الجمعة 26/يوليو/2024

سمير أبو نعمة .. 32 عاماً بين أربعة جدران إسرائيلية!

سمير أبو نعمة .. 32 عاماً بين أربعة جدران إسرائيلية!

تنتهي القصة قبل أن تبدأ بالنسبة لمن يعيشون في مدافن الأحياء، حين يقول الفرد الأخير في عائلة الأسير: “ما الذي ذكّركم بشقيقي اليوم؟ فما من مناسبة تستدعي الكتابة عنه، مرت سنوات وكتب كثيرون ووريت كلماتهم الثرى، ولم يحدث شيء”.

الأسير سمير إبراهيم محمود أبو نعمة (58 عاماً) من سكان منطقة حي الشيخ جراح في مدينة القدس المحتلة، أسيرٌ بعمر وطنٍ منتهك، حاز على لقب أقدم أسير مقدسي في سجون الاحتلال رغماً عنه، وأصبحت مدافن الاحتلال منزلاً له قسراً.

مسيرته النضالية
يروي وائل أبو نعمة حكاية شقيقه الأسير سمير لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام”، فيقول: “كان شاباً مثل باقي الشباب بعمر السادسة والعشرين، أنهى مرحلة الثانوية العامة، وبدأ دراسة إدارة الفنادق، وعمل في ذات حقل دراسته، كان لا يزال يافعاً”.

وكما كثير من عائلات الأسرى، لم تعلم عائلة الأسير أبو نعمة المقدسية، عما كان يفعل نجلها لخدمة الوطن، لم تعلم بانتماءاته التنظيمية ولا نشاطاته في مقاومة الاحتلال، كما أكد شقيقه وائل.

بتاريخ 20 أكتوبر 1986 اعتقل الاحتلال الأسير أبو نعمة، كان لا يزال شاباً غضاً صاعداً بأحلامه، وأبقى عليه في التحقيق قرابة الشهرين، قبل أن يتم النطق بالحكم المؤبد ويتم نقله إلى سجن “ريمون”.

علمت عائلته لاحقاً بأن ابنها صاحب الستة والعشرين عاماً كان فدائياً مناضلاً من الدرجة الأولى، فقد نفذ عمليات كثيرة، منها طعن جندي إسرائيلي، والمشاركة في تفجير إحدى حافلات الاحتلال بيافا.

تكالبت الأوجاع على الأسير أبو نعمة، أوجاع ذاكرة التحقيق التي أورثته آلاماً لازمته لسنوات، وأوجاع ذاكرة ذويه وأمه التي تركها خلفه، وأوجاع طموحاته وأحلامه التي تم تكبيلها معه داخل الأسر.

الملف الصحي
الأسير أبو نعمة، وكما أكد شقيقه وائل، يعاني من مشاكل صحية كبيرة، فطبيب عيادة سجن عسقلان الذي يتواجد فيه، يتعمد ممارسة سياسة الإهمال الطبي بحقه.

يقول وائل: “حاولنا أن نرسل له طبيباً خاصا بدل الطبيب الذي يتواجد في سجن عسقلان، ولم يتم الأمر حتى الآن”.

عائلة الأسير أبو نعمة أكدت أنه يعاني من تهتك في قاعدة الأعصاب في رقبته، ما يؤثر على مفاصله، ويسبب له آلاماً شديد في جسده ومفاصله، كما أنه يعاني من وجع شديد في أقدامه، ويرجح بأنه يعاني من مرض الديسك، ولا يستطيع الوقوف لفترات طويلة.

مع برودة فصل الشتاء، تفاقم الوضع الصحي للأسير أبو نعمة، فقد أصبح نظره خفيفاً للغاية، كما أنه يعاني من وجع دائم في أسنانه.

لكثرة الآلام التي يعاني منها الأسير أبو نعمة، لم يكن من السهل إحصاؤها، فهو يعاني علاوةً على كل هذا من آلامٍ رافقته منذ تعرضه للتحقيق قبل سنواتٍ طويلة، وفي مركز الأعصاب بمنطقة العمود الفقري يعاني من مشاكل أيضاً.

32 سنة التي مرت على اعتقاله أورثته ضعفاً في كامل حواسه الخمس، وأجريت له خلالها أكثر من ست عمليات في أجزاء متفرقة من جسده، بعضها تكلل بالنجاح، والبعض الآخر لا يزال بحاجة إلى جلسات أخرى لا توفرها إدارة السجون.

تنقلاتٌ متتالية
بين أقبية تحقيق مركز المسكوبية، ومستشفى سجن الرملة، وسجون ريمون، وشطة، وعسقلان، وعدد آخر منها لم تعد العائلة قادرة على إحصائه، أمضى الأسير أبو نعمة سنوات اعتقاله الطويلة، حتى استقر في نهاية الأمر في سجن عسقلان، حيث يقضي ما تبقى من عمره.

انتظرت والدة الأسير أبو نعمة فرحة الإفراج عنه ضمن المفاوضات التي تمت بين الاحتلال والسلطة، غير أن اسمه جرى استثناؤه من بين عدد آخر من أسماء الأسرى، وانتظرت والدته لاحقاً حتى توفيت عقب ثلاث سنوات من اعتقاله، وهي تنتظر.

اليوم، يتمكن شقيق الأسير أبو نعمة وحده من زيارته في عسقلان، هو يتحضر لزيارة قريبة له، ليخبره بآخر تفاصيل الحياة التي سلبت منه، سيقفان على شباك الزيارة، وسيجد شقيقه وائل في كل ما سيقول كلاماً غير ذي جدوى، فماذا يقال لأسير أمضى كل هذه السنوات داخل الأسر؟

عائلة الأسير أبو نعمة كغيرها من عائلات الأسرى القدامى، ومنهم 13 أسيراً من مدينة القدس، توقفت عن العد منذ سنوات، ومرغمةً توقفت عن الأمل، فكيف هو حال الأسير أبو نعمة داخل السجون؟ وكيف تقلصت أحلامه من عالمٍ مفتوح إلى أربعة جدرانٍ يخرج منها بأمرٍ من السجان، وحسب رغبته؟

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات