الأحد 12/مايو/2024

جمال الهور .. ماذا تعرف عن قائد خلية الاختطاف في القسام؟

جمال الهور .. ماذا تعرف عن قائد خلية الاختطاف في القسام؟

في بطن الهوى، تلك التلة المرتفعة الشامخة المطلة على “وادي عين صوريف” غربي مدينة الخليل، بدأت حكاية تراجيدية رسمت معالمها بحبات عرق المقاومين المجاهدين، الذين وظفوا زهرة شبابهم فداء لأوطانهم.

في “بطن الهوى” كانت الشمس تستيقظ على غير عادتها، وفي وادي عين صوريف السحيق والتلال المحيطة به، تحديدا، كانت “خلية صوريف”، تتنفس برئة كتائب القسام، وتشق طريقها تخطف جنود الاحتلال في باطن الوادي، لعلها تقايضهم بأبطال حرموا أشعة الشمس.
 
لم يكن جمال الهور، ورفاق دربه في المقاومة “عبد الرحمن اغنيمات” و “إبراهيم غنيمات”، الذين عرفوا بخلية صوريف، لينعموا بحياة الرفاهية والتمتع بالطبيعة الخلابة في بطن الهوى ووادي عين صوريف ووادي السور وأبو شوك!، تلك المناطق الجميلة المطلة على الساحل الفلسطيني المحتل عام 1948م، ولكن طبيعة المكان المعقدة بتضاريسها، جعلت من خلية صوريف ومقاومتها لغزا معقدا شتت أحلام الاحتلال.

يشار أن خلية صوريف، التابعة لكتائب القسام، الجناح العسكري لحركة “حماس”، قد نجحت في تنفيذ عدة عمليات على مدار أربع سنوات، أدت إلى مقتل 11 “إسرائيليا”، واختطفت الجندي “شارون أدري” وقتلته، واستطاعت إخفاء جثته لمدة سبعة أشهر.

 

شبل الأسد
لم يهنأ “شبل الأسد” بطفولة مفعمة بالسعادة كغيره من أبناء جيله، “تقي جمال الهور”، ابن الثالثة عندما اعتقل والده، استيقظ على حياة لا يرى فيها والده، إلا عبر الأسلاك، ويداه مقيدتان.

“أجمل لحظات العمر عندما عشت لعامين ونصف مع والدي في سجن نفحة، في نفس الغرفة، والدي ينام في البرش الأرضي وأنا في البرش العلوي، (البرش هو سرير من حديد مخصص لأسير من طابقين)، أفتح عيوني فتشرق أنوار والدي البهية التي طالما اشتقت لها، ما كنت أتمنى أن يفرج عني من السجن، بل وددت لو أنني محكوم مثل والدي بالسجن المؤبد، كي أبقى بجواره وتكتحل عيوني برؤيته صباح مساء”.. كانت العبرات تغالبه بين اللحظة والأخرى، وهو يروي قصة أسره مع والده،  لكن رجولته وكونه شبل لأسد صوريف، فرضت عليه أن يبقى شامخا يعتز بجهاد والده وبطولته.

“تقي” (25 عاما)، يفخر اليوم بوالده المجاهد، (أحد أبرز قيادات الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال، هذا القائد الاستثنائي في كتائب القسام، الذي رفض الاحتلال قبول إدراج اسمه في صفقة وفاء الأحرار، كونه قائدا مؤثرا ملهما جامعا صامتا)، اختتم  حديثه لـ“المركز الفلسطيني للإعلام”، بالقول: “يوم الإفراج عني انتزعوني انتزاعا من بين أحضان والدي في سجن نفحة، وأنا ممسك بتلابيبه وأبكي وأصرخ، إما أن تبقوني عند والدي أو تخرجونه معي”.

الزوجة الصابرة
تفخر “أم تقي” أنها زوجة القائد في كتائب عز الدين القسام الأسير جمال الهور.. ففي منزلها في بطن الهوى بصوريف، تحدثت، لمراسلنا، وكلها ثقة بأن الله سينعم عليه بالفرج، بعد 22 عاما في الاعتقال، تقول: “لم أكتشف أبو تقي حتى الآن، لم أعرف كيف يفكر، ما هي آماله وآلامه؟، عشت معه نحو أربع سنوات ونيف منذ يوم زواجنا، قضى منها نحو عام في الاعتقال الأول، ومع ذلك فإنني أثق بكل خطواته الجهادية والنضالية والفكرية”.

وتتابع الزوجة الصابرة: “زرته قبل ثلاثة أشهر، زيارة أمنية خاصة، فنحن طوال فترة اعتقاله ممنوعون من الزيارة”، وتصف تلك اللحظات: نظرت إليه عبر الحاجز الزجاجي، وهو يبادلني النظرات بعيون زرقاء اليمامة، ويقول لي عبر الهاتف، “بتفرج يا أم تقي، لا بد لليل أن ينجلي، المهم أن تكوني دوما شامخة، كوني مع الله، كوني مع القرآن، لا تفارقي الدعاء”..  لم أنبس ببنت شفة في حضرته، كنت أريد أن أرتوي من ذاك الأسد  الشامخ بلحيته الجميلة الممزوجة ببعض الشيب”.
رجل قرآني

تقول “أم تقي”، إن زوجها رجل قرآني، حفظ القرآن الكريم كاملا داخل السجن، وحصل على شهادة السند الغيبي برواية حفص عن عاصم، مشيرة أنه بكل زيارة يوصيها: “كونوا مع القرآن .. كونوا من أهل القرآن وخاصته”.
  
وتضيف: “لقد درس زوجي التاريخ داخل السجن، وحصل على شهادة البكالوريوس من جامعة الأقصى بقطاع غزة، وله دور موجه داخل السجن، حيث يلقي المحاضرات والجلسات التعليمية والفكرية والسياسية”.  

الأسير الروائي
ليس من السهل الجمع بين لغة السنان ولغة القلم، وخاصة في حياة مجاهد عاش المقاومة ومطاردة الاحتلال، فلغة القلم والكتابة تحتاج الهدوء والسكينة، لكن الأسير الهور كسر كل هذه “التابوهات”، وانطلق من عتمة زنازين سجن “ايشل” و”نفحة”، روائيا مميزا أبهر النقاد والأدباء.

نسج الأسير “الهور” العديد من الروايات داخل سجنه، والتي حطمت الأسوار والأسلاك وخرجت إلى الفضاء الخارجي، تعبر عن مرحلة غامضة مغلقة، لكنها في الوقت نفسه كشفت عن وجدان صادق ووطنية منقطعة النظير، لارتباط الأسرى بوطنهم وقراهم رغم بعدهم عنها عشرات السنوات.

لقد صدع الأسير الروائي جمال الهور، بقلمه ليسحر وجدان الشعراء والأدباء والنقاد، إذ صدر له عن دار “أروقة للنشر” في عمان عدة روايات وهي: (رواية أعواد البرتقال، جمرات من عنب، نقاط وحروف، ورواية كوني أنت). 

والأسير “الهور” معتقل منذ تاريخ (12|4|1997)، ويقضي حكماً بالسجن المؤبد 5 مرات إضافة إلى 18 عاما، حيث اتهمه الاحتلال بالمسؤولية عن قيادة “خلية صوريف”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات