عاجل

الجمعة 03/مايو/2024

الأونروا .. هل يغيب شاهد النكبة عن مخيمات الضفة؟

الأونروا .. هل يغيب شاهد النكبة عن مخيمات الضفة؟

في زقاق حارة العريقاوية -كما يسميها سكان مخيم الفوار جنوبي الضفة الغربية- تتكىء العجوز الثمانينية أم شحدة البدوي على عكازة قديمة من شجر البلوط كانت لوالدها الذي هاجرت برفقته من بلدة عراق المنشية عام 1948م .. قدم هذه العكازة وتشققاتها وعُقدها تشير إلى تاريخ بائس حمل في طياته الألم والفراق.

عراق المنشية شاهدًا 

ولأن العكازة من ريحة البلاد -كما تقول أم شحدة- يتوارثها كبار السن وتبقى شاهدًّا حيًّا على ربوع وهضاب وتلال وأشجار بلدة عراق المنشية التي تقع إلى الشمال الشرقي لمدينة غزة، وتبعد عنها نحو 32 كيلومترًا. 

عكازة أم شحدة البدوي تساعدها في الوصل إلى عيادة المخيم التي تبعد عن بيتها نحو 480 مترًا داخل أزقة القديمة التي تكسوها الحفر؛ حيث تحصل على وجبة دواء شهريًّا على حساب بطاقة التموين التي أصدرتها لها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين. لكن أم شحدة في حالة غضب وتضرع إلى الله بالدعاء والانتقام من الدول الكبيرة -حسب تعبيرها- وكذلك “إسرائيل”، الذين تآمروا عليها وعلى المرضى، فقلصوا الدواء وكمياته. 

تقول أم شحدة، في حديث خاص بالعامية، لمراسلنا: “يمه أنا عيانة ومريضة.. وما بنام الليل من الوجع، معي ضغط، وسكري، وقصور في القلب، ورفة في الأعصاب، وألم في الساقين.. كنت آخذ ستة أنواع دواء.. بأمشي على العيادة وبأرتاح على جنب الشارع ثلاث مرات، وبعد ما أصل للعياده بقولولي يا حجة ما في الصيدلية التابعة لعيادة الوكالة إلا نوعين دواء والباقي مش موجود.. الوكالة ما جابته!، والغريب إن الدواء الغالي مش موجود!، والرخيص موجود.. حسبنا الله على أمريكا و”إسرائيل” اللي طردونا من بلادنا وخلونا شحادين!”.

المخيم و”الأونروا” توأمان

ويبدو أن المخيم ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) توأمان شاهدان على نكبة الشعب الفلسطيني، كما يقول المربي المتقاعد عفيف غطاشة، رئيس اللجنة الشعبية في المخيم؛ حيث يشير إلى أهمية وجود مركز خدمات إغاثة السكان في المخيم، وضرورة استمرارها كشاهد حي على نكبة هؤلاء المهجرين الذين لا يزالون ينتظرون العودة إلى قراهم وبلداتهم التي هجروا منها عام 1948م.

ويقول غطاشة، في حديث خاص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “لقد كان هناك مؤامرة دولية على نكبتنا وإخراجنا من أرضنا وبيوتنا ورمينا في العراء، ومن ثم إسكاننا في خيام.. واليوم تتكرر نفس المأساة في وقف تقديم الخدمات لنا كلاجئين كي نتنازل عن حقنا؛ فقد بات واضحًا أن ثمة مؤامرة تقودها أمريكا و”إسرائيل” لتقليص خدمات وكالة الغوث التي طالت قطاع الصحة والتعليم وتوزيع المؤن والغذاء والملابس.. كل ذلك بدأ يتراجع وأصابه النقص، وبعض الخدمات توقفت منذ سنوات، وهذه مؤامرة لإنهاء آخر أثر للنكبة”.

التقليصات سياسية

ويرى الناشط الاجتماعي أحمد العمصي، الذي هجر والده من بلدة تل الصافي عام 1948م ويسكن حاليًّا في مخيم الفوار، أن ما يجري من تقليصات لخدمات وكالة الغوث مؤامرة سياسية وليس نقصًا في الأموال، بهدف الضغط على الشعب الفلسطيني ليسلم بإلغاء حق العودة والقبول بسياسة الأمر الواقع وبقاء اللاجئين الفلسطينيين في الشتات والمنافي”.

وأضاف لمراسلنا: “مشاريع تقليص الخدمات قديمة جديدة؛ فقد عرض علينا مرارًا التوطين وترك المخيم والتنازل عن بطاقاتنا الصادرة من وكالة الغوث لإنهاء أي أثر للنكبة، لكننا رفضنا دومًا.. واليوم يعمل الأمريكان والصهاينة على خنقنا من خلال تقليص الخدمات على طريق الإلغاء الكامل لتصفية ما تبقى من خدمات ومعالم للنكبة. ومن يحتاج إلى علاج في المستشفى يُحول”.

الخدمات التي تقدم

ويكشف المربي المتقاعد عبد الهادي منصور، المنحدر من بلدة بيت جبرين غربي الخليل، طبيعة الخدمات التي كانت تقدمها وكالة الغوث فيقول: “تتقاضى الأسر الفقيرة حسب الكشف الاجتماعي لمكتب الوكالة في محافظة الخليل، حصة غذائية شهرية من طحين وأرز وسكر وزيوت نباتية ومعلبات، وفي الشتاء أغطية وملابس، إضافة إلى خدمات التعليم؛ حيث يتعلم أبناؤنا في مدارس الوكالة من الصف الأول الابتدائي وحتى الثالث الإعدادي، أي طيلة 9 سنوات مجانًا؛ فهي توفر لهم الكتب والقرطاسية، ومن ثم هناك تعليم أكاديمي بعد الثانوية العامة في معهد المعلمين في رام الله تقدم فيه الخدمات التعليمية مجانًا”.

ويضيف منصور لمراسلنا: “كذلك هناك خدمات صحية وعيادات تقدم العلاج والدواء ومن يحتاج إلى مستشفى وعلاج يحول إلى المستشفايات الخاصة، وتتكفل وكالة الغوث بتغطية 70% من التكاليف.. كل ذلك بدأ يتقلص ويتراجع وبعضه ألغي تمامًا، وهناك آلاف الوظائف في قطاع التعليم والصحة؛ حيث يوظف فيها من هم لاجئون فقط ويحملون بطاقة وكالة الغوث، لكن هذا القطاع شهد فصل المئات من الموظفين وإلغاء عقودهم وتقليص خدماتهم، الأمر الذي رفع من نسب البطالة في صفوف اللاجئين”.

مخيمات الضفة

وتقدم وكالة الغوث خدماتها لعشرين مخيمًا من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية، وهي: “مخيمات الأمعري، والجلزون، وقدورة، ودير عمار في رام الله  ومخيمات الدهيشة، والعزة، وعايدة، في بيت لحم، ومخيمي العروب، والفوار في الخليل، ومخيمات بلاطة، وعسكر، وعين بين الماء، والفارعة، في نابلس، ومخيمي طولكرم، ونور شمس، في طولكرم، ومخيم جنين، ومخيمي شعفاط،  وقلنديا في القدس المحتلة، ومخيمي عقبة جبر، وعين السلطان في أريحا”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات