الإثنين 01/يوليو/2024

تصعيد على أبواب غزة جولة حملت بواعث الانفجار الكبير

تصعيد على أبواب غزة جولة حملت بواعث الانفجار الكبير

لم يكن إعلان الجيش الصهيوني عن إصابة أربعة من جنوده على أبواب غزة عادياً، لا في الطريقة ولا الحسابات ولا في الرقابة التي مورست على وسائل الإعلام الصهيونية، وحتى الرقابة على التصريحات الرسمية الصادرة عن الوزراء. 

المتابعة التي أجراها مركز القدس لعملية التفجير على الحدود الشمالية، جاءت في سياق صهيوني، تخوف معه من إمكانية انفجار قد تدفع إليه غزة في أي لحظة بسبب الأوضاع الإنسانية التي عليها القطاع. 

هذا التخوف دفع الاحتلال، إلى ترتيب  شكل الإخراج للعملية في ذهن الجمهور من خلال جملة متغيرات على الأرض، كانت محسوبة ودقيقة للغاية والتي يمكن تلخصيها على النحو الآتي: 

أولا: فرضت الرقابة العسكرية حظر النشر على الإعلام حول الحادثة منذ الدقيقة الأولى. 

ثانيا: خرج بيان للجيش الصهيوني بعد حادثة التفجير للحديث عن انفجار في دورية عسكرية صهيونية دون الإشارة للإصابات من عدمها. 

ثالثا: بعد ساعتين ونصف أعلن الاحتلال عن إصابتين خطرة وإصابتين متوسطة، دون الإشارة إلى أن المصابين أربعة. 

رابعا: بدأ رئيس الاحتلال ريفلين بالحديث عن الرد القادم، ثم تلاه نتنياهو من ميونيخ، ثم تلاه حديث لريفين بالإضافة إلى وزير من الكبينت. 

خامسا: شوهدت انضباطية صهيونية عالية في مسألة التصريحات الصهيونية، الأمر الذي انعكس على الإعلام بتوقع التهدئة لا التصعيد، مع ترجيح ضربة عسكرية واسعة. 

سادسا: بدأ الاحتلال محاولة تعزيز الرد الكبير في ذهن الجمهور على حماس بإعلان قصف 6 من أهدافها مساء، ثم 18 هدفاً في غزة مع بزوغ الفجر. 

سابعا: تبرئة ساحة حماس والجهاد من العملية ووضعها في رقبة مجموعات وصفها على حد تعبيره “بالمارقة” الأمر الذي معه، خفض شكل الرد الكبير على غزة. 

وأشار المركز إلى أن هذه النقاط، مهمة لقراء المنهجية الصهيونية، التي أرادت تهدئة الأوضاع مع قطاع غزة لأسباب أهمها:

أولا: يرى المستوى الأمني الصهيوني أن الحصار على قطاع غزة يؤتي أكله، من حيث التأثير على البيئة الأمنية في القطاع. 

ثانيا: الحكومة الصهيونية ترى بأن منهجية الحصار قد تأتي بنتاج يمكن من خلاله تقويض سلطة حماس دون دفع للثمن خاصة في ظل فشل المصالحة ومواصلة الجانب المصري إغلاق المعابر والتضييق على الأجنحة المقاومة عبر إغلاق المعابر. 

ثالثا: الجيش الصهيوني يرى بأن جولة من التصعيد مفتوحة على غزة لا يمكن وقفها عند حد يضع سقفه الاحتلال، مما يعني الانتقال إلى حرب يخشى الاحتلال معها تجاوز المواجهة حدود قطاع غزة. 

رابعا: الاحتلال يرقب تطور الأوضاع في الجبهة الشمالية ويرى أن التدهور قابل في أي لحظة. 

خامسا: الاحتلال يرى أن الأوضاع في الضفة الغربية، قابلة للتوسع خاصة في حال الحرب على غزة الأمر الذي يضع كوابح للاحتلال. 

سادسا: كلفة الحرب على الاحتلال، لن تكون سهلة، خاصة أن المجتمع الصهيوني لن يقبل بحرب على ذات وتيرة الحروب الماضية.

سابعاً: أعلن الجيش الصهيوني في غير مرة عدم جاهزية جبهته الداخلية للحرب، الأمر الذي سيكون له انعكاس سلبي لو حدثت حالياً. 

ثامناً: الحرب على غزة، تعني ضرورة الحسم، الأمر الذي بات غير ممكن وفق الرؤية الإسرائيلية، خاصة في ظل التراجع المستمر للرغبة القتالية البرية للجندي الإسرائيلي.

تاسعاً: “إسرائيل” تريد حرباً خاطفة وسريعة، وهذا الأمر لم تعتد تمتلكه “إسرائيل” وحدها، حيث أنّ المقاومة في غزة، سيكون لها كلمتها، الأمر الذي يدفع “إسرائيل” لعدم استعجال الحرب على غزة. 

وفي ضوء ذلك يرى مركز القدس بأن فتيل التفجير قد انتهى مرحليا، مع بقاء خيار التصعيد قائماً بسبب الأوضاع العامة في غزة. 

وتابع المركز:” هذا لا يعني بأن الاحتلال قد لا يذهب  خلال الأيام القادمة باستهداف مجموعة فلسطينية بالاغتيال يتهمها بالمشاركة في عملية التفجير”. 

وأشار المركز إلى أن الحادث كشف مدى الهشاشة في الواقع الأمني العام الصهيوني، والحالة التي يمكن معها الانتقال الى مواجهة مفتوحة، في ظل الخلاف الكبير بين المستوى الأمني والسياسي، على طبيعة الأهداف المرجوة من المعركة على غزة.

إلى جانب ذلك، فإنّ عدم وضوح الرؤية السياسية، قد أربك حسابات المستوى العسكري، والذي بالعادة يضع خططه بناء على الأهداف المحددة من المستوى السياسي، وهذا واضح من التعاطي الأمني مع الملفات المختلفة، التي تُشكل تهديداً أمنياً على “إسرائيل”.

وطالب المركز” السلطة الفلسطينية ضرورة التحرك للتخفيف من وجع سكان غزة ورفع الإجراءات العقابية كونها الوصفة الخطيرة لسرعة تفجر الأوضاع في القطاع”. 

*مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات