عاجل

الجمعة 03/مايو/2024

هل تتدحرج أزمات غزة إلى حرب شاملة؟

هل تتدحرج أزمات غزة إلى حرب شاملة؟

كل شيء على الأرض يشير إلى أن المزيد من الأزمات في طريقها إلى غزة، يريد منها الاحتلال وشركاؤه قطع أيّ أمل في الحياة الكريمة، وإحالة المعاناة أمرًا واقعًا؛ بدءًا من الأزمة الاقتصادية وحركة العمل والرواتب والحصار وصولاً إلى التلويح بالعدوان.
 
وكان قادة الاحتلال قد ركّزوا في أحاديثهم الإعلامية في الآونة الأخيرة على سياسة العدوان الميدانية والأمنية التي تتلخّص في (خنق) غزة وإضعافها قبل شنّ عدوان لإسقاط المقاومة.
 
نجم العرض الإسرائيلي الأول في سياسة (خنق) غزة الحالية كان (أفيغدور ليبرمان) وزير الجيش الذي قال إن الاحتلال يمارس الضغوط بالحد الأقصى ضد القطاع قبل ما أسماها “المعركة الشاملة”.

وزعم أنه وحتى نهاية عام 2018 سيقضى على الأنفاق الهجومية بغزة، التي تملكها حماس، وفق ادعائه متابعًا: “لا أعتقد أن حماس معنية بالحرب.. استراتيجيتنا واضحة؛ نحن نمارس ضغطا بالحد الأقصى على حماس قبل المعركة الشاملة”.
 
وفي ظل العمل المتواصل على استهداف الأنفاق، ومواصلة بناء الجدار على السلك الفاصل، وتشديد الخناق من حول غزة، يتحدث الاحتلال عن ستة أشهر لإزالة خطر الأنفاق قبل بدء العدوان.
 
وشنت قوات الاحتلال ثلاث حروب على غزة (2008-2009، 2012، 2014) أدت إلى استشهاد قرابة 4500 فلسطيني وإصابة عشرات الآلاف، فيما دمرت خلالها قرابة 150 ألف وحدة سكنية بشكل كلي أو جزئي، إضافة للتدمير الواسع في المنشآت والبنى التحتية.

قضم القوى
بين شوارع غزة تنمو الأزمات بمرحلة (لا سلم ولا حرب) وسط تواطؤ الإقليم من حولها وتعثر المصالحة بين حماس وفتح التي تصر على مواصلة التسوية رغم انكفاء الاحتلال عليها.

الخبير الأمني محمود العجرمي يؤكد لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أن الاحتلال يتبع مؤخراً سياسة (قضم القوى) واستنزاف المقاومة ما بين حربين وهو تكتيك عسكري وأمني مشهور بين الخصوم بهدف استنزاف وإضعاف الطرف الآخر.

وتعرضت غزة لقصف متكرر في الشهرين الماضيين، طال مواقع وأنفاق للمقاومة، ردا على مزاعم صهيونية بسقوط قذائف في غلاف غزة، فيما تسابق آليات الاحتلال الزمن في بناء الجدار الأسمنتي الفاصل على الحدود.
 
ويضيف العجرمي: “هذا ما يحدث دائماً بين حربين لمنع المقاومة من مراكمة القوى أو استعادتها حتى لا تتجهّز للمعركة القادمة، وإسرائيل تتبع ذلك من عام 2006 وحتى 2018 والمقاومة مستهدفة إسرائيليًّا، وتسخر لها إسرائيل جهودا استخبارية كبيرة”.

(ليبرمان) لم يكن وحده الذي لوح بالعدوان، فقد سبقه وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي (غلعاد أردان)، الذي قال:”حماس ستتعرض لضربة تفقدها السلطة بغزة؛ إن كررت أخطاءها تجاهنا”.

كما تحدث وزير زراعة الاحتلال (اوري ارئيل) عن توجيه ضربة قاصمة لرؤساء حماس و(المقاومة).
 
وبدا واضحاً أن الاحتلال يشن بين أسبوع وآخر سلسلة غارات على ما يزعم أنها أنفاق ومواقع للمقاومة كان آخرها نفق قرب معبر (كرم أبو سالم) وقد بلغ عدد الأهداف التي قصفها منذ نهاية أكتوبر الماضي حسب راصد ميداني أكثر من (44) هدفاً للمقاومة.
 
ويقول اللواء واصف عريقات الخبير العسكري، إن الاحتلال في المرحلة الحالية يركز في بنك أهدافه على النيل من الأنفاق لكنه يضع أيضاً القيادات العسكرية في أولوياته وكذلك النخب، خشية عمليات خلف خطوطه إذا اندلعت الحرب.

الفشل في تطويع الإرادة الفلسطينية يدفع الاحتلال حسب رؤية الخبير عريقات لاستخدام أساليب العقاب الجماعي على المدنيين؛ ليزداد الضغط على المواطن العادي وهذا فصل إفلاس يتوقع فشله.

ويتابع: “أزمات الحياة والعدوان العسكري الذي يطال أهدافا محددة الآن دليل عجز، وواقع غزة صعب، لكنه لن يميل لصالح الاحتلال، فسلوكه اعتراف ضمني بتفوق صمود غزة”.
 
كابوس الأنفاق
 الطريق إلى إسقاط غزة في الوعي الإسرائيلي يبدأ من تبديد كابوس الأنفاق التي استخدمتها المقاومة وسددت من خلالها ضربات استراتيجية في العمق والأمن الإسرائيلي من عام (2006-2014) ومنها تمكنت من اختطاف جنود وشن عمليات نوعية.

يقول الخبير العجرمي إن الاحتلال مهتم في ظل سياسة الخنق الحالية بكشف الأنفاق ومصانع ومخازن القذائف، وقد أفرد في الشهور الماضية وحدة خاصّة بمعدات متطورة لكشف الأنفاق واستهدافها.
 
ويتابع: “الأنفاق خطر استراتيجي على الاحتلال، وقد تأكد أن قتاله حسب التقارير الرسمية كان في الحرب الأخيرة قتال أعمى أمامها، وتقرير مراقب الدولة شابيرا أوضح أن مركز ثغرات نتنياهو جانتس ويعالون في الحرب كان في ملف الأنفاق”.
 
الجبهات مع (إسرائيل) ساخنة طوال عام (2017)، فقد نفذ أحد عشر مناورة ركزت على تسلل مقاتلين للداخل، وظهور مقاومين من أنفاق وقتال شوارع وضربات خاطفة لقرى وبلدات تحاكي تجمعات بغزة وجنوب لبنان.

البنية التحية
رصيد المقاومة وكنز القوى يكمن في جبهتها الداخلية التي أظهرت تعاطفاً وتعاوناً طوال الجولات الماضية منذ بدأت الحروب والحصار عام (2006-2018).
 
ويشير الخبير العجرمي أن قطاع غزة ساقط من زاوية عسكرية، فهو لا يضم تضاريس وعرة تساند المقاومة، ولا يملك خطوط إمداد، والاحتلال يحاول تسجيل هزيمة سياسية بشن عدوان ليغير واقع غزة ويستعيد جنوده الأسرى.

ويمر العمل العسكري عادةً بثلاث مراحل، أولها العمل الإداري لفرض الاستسلام وكسر الإرادة من خلال الحرب النفسية، وثانياً توجيه ضربات صادمة، وقد عاشت غزة تجارب صادمة أشهرها قصف حرب 2008 في يومها الأول، وأخيراً شن الهجوم واتباع سياسة الأرض المحروقة.

ويتابع العجرمي: “حتى الآن واقع الدول المنزعج من موقف ترمب المعزول تجاه القدس لا يخدم الاحتلال لشن حرب، لذا سنعيش مرحلة استنزاف تركز على إمكانات المقاومة وحركات التحرير، معارك إرادات ومعارك معنوية لمراكمة نقاط القوة وليست لحسم ميداني شامل”.

أما الخبير عريقات في حديثه لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” فيقرأ المرحلة الحالية بأنها انشغال إسرائيلي في ضرب البنية التحتية وتفجير الشارع في وجه المقاومة، مع إبقاء المطرقة فوق رأس غزة ضمن سياسة التنقيط في القصف.
 
وما بين سياسة الخنق والتلويح بالعدوان ثمّة محاولات إسرائيلية لا يجب إغفالها تتعلق بمخطط خلط الأوراق بين غزة ومصر، والاستفادة من وجود متطرفين في سيناء لإضعاف قوة المقاومة على حدود مصر، حسب مراقبين.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات