فياض؛ حيث حظي الأخير بدعم أمريكي و”إسرائيلي” غير مسبوق مكنه من ممارسة نفوذ وصلاحيات تجاوزت حدود رئاسته للحكومة، كانت سبباً في هروبه من قبضة السجن التي كانت السلطة تجهزها له لإخراجه من المشهد السياسي مرةً واحدة وللأبد.

شهادة أمريكية “إسرائيلية”

قبل أن يتم تكليف الحمد الله، حصل على “شهادة موافقة أمريكية” حيث رحب وزير الخارجية الأميركي في حينه، جون كيري، بقرار تكليف الحمد الله تشكيل حكومة جديدة، معرباً عن أمله التعاون معه لتحقيق “السلام في الشرق الأوسط”.

كما أجرى ويليام هيغ، وزير خارجية المملكة المتحدة، اتصالاً هاتفياً مع الحمد الله، هنأه فيه بتكليفه تشكيل الحكومة الفلسطينية، وهنأت المفوضة العليا للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، كاثرين أشتون، الحمد الله باختياره لهذا المنصب.

كما عبّرت الأوساط “الإسرائيلية” عن ارتياحها لتولي الحمد الله لرئاسة الحكومة، فقد نشرت صحيفة “هآرتس” العبرية في حينه تقول: “إنّ اختيار الحمد الله مريح، وهو رجل جيد”، وقالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” إنّ “الحمد الله يعدّ شخصية براغماتية من النخبة الفلسطينية المقبولة للغرب”، واختياره سيعزز من سلطات الرئيس عباس.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات