الأحد 12/مايو/2024

أطفال بلا مدارس.. هكذا تحارب إسرائيل التعليم في القدس المحتلة

أطفال بلا مدارس.. هكذا تحارب إسرائيل التعليم في القدس المحتلة

يتعرض قطاع التعليم داخل أسوار البلدة القديمة من القدس المحتلة لعملية استهداف مبرمج بهدف تفريغها من المدارس وخاصة في محيط المسجد الأقصى المبارك.

وقال مدير التعليم والتأهيل في القدس والمسجد الأقصى المبارك الدكتور ناجح بكيرات، إن هناك قرارا صهيونيا يقضي بتفريغ البلدة القديمة من المدارس وخاصة تلك المحيطة بالمسجد الأقصى والحي الإسلامي، حيث يوجد أكثر من ١٣ مدرسة معظم طلابها يعبرون المسجد ويتلقون التعليم فيها.

وأكد أن عدد الطلاب في هذه المدارس، انخفض نتيجة للقبضة الأمنية الصهيونية المشددة وحملة التخويف، إلى أكثر من ٤٠٪ .

وقال لـ “المركز الفلسطيني للاعلام”: “حكومة الاحتلال منذ العام ١٩٦٧ عشية احتلال القدس حاولت القضاء على التعليم الفلسطيني في المدينة، ولم تتمكن؛ لوقوف رجال أشداء في وجهها من بينهم الأستاذ الفاضل حسني الأشهب وغيره من الذين وقفوا في وجه شطب التعليم الأردني وفرض التعليم الصهيوني”.

استراتيجية المراحل

وأضاف أن المحاولات استمرت في العقود الماضية ولكن وفق استراتيجية المراحل، فبعد محاولات “قصقصة” وحذف المناهج الفلسطينية وإدخال المنهاج الصهيوني لبضع مدارس تابعة للبلدية، جاء ضخ الميزانيات والمخصصات للمدارس في ظل الأزمات التي تعيشها المدينة بعد جدار الفصل العنصري.

ولفت إلى أن الهجمة على التعليم الفلسطيني في القدس دخلت مرحلة الخطر منذ العام ٢٠١٤ عندما شكلت حكومة الاحتلال وحدة في المعارف والبلدية لتقوم بأسرلة التعليم في مدينة القدس وفي داخل البلدة القديمة ومحيطها من أجل تنفيذ الخطة التي تهدف للسيطرة عليها بالكامل، وإخراج المدارس الفلسطينية منها لتفريغ الطلاب في مدارس القرى والأحياء المحيطة.

وأكد بكيرات أنه منذ البداية شدّدنا على ضرورة بقاء التعليم الفلسطيني في القدس والبلدة القديمة، قائلا: “كان وما زال القرار أن يبقى تعليماً فلسطينيا يحمل الهوية العربية الإسلامية، ويجب إبقاء الطلاب في البلدة القديمة ومحيطها، وكذلك التجار والحفاظ على أهل البلدة القديمة ونحافظ على مركزنا وقبلتنا الأولى وأسواقنا التاريخية ووجودنا الأصيل فيها”.

تفريغ البلدة القديمة

وكشف بكيرات عن قرار من حكومة الاحتلال يقضي بتفريغ البلدة القديمة من المدارس وخاصة تلك المحيطة بالمسجد الأقصى المبارك والحي الإسلامي، حيث يوجد أكثر من ١٣ مدرسة معظم طلابها يعبرون المسجد من أبوابه كافة، ويتلقون التعليم في ساحاته، ويصلون فيه وخاصة المدارس الشرعية للبنين والبنات.

وحذر بكيرات من خطورة تفريغ سلطات الاحتلال لمركز القدس وجوهرها، وهي البلدة القديمة التي تمثل قلب المدينة والأسواق التاريخية والمدارس القديمة ومهد المقدسات الإسلامية والمسيحية فيها المسجد الأقصى المبارك وكنيسة القيامة.

وكشف بكيرات عن محددات الخطة الصهيونية قائلا: “هي تعمل على ثلاثة محاور لتهويد البلدة القديمة وتفريغها من المدارس التي تمثل القلب النابض والرافد للأسواق والمسجد الأقصى، عبر تحويل البلدة القديمة إلى ثكنة عسكرية، ونشر الجنود وأفراد الشرطة على أبواب البلدة والمسجد المبارك، وأنشأت في داخلها ١٥ مخفرا ونقطة لتجمع أفراد الشرطة والقوات الخاصة وحرس الحدود”.

وأضاف أنه منذ العام ٢٠١٤ ونحن نشهد تسارعا في المشهد الأمني والعسكري في البلدة القديمة بشكل كبير ومكثف حيث اختفت معالم السوق التي كانت تملأ أجواءه رائحة النعنع ليحل مكانها رائحة البارود في باب العمود، ورائحة الرصاص والغاز المسيل للدموع، وأصبح الطلاب يصلبون على أبواب البلدة القديمة وأبواب الأقصى في عملية همجية إرهابية للطلاب والطالبات وأهاليهم.

وأشار إلى أن ذلك أفزع الكثير من الأهالي الذين لمسوا الخطر يتهدد أولادهم وبناتهم بعد استشهاد العديد من الشبان على أبواب المدينة في هبة الأقصى الأخيرة.

وأضاف أن هذا تجلى بوضوح بعد أحداث المسجد الأقصى وفشل سلطات الاحتلال في فرض البوابات الإلكترونية على أبواب المسجد.

وأكد مدير التعليم والتأهيل في القدس أن نسبة تراجع عدد الطلاب والطالبات الذين يتلقون التعليم في البلدة القديمة بلغت أكثر ٤٠٪ خلال العامين الماضيين فقط.

وأوضح بكيرات: “في البلدة القديمة ١٣ مدرسة، منها ثلاث مدارس داخل المسجد الأقصى المبارك، جزء منها تابع للأوقاف الإسلامية والتعليم الشرعي مباشرة والباقي للأوقاف، ولكن تتبع وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، كذلك هناك العديد من المدارس الخاصة وأخرى تابعة للكنائس مثل المدرسة اللوثرية والقبطية ومار متري وغيرها التي شهدت تراجعاً كبيراً أيضاً في عدد الطلاب”.

العامل الأمني

وأضاف أن التراجع يعود للعامل الأمني “الإسرائيلي” الذي أشعر وأوهم الأهالي وبث الرعب فيهم أن أولادهم في خطر كبير في ذهابهم اليومي للمدارس داخل البلدة القديمة في ظل الأوضاع والقبضة الأمنية الصهيونية التي تمنع أي نشاط أو أي تحرك أو حتى تخريج لروضة أطفال، تعدّه سلطات الاحتلال عملا منظما من السلطة الفلسطينية، أو نشاطا مناهضا للاحتلال فيتم اقتحام المدارس أو منع النشاط المدرسي.

أما العامل الثاني، فهو وقف نمو وتطور وتوسيع وتحديث المدارس التاريخية العريقة في البلدة القديمة، وحجب الخدمات عنها، فالكتب لا تدخل دون موافقة صهيونية، وترميم أو تجديد أي مدرسة، البلدية وأجهزتها بالمرصاد بالمنع والمخالفات.

أما العامل الثالث، فكان عمليات فرض المنهاج الصهيوني عبر التراخيص والموازنات والمختبرات والتسهيلات التي تقدم لمن يخرج، وبث دعاية بين المعلمين والمدراء والمختصين في التعليم أن البلدة القديمة ليست مكانا للتعليم، فالتعليم يتم في أقرب مدرسة لك في الحي أو القرية.

توجه صهيوني

وأوضح بكيرات أن هذا التوجه الصهيوني المدروس يعمل ضمن خطة يجري تنفيذها بشكل محكم، في ظل الأزمات التي يعيشها التعليم الفلسطيني في القدس وضواحيها من نقص في الغرف الصفية إلى الرواتب والمناهج.. الخ، هذا إلى جانب الأزمات الصباحية في المدينة المقدسة التي حرمت من أهم الخدمات كالمواقف والخدمات العامة والبنى التحتية التي تضغط حتى على سكان البلدة القديمة للخروج منها.

وأضاف أن هذه الخطة لها انعكاسات كبيرة وخطيرة على المسجد الأقصى المبارك ورواده وشبابه، وكذلك على الأسواق التاريخية كسوق البازار وسوق العطارين وسوق اللحامين الذي تم إغلاق معظم المحال التجارية فيه.

وناشد بكيرات الجهات الفلسطينية المعنية بالتعليم الفلسطيني بالقدس أن تعي حجم المؤامرة التي تستهدف هذا القطاع، وفي البلدة القديمة تحديداً، في هذه المرحلة بالذات وفي خضم الصراع على هذا الكيلومتر المربع الوحيد الذي يضم أقدس المقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين.

تهويد التعليم

بدوره، قال مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين، إن تهويد التعليم كان وما زال هدف الاحتلال، لذلك علينا أن نبذل جهودا مضاعفة للحفاظ على التعليم في القدس وخاصة في البلدة القديمة حتى يبقى أبناؤنا وبناتنا مرتبطين فيها، وبمقدساتها وبمنهاجنا وثقافتنا وقيمنا وعقيدتنا، وبتاريخ المدينة المقدسة.

وأضاف لـ “المركز الفلسطيني للاعلام”: “لن نسمح بحال من الأحوال للمخططات الصهيونية أن تمر على قدسنا ومقدساتنا، هم يحاولون تهويد وتجفيف التعليم والصحة والحياة الاجتماعية والاقتصادية في البلدة القديمة ومحيط المسجد الأقصى المبارك بهدف دفع أهل المدينة للهجرة وتركها، وهذا لن يمر ولن يكون”.

وتابع: “هذه قضية خطيرة تحتاج الى انتباه ووعي وجهود مضاعفة للمحافظة على مرافق الحياة كافة في البلدة القديمة، وتعزيزها وقطع الطريق على مخططات الاحتلال ليستمر الوجود والحياة الفلسطينية في المدينة المقدسة والمسجد الأقصى ومحيطه”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات